موعظة يوم الأحد 30 تشرين الأو 2022. موعظة الأحد الواحد والثلاثين من الزمن العادي
حك 11، 23 – 12، 2 2 تيم 1، 11 – 12؛ 2، 1- 2 لو 19، 1 - 11
«1ودَخَلَ أَريحا وأَخَذَ يَجتازُها. 2فإِذا رَجُلٌ يُدْعى زَكَّا وهو رئيسٌ للعَشَّارينَ غَنِيٌّ 3قد جاءَ يُحاوِلُ أَن يَرى مَن هُوَ يسوع، فلَم يَستَطِعْ لِكَثَرةِ الزِّحَام، لأَنَّه كانَ قَصيرَ القامة، 4فتقدَّمَ مُسرِعاً وصَعِدَ جُمَّيزَةً لِيرَاه، لأَنَّه أَوشكَ أَن يَمُرَّ بِها. 5فلَمَّا وصَلَ يسوعُ إلى ذلكَ المَكان، رَفَعَ طَرْفَه وقالَ له: "يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ". 6فنزَلَ على عَجَل وأَضافَهُ مَسروراً. 7فلمَّا رَأوا ذلك قالوا كُلُّهم متذَمِّرين: دَخَلَ مَنزِلَ رَجُلٍ خاطِئٍ لِيَبيتَ عِندَه!" 8فوَقَفَ زَكَّا فقال لِلرَّبّ: "يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحداً شَيئاً، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف". 9فقالَ يسوعُ فيه: "اليَومَ حصَلَ الخَلاصُ لِهذا البَيت، فهوَ أَيضاً ابنُ إِبراهيم. 10لأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه".»
الموعظة
لا نعلم لماذا أراد زكّا أن يرى يسوع، لكن الجوهري هو أنه كان يبحث ليرى من هو يسوع. الإنجيل لا يقول لنا بأن يسوع كان يبحث ليرى زكّا، لكن زكّا، وهو على الشجرة، من الصعب أن يفلت من الأنظار. يكفي ليسوع بأن يرفع نظره ليلتقي بنظر زكّا. لأن هذه الرواية هي في النهاية رواية لقاء بين نظرتين.
مع هذا اللقاء، حدث شيء جديد لزكّا: لم يكن مُعتاد على أن يتوجه النظر إليه كما فعل يسوع. ما يعرفه زكّا، رئيس للعشّارين وجابي ضرائب، خاطئ معروف، ما يعرفه هو أن نظرات الأخرين تبتعد عنه لدى عبوره، اعتاد على نظرات الاحتقار الجارحة، حتى ولو كان يعلم أين هي أخطاؤه. لقد أتى ليرى من هو يسوع، وها هو من تمت رؤيته.
نظر يسوع إليه بنظرة لا ترفض أحداً ولا تميّز بين الخيّر والسيء، ولا بين الطاهر والدنس، نظرة لا تحكم ولا تعاقب. نظرة تستقبل وتحي. نظرة حب ولهذا تحي. وهناك الكثير من الشهود على هذه النظرة. المرأة السامرية التي التقاها يسوع على حافة البئر، والخاطئة التي دخلت إلى بين الفريسي سمعان وغسلت أرجل يسوع بعطر غالي الثمن، والمرأة الزانية في إنجيل يوحنا والتي غسلتها نظرة يسوع من زناها إن صح التعبير، وبطرس عندما التقى نظر يسوع بنظره في باحة كبير الكهنة، وآخرين كثر.
واليوم نظر يسوع يتوجه من خلال زكّا، ابن الله وابن إبراهيم المؤمن، والذي لم يتوقف عن ذلك أبداً مهما كان خاطئاً. لقد أتى بكل بساطة ليرى، لكنه لم يصدق أُذنيه عندما سمع يسوع يدعوه باسمه، كما لو أن هناك معرفة قديمة بينهما، كما لو أن يسوع أتى إلى أريحا فقط ليلتقي به، هو الغير أهل بنظر الآخرين وحتما ينظره هو نفسه. اندهاش يتحول إلى فرح عظيم عندما يسمع يسوع يطلب منه النزول من على الشجرة لأنه يريد أن يقيم عنده.
والباقي تعرفونه؛ بدخول يسوع في حياة زكّا، يوقظ فيه ما هو الأفضل. حضور يسوع، الفقير بامتياز، يعريه من ذاته ومن غناه. نظر يسوع يحول نظر زكّا بخصوص ما هو مهم في حياته: المال. يكفي بأن يتم استقباله بحبّ، من خلال نظر يسوع، لكي يصبح أهلاً لاستقبال الآخرين بنفس الكرم: «يا ربّ، ها إِنِّي أُعْطي الفُقَراءَ نِصفَ أَموْالي، وإِذا كُنتُ ظَلَمتُ أَحداً شَيئاً، أَرُدُّه علَيهِ أَربَعَةَ أَضْعاف».
لنصغي جيداً لما قاله يسوع: «خلاصك يدخل معي، لأن ابن الإنسان أتى ليبحث ويخلص الناس أمثالك». ما وراء زكّا هذه الكلمات تلتحق بكل واحد وواحدة منّا، لأن كل إنسان منّا منظور إليه من قبل يسوع كما نظر إلى زكّا، ولكل واحد وواحدة منّا يقول يسوع يجب عليّ أن أقيم اليوم عندك. نعم لهذا السبب أتى يسوع: لكي يلمسنا في قلبنا؛ لكي تكون جروح الحبّ فينا أقوى من الجروح التي تولّدها الخطيئة فينا، وأنه من أجل فرحنا وفرح الله، أن يتم خلاص ما هو ضالّ أو في طريقه نحو الضلال.