الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 24 نيسان 2022. موعظة الأحد الثاني من زمن الفصح

2022-Apr-24 | عظات | 262

أع 4، 32- 35       1 يو 5،1- 6        يو 20، 19- 31

 

في ليلة الفصح حيث يصدو إعلان القيامة «المسيح قام»، فرحنا كبير ونعبر عنه من خلال الأناشيد والترانيم. فرح الخلاص، فرح عطاء الروح القدس وفرح غفران الخطايا! لا شك بأن القيامة هي قبل كل شيء بشرى سارّة يتم نقلها من جيل إلى جيل لكنها تستند بالطبع على الإيمان. بالمقابل الإيمان لا يقصي الشك.

شك الشهود الأوائل؛ ويوحنا الإنجيلي يضع في روايته للقيامة موضوع الشك في شخص توما التلميذ. شك لدى جميع الأجيال. في الواقع، إذا كان الشك قد دخل في حياة الشهود الأوائل، فلدينا سبب إضافي بأن نشك في القيامة. فهل هي مجرد أسطورة؟ ما قيمة شهادات الإنجيليين؟ وبشكل خاص عندما يجتاح عالمنا اليوم كل من العنف والألم.

منذ ألفي سنة تبدو رسالة الفصح والقيامة على أنها لم تغيّر عالمنا أبداً. مع التلاميذ الاثني عشر وتوما يمكننا أن نرى كيف يدخلنا القائم من بين الأموات في سر قيامته. لقد اعتبرنا خلال فترة طويلة أن توما هو ركز للشك والشكاكين. بعض المقاطع من الإنجيل تبين لنا توما بأنه يفهم دائماً متأخراً وأنه بحاجة للشرح.

ولكن أن نرى فيه إنسان معاصر لا يؤمن إلاَّ بما يرى هذا أقرب إلى الكاريكاتير. نص إنجيل اليوم يوضح لنا كيف أصبح توما إنسان مؤمن في الحقيقة.

بما أنه كان غائباً لدى ظهور القائم من الموت، كان على توما أن يثق بشهادة التلاميذ الذين قالوا له: «لقد رأينا الربّ». بالنسبة له كما بالنسبة لنا، في الواقع نصل إلى المسيح القائم من الموت من خلال شهادة الكنيسة وصوت بولس الصارخ على طريق دمشق يقول الأمر عينه: «أنا يسوع الناصري الذي تضطهده».

بشكل دقيق يمكننا القول بأن بولس لا يضطهد المسيح، بل الكنيسة، لكنه يكتشف ما سيشكل إحدى المحاور المهمة لتفكيره اللاهوتي وهو أن المسيح والكنيسة لا يمكن فصلهما عن بعض. بينما توما يرفض أن يبني إيمانه على خبرة الآخر. إنه يريد تأسيس إيمانه على خبرته الشخصية مباشرة وبدون أي وساطة.

لذلك يبحث توما عن برهان حسيّ يؤكد ما سمعه: يريد أن يرى ويلمس. فقط التحقيق الاختباري يقنعه. يريد أن يتأكد بأن ما رأه التلاميذ هو بالفعل المصلوب والحي من جديد وأنهم ليسوا ضحية هذيان جماعي. أخيراً، إذا كان الشك حاضر في بداية لقاءه مع القائم من الموت، فسرعان ما عبر توما من النظر إلى الإيمان.

لم يضع يده في جروح المسيح خلافاً للكثير من اللوحات الفنية وغيرها، لأنه لا يمكن وضع اليد على الإلهي. فجسد المسيح الممجد لا يخضع لحواسنا، كما الله أيضاً. فما من أحد رأى القيامة بعينيه. يضع يسوع توما على طريق معرفته: «كفى بقاءً خارج الإيمان. أدخل فيه يا توما». توما يرى آثار موت يسوع بقوله: «ربّي وإلهي»، إنه يعترف منذ الآن بأن المصلوب هو في المجد.

من خلال الجروح المرئية من جنب يسوع المفتوح يدخل توما في الناحية الغير مرئية للمسيح الممجد، الذي كان في البدء عند الله وكان الله والذي عاد نهائياً إلى الآب. والزمن بين الفترتين، زمن التجسد، كان بالنسبة لنا الصورة المرئية لله. في النهاية بالنسبة ليوحنا الإنجيلي هناك طريقين للوصول إلى المسيح: طريق التلاميذ وتوما الذين عادلوا القائم من الموت مع المصلوب والذين بقوة الروح القدس شهدوا لخبرتهم ونقلوا الآيات التي قام بها لكي نؤمن بأن يسوع هو المسيح ابن الله.

وطريقنا نحن مسيحيي الجيل الثاني إن صح التعبير، حيث يستند إيماننا على شهادات الشهود الأوائل والذين «آمنّا دون أن نرى»، لكن يعود إلينا أن نُظهر قوة القيامة في هذا العالم: أولاً بمعرفتنا بأنه بقوة الروح القدس نستطيع أن نُعلن للعالم بأن المسيح حيّ، وبعيشنا لحب المسيح في جماعاتنا وفي عالمنا.

ثانياً بالرغم من حضور آثار الموت التي لا يزال يحملها العالم اليوم، المجروح من الحروب، والعنف وعدم العدالة، أن نكون شهود ناشطين للرجاء، واثقين أن الكلمة الأخيرة لن تكون لا للشر ولا للموت، لكن طالما هناك إنسان واحد لا يزال يتألم لن نكون مطمئنين. نعم قيامة المسيح تسجل لحظة لا يمكن الرجوع عنها في تاريخنا، لكن في الوقت نفسه، نحن مدعوين أن ننشط عملياً في تاريخنا قوة الحب التي شهدت وتشهد لها القيامة.

 

SHARE