الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

الكتاب المقدس، يحتوي على مواضيع تتعلق في دراسة الكتاب المقدس

مسيرة التلاميذ بحسب إنجيل مرقس

2014-Jan-31 | الكتاب المقدس | 755

    مقدمة

العبارى الآتية «لأَوَّلونَ آخِرونَ والآخرون أَوَّلون»، هل ستتحقق بخصوص إنجيل مرقس، أول إنجيل رأى النور، والذي بالرغم من ذلك، بقي، ولعدة قرون، «الأخير الطيب»؟  لطالما قُدّرت كثيراً أناجيل القديسين، متى ولوقا ويوحنا. ألم تكن هذه الأناجيل الثلاثة أكثر إعداداً وتوسّعاَ وتفصيلاً؟  

نحو عام 1900، أعاد شرّاح الكتاب المقدس والمؤرخون وضع إنجيل مرقس موضع الشرف. واليوم أيضاً، زاد الاهتمام به، لا بل له الأفضلية لدى البعض لكونه أكثر مباشرة وأكثر قرباً. أكثر قرباً منّا بإنسانيته. أكثر قرباً من يسوع تاريخياً، تاريخ كتابته.

بين السنوات 65 – 69 جمّع مرقس مقتطفات من حياة يسوع مكتوبة، أو قصصاً متفرقة متناقلة شفهياً في الجماعات المسيحية. وصنع منها الإنجيل الأول. وينهي مرقس إنجيله مع النساء على القبر بعبارة «خَرَجْنَ مِنَ القَبْرِ وهَرَبْنَ، لِما أَخَذَهُنَّ مِنَ الرِّعدَةِ والدَّهَش»، عبارة توحي بنهاية قاتمة! وقد أُضيف إلى الفصل الأخير بعض الآيات عن القيامة. ظهورات يسوع (16، 9 - 20).

وعندما وضع مرقس نهاية لإنجيله، كانت اضطهادات نيرون في أوجها تشكل جرحاً حياً في قلب المسيحيين (64 سنة)، وخراب القدس ــ سنة 70 ــ كان تهديداً مقلقاً. لقد كانت الفترة الزمنية مضطربة وإيمان التلاميذ مهتزاً.

مرقس، اليهودي من القدس، رافق سنة 45، قبل عشرين سنة من كتابة إنجيله، بولس وبرنابا في رحلتهما الرسولية الأولى إلى الوثنيين. فكتب للوثنين المرتدين المقيمين خارج فلسطين، بعكس متى الذي كتب إلى مواطنيه من اليهود. مدركاً بالصعوبات التي واجهت المسيحيين من خوف من الاضطهاد، واختلاف المعتقدات المحيطة بهم، يشدد مرقس بقوة على ضرورة «اتباع يسوع»، «أن نكون معه». هذه هي الفكرة الموجِهة التي وحدت مقتطفات حياة يسوع.

«اتباع يسوع والبقاء معه»، فكرتين ثابتتين في إنجيل مرقس وتوجهه. لم يكتب سيرة ذاتية ليسوع، إنما بالأحرى، تعليماً مسيحياً متتابعاً. لقد اعتدنا كثيراً على «تقسيم الإنجيل» إلى أقسام وقراءته مقطعاً وراء المقطع. لكن «عندما نقرأ إنجيل مرقس بكامله، يقول «جان دو لورم» وهو أحد المختصين بإنجيل مرقس، نتفاجئ بوحدته الجميلة، كالإنسان الذي لا يعرف ثمرة الأناناس إلاَّ تحت شكل دوائر مقطعة ومعلبة، ويفاجئ عندما يكتشف بأنها ثمرة جميلة».

سوف نقوم بقراءة متتابعة لإنجيل مرقس. إنه يشكل دليلاً يجعلنا نتابع مسيرة التلاميذ، وبوجه خاص «الاثني عشر»، نتخطى التحديات، ونتحمل الصعوبات، ونقبل البطء، والتأخير، لندخل في ما هو أساسي في الإيمان، في سر الموت والقيامة. سر لا يمكن فهمه خارجاً عن نور جبل طابور (التجلي)، وفجر القيامة. فالموضوع هو البقاء دائماً مع من يفتح الطريق.

يمضي يسوع لحظات مميّزة مع تلاميذه. هذه اللحظات، ليست «دروساً خاصّة» لكي يفهموا، إنما لحظات حميمة كبيرة ليعيشوا، لكي «يكونوا معه». هؤلاء الاثني عشر، هم الوحيدين الذين كانوا معه حتى في الواقع الصوفي لسر الموت والقيامة، هم من سيتابع العمل الذي بدأ. إنهم سيصبحون أنفسهم «بُشرى سارّة».

باتباعنا للتعليم الحي لإنجيل مرقس، ندخل في مغامرة يسوع. مغامرة حب، حب يحول بشكل جذري تاريخ البشر.

SHARE