حك 6، 12 – 16   1 تس 4، 13 – 18    متى 25، 1 – 13 

عِندَئِذٍ يكون مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَواتِ كَمَثلِ عَشْرِ عَذارى أَخَذنَ مَصابيحَهُنَّ وخَرَجنَ لِلِقاءِ العَريس، خَمسٌ مِنهُنَّ جاهِلات، وخَمسٌ عاقِلات. فأَخذَتِ الجاهِلاتُ مَصابيحَهُنَّ ولَم يَأخُذنَ معَهُنَّ زَيتاً. وأَمَّا العاقِلات، فَأَخَذنَ معَ مَصابيحِهِنَّ زَيتاً في آنِية. وأَبطَأَ العَريس، فنَعَسنَ جَميعاً ونِمْنَ.  وعِندَ نِصْفِ اللَّيل، عَلا الصِّياح: هُوذا العَريس! فَاخرُجْنَ لِلِقائِه! فقامَ أُولِئكَ العَذارى جميعاً وهَيَّأنَ مَصابيحَهُنَّ.  فَقالتِ الجاهِلاتُ لِلعاقِلات: أَعطينَنا مِن زَيتِكُنَّ، فإِنَّ مَصابيحَنا تَنطَفِئ. فأَجابَتِ العاقِلات: لَعَلَّه غَيرُ كافٍ لَنا ولَكُنَّ، فَالأَولى أَن تَذهَبنَ إِلى الباعَةِ وتَشْتَرينَ لَكُنَّ. وبينَما هُنَّ ذاهِباتٍ لِيَشتَرينَ، وَصَلَ العَريس، فدخَلَت مَعَه المُستَعِدَّاتُ إِلى رَدهَةِ العُرْس وأُغلِقَ الباب. وجاءَت آخِرَ الأَمرِ سائرُ العَذراى فقُلنَ: يا ربّ، يا ربّ، اِفتَحْ لَنا.  فأَجاب: الحَقَّ أَقولُ لَكُنَّ: إِنِّي لا أَعرِفُكُنَّ! فَاسهَروا إِذاً، لأَنَّكم لا تَعلَمونَ اليومَ ولا السَّاعة»

الموعظة

مثل العذارى العشر، قصة عذارى تتبع مباشرة قصة رجال ـــ «العبد الأمين أو الخائن» (متى 24، 45 – 51). مثلان لهما أهداف تعليمية. درس قصير لتعلم التمييز في السلوكيات، لنرى ما هو أبعد مما هو متشابه وما هو متناقض. عشر عذارى «فتيات صغيرات» ذاهبات، ليلاً، لحضور حفل زفاف. خرجوا جميعًا مزودين بمصابيحهم للقاء العريس المعلن عنه. منذ البداية يقول النص، خمس منهن جاهلات وخمس عاقلات.

هنا يًطرح السؤال: «كيف يمكن ليسوع يصنف هؤلاء العذارى بهذه الطريقة ويغلق عليهم بحكم لن يتمكنوا أبدًا من الخروج منه!». المقصود هو عكس ذلك: لرؤية الواقع كما هو، من الضروري قبول التحديات مسبقاً. الحقيقة ليست ملكنا. فأن نصبح تلاميذ المسيح يعني أن نتجرأ على تمييز الحقيقة كما يعلِّم هو نفسه. حكمة أم جنون؟ هذا هو موضوع المثل. دعونا نرى ذلك عن كثب!

معنى الكلمات يتبلور تدريجياً على مسار المثل: «فأخذت الجاهلات مصابيحهن ولم يأخذن معهن زيتا، أما العاقلات فأخذن مع مصابيحهن زيتا في آنية». يمكننا وصف العاقلات، بالواقعيات. يقومون بتقييم الوضع والدور الذي يجب أن يلعبوه فيه: إنها مسألة الخروج للقاء العريس الذي قد يتأخر. ولذلك يجب عليهم تجهيز أنفسهم بكمية كافية من الزيت ربما لعدة ساعات، وإنارة الموكب على طول الطريق إلى قاعة الزفاف. إنهم منتبهون،

ومسؤولون بكل بساطة، ومتناغمون قدر الإمكان مع الواقع الذي سيواجهونه. وباقي المثل يثبت ذلك. لكن الجاهلات لا يهتمون كثيرًا. إنهم موجودون لكي تتم رؤيتهم، ليكونوا جزءًا من المجموعة، ويقلدون الآخرين.

لكن الواقع الذي يواجهونه ـــ العريس الذي سيأتي والدور الذي يجب عليهم القيام به في الاحتفال ـــ لا يهتمون له أبداً. فالمظهر يكفي بالنسبة لهم. يظهر عدم التناسق الكامن وراء المجموعة فجأة عند وصول العريس: فالعذارى الجاهلات لا يملكن الوسائل اللازمة لإعادة إضاءة مصابيحهن. ومن الطبيعي، وبحسب عادتهم الطيبة، أن يلجؤوا إلى رفاقهم ليطلبوا منهم ما ينقصهم. ولكن فات الأوان: «لعله غير كافٍ لنا ولكنَّ».

تتم إحالة كل شخص إلى مسؤوليته الشخصية، إلى رغبته الحميمة. «الحَقَّ أَقولُ لَكُنَّ: إِنِّي لا أَعرِفُكُنَّ!»، رد العريس لاحقًا، كصدى لازدرائهم له. لم يقوموا بدورهم بينما كان لا يزال هناك وقت، والآن لا يمكنهم الغش. هذا بمثابة تحذير. «فاسهروا إذن»! لا يتعلق الأمر بالصلاة بشكل مباشر. فنحن لسنا هنا في سياق ديني بحت، بل في وضع ملموس وعملي يهم الجميع، مؤمنين وغير مؤمنين على حد سواء.

يتعلق الأمر بالسهر واليقظة، وهذا الاهتمام الدائم بالواقع الذي يكرس له، طبيعياً، أولئك الذين لديهم طعم العيش والخدمة. إن يقظة العاقلات تنعكس هنا في إهمال الجاهلات. فالأمر ليس نسيان بسيط من جانب الجاهلات ــــ والذي ينبغي تبريره بعد ذلك ـــ ولكنه عمل إرادي، وموقف، ورفض للتعاون. ليس لديهم ما ينتظرونه، ولا أحد ليخدموه. أيها المنافقون! يصرخ يسوع بالفريسيين.

النفاق هو فن استغلال المواقف دون الاستثمار فيه بشكل شخصي. المنافق الحقيقي يحب إظهار مشاعره كما لو كان يهز طعماً، ليجذب فريسته ويسيطر عليها بشكل أفضل. النفاق هو فعل قوة. ليست دفاعية بل هجومية.

منافق الأناجيل يشبه المنحرف النرجسي. كل شيء مدين له، لكنه لا يدين بأي شيء لأحد. إنه يغش وهو يعرف ذلك. يسوع يقوم بتمرين بسيط على التمييز، للاستخدام العملي. فالأمر متروك لنا بعد ذلك لتطبيقه، ووضعه موضع التنفيذ. اتباعه تكلف هذا الثمن.