الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 10 تموز 2022. موعظة الأحد الخامس عشر من الزمن العادي

2022-Jul-10 | عظات | 289

تث 30، 10 – 14    كول 1، 15 – 20   لو 10، 25 – 31

 

وإذا أحد علماء الشريعة قد قام فقال ليحرجه: « يا معلم، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟ » فقال له: «ماذا كتب في الشريعة؟ كيف تقرأ؟» فأجاب: «أحبب الرب إلهك بكل قلبك، وكل نفسك، وكل قوتك، وكل ذهنك وأحبب قريبك حبك لنفسك». فقال له: «بالصواب أجبت. اعمل هذا تحي». فأراد أن يزكي نفسه فقال ليسوع: «ومن قريبـي؟». فأجاب يسوع: « كان رجل نازلا من أورشليم إلى أريحا، فوقع بأيدي اللصوص. فعروه وانهالوا عليه بالضرب. ثم مضوا وقد تركوه بين حي وميت فاتفق أن كاهنا كان نازلا في ذلك الطريق، فرآه فمال عنه ومضى وكذلك وصل لاوي إلى المكان، فرآه فمال عنه ومضى ووصل إليه سامري مسافر ورآه فأشفق عليه، فدنا منه وضمد جراحه، وصب عليها زيتا وخمرا، ثم حمله على دابته وذهب به إلى فندق واعتنى بأمره وفي الغد أخرج دينارين، ودفعهما إلى صاحب الفندق وقال: « اعتن بأمره، ومهما أنفقت زيادة على ذلك، أؤديه أنا إليك عند عودتي ». فمن كان في رأيك، من هؤلاء الثلاثة، قريب الذي وقع بأيدي اللصوص؟  فقال: «الذي عامله بالرحمة». فقال له يسوع: «اذهب فاعمل أنت أيضا مثل ذلك» 

الموعظة

مع السامري الصالح، يُفتح باب كبير جداً: يمكن للقريب أن يكون أي إنسان دون أن تميز بالقرب الجغرافي، أو قرابة دموية، أو عرقية أو دينية، الخ. من هو قريبي يسأل عالم الشريعة؟ الجواب مُعطى في النهاية: قريبك هو من يأتي إليك لمساعدتك.

السامري الذي لا اسم له، مُعرَّف فقط على أنه إنسان له «بالقرب منه وفي فَمِه وفي قَلبِكَ» الكلمة التي يجهل شكلها الكتابي والتي تُلخص بوصية الحب، هذا الحضور المحب الدي يريد للآخر أن يحيا، كما هو وأن يكون سعيداً. الجريح مجهول، لقبه الوحيد إن صح التعبير هو أنه بحادة إلى المساعدة. والسامري يجعل من نفسه قريب، والمسيح يدعو عالم الشريعة ليعمل مثل هذا السامري.

أن تعلم الشريعة أمر حسن، أن تعيشها هو أفضل. وهذا ليس من مجال الرفاهية إن صح التعبير. أعمل هذا تحيا يقول له يسوع. أن نحي الآخر يجعلنا نحيا نحن أيضاً. كل إنسان، أياً كان، حتى ولو كان بعيداً عنا بثقافته وقيمه الأخلاقية، يصبح قريبنا عندما نقترب منه. فالقريب ليس فهوم جامد، موجود مسبقاً، إنه ثمر انتقال من قبلنا، بجون اهتمام بالمقابل، بما أن هذا الحب يتميز بمجانيته.

السامري في إنجيل اليوم يطلب الحياة لإنسان مجروح، باعترافه به. نحن نعلم أن المسيح يحتل المركزين الأساسيين في إنجيل اليوم. أولاً، يجعل من نفسه قريب عالم الشريعة وهو بعيد عنه كثيراً. هذا الإنسان يسأل يسوع لا بهدف خلق علاقة معه، إنما ليحرجه يقول النص. ومع ذلك، يسوع جاهز للحوار ويعطيه شرحاً ومثل.

يسأله ويدفعه للكلام لكن لا ليحرجه بل ليعلمه، ليعتني به إن صح التعبير. من هنا، يسوع هو مسبقاً في وضع السامري الصالح، لا بل أكثر من ذلك، إنه، بالنسبة لنا الغريب بامتياز يأتي من بعيد لا بل من الله. بار أتى لدى الغير عادلين ليأخذ على عاتقه عدم عدالتهم، إنه هو من يقوم بالتنقل الكبير ليجعل من ذاته قريبنا.

إنه الكلمة التي تأتي لتسكن في فم وقلب البشرية كما سمعنا في رسالة اليوم. على مسار العلامات التي يعطيها، يكشف عن ذاته ويكشف لنا الله، على أنه من يشفينا، ساكباً على جراحاتنا الزيت والنبيذ. الفندق حيث قاده السامري يذكرنا بتلميذي عماوس، إعلان عودته يتحدث عن مجيئه في المجد، عندما يدفع كل ديوننا.

فنحن مدعوين إذن، على مثال عالم الشريعة، أن نعمل بالمثل: «فلْيَكُنْ فيما بَينَكُمُ الشُّعورُ الَّذي هو أَيضاً في المَسيحِ يَسوع» (فيل 2، 5). فالروح المُعطى لنا يمكنه أن يجعل منا قريب كل إنسان مجروح. «كنت جائعا وأعطيتني طعاما (...)، مريضاً فزرتموني (...)». ومرة أخرى: مصلوب، مثقوب ووجهت عينيك إليّ.

عرَفَ المسيح نفسه مع جميع ضحايانا، وضحايا سوء الحظ، والمرض، والكوارث. وبجعلنا قريبي هؤلاء الناس، نصبح قريبين له. المحبة التي أتت به إلينا يمكنها الآن أن تجلبنا إليه، هذه المحبة التي تسمى الروح. نحوه، ولكن فقط من خلال الآخرين. وهكذا، في النهاية، تندمج محبة الله «من كل قلبه، وروحه كلها، وبكل قوته» مع محبة المسيح ومحبة كل من نلتقي بهم في الحقيقة ويحتاجون إلينا.

واحد يمر من خلال الآخر. لا يزال هناك شيء واحد مفقود: أحبب قريبك كنفسك. هذا يعني أنه لا يمكنك أن تحب الآخرين دون أن تحب نفسك. قبل كل شيء، لا نحتقر أنفسنا أو أجسادنا أو أذهاننا. فلنقتدي بالله الذي يريدنا ويحبنا كما نحن. محبة الله، محبة المسيح، محبة الآخرين، حبنا لأنفسنا، كل هذه المصطلحات قابلة للتبادل، على الأقل عندما يتعلق الأمر بالحب الحقيقي. نحن لا نحب أنفسنا أبدًا بقدر ما نحب عندما نجعل الآخرين أقرباء لنا.

SHARE