موعظة يوم الأحد 7 آب 2022. موعظة الأحد التاسع عشر من الزمن العادي
حك 18، 6 – 9 عب 11، 1 – 19 لو 12، 35 – 40
"لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة، وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم طوبى لأُولِئكَ الخَدَم الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين. الحَقَّ. أَقولُ لكم إِنَّه يَشُدُّ وَسَطَه ويُجلِسُهُم لِلطَّعام، ويَدورُ علَيهم يَخدُمُهم. وإِذا جاءَ في الهَزيعِ الثَّاني أَوِ الثَّالِث، ووَجدَهم على هذِهِ الحال فَطوبى لَهم. وأَنتُم تعلَمونَ أَنَّه لْو عَرَفَ رَبُّ البَيتِ في أَيَّةِ ساعَةٍ يأتي السَّارِق لَم يَدَعْ بَيتَه يُنقَب. فكونوا أَنتُم أَيضاَ مُستَعِدِّين، ففي السَّاعَةِ الَّتي لا تتَوقَّعونَها يَأتي ابنُ الإنسان".
الموعظة
القراءات الثلاث التي سمعناه اليوم تتحدث لنا عن ضرورة استباق ما سيحصل، وأن نعيش اليوم على ضوء الآتي. لهذا السبب نحن بحاجة إلى يقين، وهذا اليقين يُدعى الإيمان. فالإيمان ينقلنا مسبقاً إلى نهاية مسيرتنا. هكذا رتل العبرانيون مجد الله من أجل تحرر فصحي لم يتم بعد، لأنه كان لديهم اليقين والثقة بإتمام الله لوعده. «كُلُّ شَيءٍ تَطلُبونَه في الصَّلاة، آمِنوا بِأَنَّكم قد نِلتُموه، يَكُنْ لَكم» (مر 11، 24).
بمجرد أن نطلب بالإيمان مستندين على وعد الله، فقد تم الإصغاء إلينا، حتى ولو ما قد أُعطي لنا لم يظهر بعد. هذا ما يسمح لنا بعمل الشكر لله. والرسالة إلى العبرانيين كُتبت على أساس هذا الاستباق الذي يُدعى الإيمان. إنها تتحدث عن مدينة، عن وطن «إِنَّ الَّذينَ يَقولونَ هذا القَول يَدُلُّونَ على أَنَّهم يَسعَونَ إِلى وَطَن». والإنجيل يتحدث لنا عن عودة المعلّم، وسفر الحكمة عن «خلاص الأبرار».
هذا يعني أن هذه القراءات تتحدث لنا عن القيامة، عن انتصار الحياة على الموت. والمسيح، في عشاءه الأخير يشكر أباه السماوي عن قيامته قبل عبوره من الموت. والإفخارستيا تعني، كما نعلم، عمل شكر. واحتفالنا بها يعني شكرنا لله عن قيامتنا القادمة، بقيامته. فنحن قد قمنا مسبقاً مع المسيح وهذا ما تعنيه قيامتنا التي نحتفل بها في كل إفخارستيا. خاضعين للزمن، نفلت من سيطرة الزمن الذي يقتلنا. فمستقبل القيامة التي نعيشها منذ الآن، لا يمكننا فهمها إلاّ بالإيمان والإيمان يجعلنا نفهمها فعلياّ. «ولتكن سُرجُكم موقدة» يقول لنا إنجيل اليوم. هذا لا يعني أبداً التفكير المستمر بالموت وبالدينونة.
ولا الهروب إلى الأمام نحو المستقبل النهائي. فإذا كان هذا المستقبل حاضر الآن بالإيمان، فهذا يعني أنه علينا الآن أن نعيشه، أي أن نكرّس أنفسنا لأعمالنا الحالية على أنها أعمال خالدة، لأن ما نقوم به فهو موجود إلى الأبد. عندما يعود المعلّم، يقول لنا الإنجيل، عليه أن يجد «خادمه يعمل» «ليعطيهم وجبتهم من الطعام في وقتها».
هذا هو معنى الانتظار والسهر: أن نعمل ما علينا القيام به بصفتنا قائمين من الموت، أي أن نقوم به بحب. ما يميز الإنسان المسيحي هو أنه يقوم بأعمال الخير كباقي الناس الذي يقومون بالأعمال نفسها، لكنه يقوم بها باسم المسيح. أي باليقين بأن ما نربطه على الأرض مربوط في السماء. فالله خلقنا ووضع بين أيدينا هذا العالم.
وبالتالي، علينا أن نبني عالماً بحسب الحب والعدل، على صورة الله. فجميعنا خدم أمينين أو غير أمينين. في المثل، عندما يعود المعلم يصنف الخادم السيئ بأنه غير أمين. لكن في الحقيقة الخادم هو من صنّف ذاته هكذا وبالتالي حكم المعلم ليس سوى تأكيد للواقع. لكننا نعرف في الوقت نفسه بأنه سوف يتم خلاصه. فالله من خلال المسيح يأخذ مكاناً بين الغير أمينين: مصلوب بين لصين. والمثل يحدثنا عن المعلم الذي يأخذ لباس الخدمة ليخدم خدمه على المائدة. هذا يذكرنا بدون شك بنص غسل الأرجل في إنجيل يوحنا الفصل 13. فالله هو في خدمتناّ وهذا يغير كلية صورة الله التي صنعناها عنه ولا نزال.
أي أن لا وجود لنا إلاَّ على صورة الله كمثاله، وبالتالي عندما نأخذ مكاننا في الخدمة. عندما نتذكر إلى أي حد ذهب المسيح قد يخيفنا هذا الأمر ويجعلنا نتراجع. هنا علينا أن نوقظ ونحيي إيماننا: فالله يضع نفسه في خدمتنا لكي يوحي لنا ما علينا القيام به، ويعطينا الشجاعة اللازمة لإتمامه، والفرح والاعتراف نتيجة بلوغنا إلى حقيقتنا.