الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 10 تشرين الأول 2021. موعظة الأحد الثامن والعشرين من الزمن العادي

2021-Oct-12 | عظات | 232

حك 7، 7 – 11      عب 4، 12 – 13        مر 10، 17 – 31  

 

«وبَينَما هو خارِجٌ إِلى الطَّريق، أَسرَعَ إِليه رَجُلٌ فجَثا له وسأَلَه: أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالح، ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة؟ فقالَ له يسوع: لِمَ تَدْعوني صالِحاً؟ لا صالِحَ إِلاَّ اللهُ وَحدَه. أَنتَ تَعرِفُ الوَصايا: لا تَقتُلْ، لا تَزْنِ، لا تَسرِقْ، لا تَشهَدْ بِالزُّور، لا تَظْلِمْ، أَكْرِمْ أَباكَ وأُمَّكَ. فقالَ له: يا مُعلِّم هذا كُلُّه حَفِظْتُه مُنذُ صِباي. فحَدَّقَ إِليهِ يسوع فأَحبَّه فقالَ له: واحِدَةٌ تَنقُصُكَ: اِذْهَبْ فَبعْ ما تَملِك وأَعطِهِ لِلفُقَراء، فَيَكونَ لَكَ كَنزٌ في السَّماء، وتَعالَ فَاتَبعْني. فاغتَمَّ لِهذا الكَلامِ وانصَرَفَ حَزيناً، لأَنَّه كانَ ذا مالٍ كثير. فأَجالَ يسوعُ طَرْفَه وقالَ لِتَلاميذِه: ما أَعسَرَ دُخولَ مَلَكوتِ اللهِ عَلى ذَوي المال. فدَهِشَ تَلاميذُه لِكَلامِه فأَعادَ يسوعُ لَهمُ الكَلامَ قال: يا بَنِيَّ، ما أَعسَرَ دُخولَ مَلَكوتِ الله! لأَن يَمُرَّ الجَمَلُ مِن ثَقْبِ الإِبرَة أَيسَرُ مِن أَن يَدخُلَ الغَنِيُّ مَلكوتَ الله.  فاشتَدَّ دَهَشُهُم وقالَ بَعضُهم لِبَعض: فَمَن يَقدِرُ أَن يَخلُص؟ فحَدَّقَ إِلَيهِم يسوعُ وقال: هذا شَيءٌ يُعجِزُ النَّاسَ وَلا يُعجِزُ الله، فإِنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدير. وأَخَذَ بُطرُسُ يقولُ له: ها قد تَركْنا نَحنُ كُلَّ شَيءٍ وتَبِعناكَ. فقالَ يسوع: الحَقَّ أَقولُ لَكم: ما مِن أَحَدٍ تَرَكَ بَيتاً أَو إِخوَةً أَو أَخَواتٍ أَو أُمَّا أَو أَباً أَو بَنينَ أَو حُقولاً مِن أَجْلي وأَجْلِ البِشارَة إِلاَّ نالَ الآنَ في هذهِ الدُّنْيا مِائةَ ضِعْفٍ مِنَ البُيوتِ والإِخوَةِ والأَخَواتِ والأُمَّهاتِ والبَنينَ والحُقولِ مع الاضطِهادات، ونالَ في الآخِرَةِ الحَياةَ الأَبَدِيَّة.  وكثيرٌ مِنَ الأَوَّلينَ يَصيرونَ آخِرين، والآخِرونَ يَصيرونَ أَوَّلين»

الموعظة

يدعونا الإنجيل، على وجه الخصوص، إلى لقاء المسيح، على غرار هذا «الرجل» الذي «يركض لمقابلته». يمكننا أن نتماهى مع هذا الرجل، الذي لم يرد اسمه في النص، ليقول لنا بأنه يمثل كل واحد منا. يسأل الغني يسوع كيف «يرث الحياة الأبدية».

يطلب الحياة إلى الأبد، ملء الحياة: من منا لا يريدها؟ لكنه، يطلب امتلاكها كميراث، كخير يجب الحصول عليه بقوته. في الواقع، من أجل امتلاك هذا الخير، حفظ الوصايا منذ طفولته، ومن أجل تحقيق الهدف فهو على استعداد ليحفظ غيرها إذا لزم الأمر. لذلك يسأل يسوع: «ماذا عليَّ أن أفعل؟».

إجابة يسوع تحيره. والنص يقول بأن يسوع نظر إليه وأحبه. لكن يسوع يغير المنظور: من التعاليم التي تم حفظها للحصول على مكافآت إلى الحب الحر الكامل. كلام هذا الرجل هو من مجال الطلب والعرض، ويسوع يقدم له قصة حب. يطلب منه العبور من حفظ القوانين إلى عطاء الذات، ومن العمل لنفسه إلى الوجود مع يسوع.

ويقدم له اقتراح حياة «حاد، جازم»: «اذهب، فبِع ما تملك وأعطه للفقراء... وتعال فاتبعني». ولكل واحد وواحدة منّا يقول يسوع: «تعال اتبعني». تعال لا تبقى في مكانك، لأنه لا يكفي بأن لا ترتكب الشر لكي تنتمي إلى يسوع. اتبعني: لا تتبع يسوع فقط عندما يناسبك ذلك، بل اطلبه كل يوم؛ لا تكتفي بحفظ الوصايا، وإعطاء القليل من الصدقات وترداد بعض الصلوات: ابحث فيه عن الله الذي يحبك دائمًا، عن معنى حياتك، القوة التي تجعلك تعطي ذاتك. لا يعطينا يسوع نظرية عن الفقر والغنى، لكنه يذهب مباشرة إلى الحياة.

يطلب منا أن تتخلى عما يثقل قلبنا، ونحرر أنفسنا من ممتلكاتنا لإفساح المجال له، هو الخير الوحيد. لا يمكننا حقًا اتباع يسوع عندما نكون مثقلين بالأشياء. لأنه إذا كان القلب مثقلًا بأمور عديدة، فلن يكون هناك مكان له، أو سيكون شيئًا واحدًا من بين أشياء أخرى.

هذا هو سبب خطورة الغنى ـــــ وكما يقول يسوع ـــــ يجعل الخلاص صعباً. ليس لأن الله قاسي، لا! المشكلة من طرفنا: وجود الكثير، والرغبة في الكثير يخنق قلوبنا ويجعلنا غير قادرين على المحبة. لهذا يُذكِّر القديس بولس بأن «حب المال هو أصل كل شر» (1 تي 6: 10). ونحن نعلم أنه حيث يوضع المال في المركز، لا يوجد مكان لله ولا مكان للإنسان.

يسوع جذري. يعطي كل شيء ويطلب كل شيء: يعطي حب كامل ويطلب قلب غير منقسم. بالنسبة لمن جعل نفسه خادمًا لنا حتى الصليب، لا يمكننا الرد عليه فقط من خلال حفظ بعض التعاليم. لمن يقدم لنا الحياة الأبدية، لا يمكننا أن نعطي جزءًا من الوقت. يسوع لا يقبل «بنسبة المحبة»: لا يمكننا أن نحبه عشرين أو خمسين أو ستين بالمائة. أو الكل أو لا شيء! فقلب الإنسان كالمغناطيس، يسمح لنفسه بالانجذاب بالحب، ولكن يمكن أن يرتبط بجانب واحد فقط ويجب أن يختار: إما أن يحب الله أو يحب ثروات العالم؛ إما أن يعيش ليحب أو يعيش لنفسه.

ونحن في أي جانب نحن. أين نحن من علاقة الحب مع الله. هل نكتفي ببعض التعاليم أم نتبع يسوع مثل العشاق، ونرغب حقًا في ترك شيء له؟ هل نتبعه حقًا أم أننا نسير على خطى العالم، مثل هذا الغني؟ هل يسوع يكفينا أم أننا نبحث عن الكثير من الأمان في العالم؟

بدون قفزة في الحب، تعاني حياتنا وكنيستنا من «الرضا الذاتي الأناني».  نسعى إلى الفرح في المتعة العابرة، ونغلق أنفسنا في تملق عقيم، ونستقر في رتابة حياة بلا زخم، حيث القليل من النرجسية تغطي حزن البقاء غير المكتمل. هذا ما حدث مع هذا الرجل الغني الذي ـــــ كما يقول الإنجيل ـــــ «ذهب حزينًا جدًا».

لقد تمسّك بالتعاليم وممتلكاته الكثيرة، ولم يعطِ قلبه. وعلى الرغم من أنه التقى بيسوع ونال نظرة حب، إلا أنه ذهب بعيدًا حزينًا. فالحزن دليل على الحب غير المكتمل. هذه علامة القلب الفاتر. من ناحية أخرى، القلب المنفصل عن الخيرات، والذي يحب الرب بحرية، ينشر دائمًا الفرح، هذا الفرح الذي نحتاجه اليوم.

SHARE