الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 19 تشرين الثاني 2023. موعظة الأحد الثالث والثلاثين من الزمن العادي

2023-Nov-19 | عظات | 228

أمثال 31، 10 – 13. 19     1 تس 5، 1 – 6   متى 25، 14 – 30  

«في ذلِكَ الزَّمان: قالَ يَسوعُ لِتَلامِيذِهِ هذا المَثَل: «مَثَلُ ذَلِكَ كمَثَلِ رَجلٍ أَرادَ السَّفَر، فدعا عبيدَه، وسَلَّمَ إِلَيهِم أَموالَه. فأَعْطى أَحَدَهم خَمسَ وَزَنات والثَّانيَ وَزْنَتَين والآخَرَ وَزْنَةً واحدة، كُلاًّ مِنهم على قَدْرِ طاقَتِه، وسافَر. فأَسرَعَ الَّذي أَخَذَ الوَزَناتِ الخَمسَ إِلى المُتاجَرَةِ بِها فَربِحَ خَمسَ وَزَنات. وكذلِكَ الَّذي أَخَذَ الوَزْنَتَيْن فرَبِحَ وَزْنَتَينِ. وأَمَّا الَّذي أَخذَ الوَزْنَةَ الواحِدة، فإِنَّه ذهَبَ وحفَرَ حُفرَةً في الأَرض ودَفَنَ مالَ سيِّدِه. وبَعدَ مُدَّةٍ طويلة، رَجَعَ سَيِّدُ أُولئِكَ العَبيد وحاسَبَهم. فَدَنا الَّذي أَخَذَ الوَزَناتِ الخَمس، وأَدَّى معَها خَمْسَ وَزَناتٍ وقال: «يا سيِّد، سَلَّمتَ إِليَّ خَمسَ وَزَنات، فإِليكَ معَها خَمسَ وَزَناتٍ رَبِحتُها». فقالَ له سَيِّدُه: «أَحسَنتَ أَيُّها العَبدُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَمينًا على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ». ثُمَّ دَنا الَّذي أَخَذَ الوَزْنَتَينِ فقال: «يا سَيِّد، سَلَّمتَ إِليَّ وَزْنَتَين، فإِليكَ معَهُما وَزْنَتَينِ رَبِحتُها». فقالَ له سيِّدُه: «أَحسَنتَ أَيُّها العَبدُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَمينًا على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ». ثُمَّ دَنا الَّذي أَخَذَ الوَزْنَةَ الواحِدَةَ فقال: «يا سَيِّد، عَرفتُكَ رَجُلاً شَديدًا تَحصُدُ مِن حَيثُ لَم تَزرَعْ، وتَجمَعُ مِن حَيثُ لَم تُوزِّعْ، فخِفتُ وذَهَبتُ فدَفَنتُ وَزْنَتَكَ في الأرض، فإِليكَ مالَك». فأَجابَه سَيِّدُه: «أَيُّها العَبدُ الكَسْلانُ الجَبان! عَرَفتَني أَحصُدُ مِن حَيثُ لم أَزرَعْ، وأَجمَعُ مِن حَيثُ لَم أُوزِّعْ، فكانَ عَليكَ أَن تَضَعَ مالي عندَ أَصْحابِ المَصارِف، وكُنتُ في عَودَتي أَستَرِدُّ مالي معَ الفائِدَة. فخُذوا مِنهُ الوَزْنَة وأَعطوها الَّذي معَهُ الوَزَناتُ العَشْر: لأَنَّ كُلَّ مَن كانَ له شَيء، يُعطى فيَفيض. ومَن لَيسَ له شيء، يُنتَزَعُ مِنهُ حتَّى الَّذي له. وذلكَ العَبدُ الَّذي لا خَيرَ فيه، أَلقُوهُ في الظُّلمَةِ البَرَّانِيَّة. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان».

الموعظة

الصورة المجازية للمعلم الذي يغيب تتكرر غالباً في الأناجيل، مثلاً في مثل الكرامين القتلة. هذا يجعلنا نفكر بالسؤال الكبير الذي يطرحه العهد القديم: ماذا يعمل الله؟ هل هو نائم؟ هل هو لا مبالي؟ «أين هو إلهك؟»، يسأل الغير مؤمنين المؤمن المستغرب والحائر: «أين إلهك؟» (مز 42، 4. 11). سؤال يطرح نفسه مجدداً في كل المصائب الكبيرة وكل «إبادة جماعية». يسوع لم يكن يشدد كثيراً على غياب المعلم لو كان إيماننا العفوي لا يرى في الله سبب كل ما يحدث تحت الشمس.

«الله أرسل له هذا المرض، هذه المحنة؛ لقد دعاه الله إليه: اخدو لعندو». لا نزال حتى اليوم نسمع هذه العبارات حتى في اللترجيا مع الأسف. لكن المعلم غائب؛ والخالق دخل في استراحة اليوم السابع، تاركاً الإنسان لحريته ليدير بنفسه الخليقة ويعمل على السيطرة عليها. هذا هو الغنى الذي علينا تنميته. القديس اغناطيوس دي لويولا، مؤسس الرهبانية اليسوعية له عبارة شهيرة تقول: «اسعى للعمل بحرية، وبقوة كما لو أن الله يعمل كل شيء وأنت لا شيء. اشكر الله كما لو أنك قمت بكل شيء وهو لا شيء».

علينا إذن أن نشكر الله لكونه يصنعنا باستمرار، خلاقين على صورته.

ف «الوزنات» تأتي من المعلم، من الله، لكن علينا نحن أن نأخذها على عاتقنا ونأخذ على عاتقنا كل ما تقترحه علينا الحياة وتفرضه علينا. لا يمكننا أن نأخذ نص من الإنجيل ونعزله عن مجمل الكتاب المقدس، حتى ولو وجدنا أنفسنا في مواجهة بعض التناقضات. علينا أن نكتشف «المستوى» العالي إن صح التعبير، حيث تتصالح هذه التناقضات.

مثلاً موضوع غياب الله يدخل في صراع مع كلمة يسوع «إني معكم إلى انقضاء الدهر»، أو «كلما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون بينهم» ونصوص أخرى كثيرة. لا شك، الله غائب كسبب لكل ما يحصل، لكنه حاضر في قراراتنا وأعمالنا. إنه يعمل في الطاقة والذكاء الذي يظهرهم الخادم والتي تجعل الوزنات تثمر. لكن على العكس، إنه غير موجود في جمود من «يدفن وزنته في الأرض»، صورة عن الدفن وبالتالي عن الموت.

من وجهة نظر أخرى، المعلم لم يغيب فعلياً، لكننا نحن من نملك القدرة لننقطع عنه. «لا تَستَطيعونَ أَنتُم أن تُثمِروا إِن لم تَثبُتوا فيَّ» (يو 15، 4). كل ما نقوم به من خير هو عمل عهد، عمل زواج بين حرية الإنسان وحرية الله. مثل اليوم يؤكد على حرية الإنسان، لكن يبقى أن المعلم هو من يأتمننا على الوزنات، بانتظار عودة المسيح. حتى هذا الحدث، نحن واحد معه في الروح القدس.

بالطبع، يمكننا استعمال المثل لنتساءل، إذا كنا نعطي ثماراً بالفعل، ولكي نعترف بأننا في أغلب الأحيان ندفن الوزنات. باختصار، يمكننا دائماً أن

 نعطي الطابع الأخلاقي وأحياناً نذنب أنفسنا. أعتقد أنه في هذه الحالة نفقد الجوهر والأساس. لنقرأ الأسباب التي شلّت الخادم الثالث. أولاً، يقول إنه خائف. ثم، يقول إنه «يعلم». على مثال آدم، يدّعي معرفة التمييز بين الخير والشر، وبالنسبة له، المعلم سيء: «يا سَيِّد، عَرفتُكَ رَجُلًا شَديدًا تَحصُدُ مِن حَيثُ لَم تَزرَعْ، وتَجمَعُ مِن حَيثُ لَم تُوزِّعْ، فخِفتُ».

في الواقع، نجد مجدداً الصورة التي تقترحها الحية في الفصل الثالث من سفر التكوين. وهنا، في كل واحد وواحدة منّا، قد تكمن بداية الفشل والتعاسة: «الخطيئة الأصلية»، إن أردنا. فالإيمان بأن الله حب بالحقيقة، هذا هو التحدي المقترح علينا. أن نؤمن به وبالتالي أن نخرج من الخوف الذي يجعلنا عقيمين. إذا أردنا أن نمارس ما نسميه بفحص الضمير، فلنحاول أن نحدد المخاوف التي تجعلنا نعتبر الله على أنه معلم قاسي.

سبق وكررت القول بأن أحد الرهانات الكبيرة في حياتنا، والذي يتحكم بكل شيء هو العبور من الخوف إلى الإيمان، حتى عندما، على مثال يسوع على الصليب، عندما يعتدي علينا ما هو أسواء. لهذا السبب لقاءات يسوع مع التلاميذ تبدأ في أغلب الأحيان بعبارة «لا تخافوا».

 

 

 

SHARE