هناك نتيجة أُخرى لهذه الصداقة مع يسوع وأن يكونوا معه، وهي السلطة على طرد الشياطين. لم يقل «أن يطردوا الشياطين»، إنما «لهم السلطان على طرد الشياطين». والكلمات هنا أيضاً غنية بالمعاني. مرقس، مثلاً، يستعمل فقط من أجل يسوع والاثني عشر كلمة السلطان. إنهم الوحيدين الذين يملكون هذا السلطان بامتياز.

فالتعبير «طرد الشياطين» مهم لكونه يعني الصراع الذي يخوضه يسوع ضد الشر، وبالنتيجة، يُلخص مجمل الرسالة التي يشارك فيها تلاميذه. هذا التعبير يُكرر مرة ثانية: «ودَعا الاثني عَشَر وأَخَذَ يُرسِلُهُمُ اثنَينِ اثنَين، وأَولاهُم سُلْطاناً على الأَرواحِ النَّجِسَة» (6، 7). فالتبشير والصراع ضد الشر مرتبطين بقوة. فالأولوية ليست للتبشير وبعدها يأتي القيام بأعمال الخير، إنما التبشير الذي يُمارس بقوة ويحرر من الشر «فأُعجِبوا بِتَعليمِه، لأَنَّه كانَ يُعَلِّمُهم كَمَن له سُلْطان، لا مِثلَ الكَتَبَة» (1، 22).

ملاحظة أخيرة. على الاثني عشر أن يطردوا الشياطين، ولكن كيف؟ «فمَضَوا يَدْعونَ النَّاسَ إِلى التَّوبَة، وطرَدوا كَثيراً مِنَ الشَّياطين، ومَسَحوا بِالزَّيْتِ كَثيراً مِنَ المَرْضى فَشَفَوْهم» (6، 12 - 13). ليسوا بمجرد ببغاء يكررون ما سمعوه من يسوع. إنهم بطريقة ما عمل يسوع الذي يمتد ويتوسع. أكرر، الكيان مع يسوع لا يكمن في تقليد يسوع أو تكرار ما يقوله، إنما بالتماهي معه، تبني طريقة عيشه والعمل للشهادة لها.

هكذا حضّر أو هيئ يسوع تلاميذه كما يهيئ المدعوين في الكنيسة، ليكونوا معه بشكل دائم.