الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 20 تشرين الثاني 2022. موعظة عيد يسوع الملك

2022-Nov-20 | عظات | 297

2 صم 5، 1- 3   كول 1، 12 – 20  لو 23، 35 – 43  

 

«ووقَفَ الشَّعْبُ هُناكَ يَنظُر، والرُّؤَساءُ يَهزَأُونَ فيقولون: «خَلَّصَ غَيرَه فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَه، إِن كانَ مَسيحَ اللهِ المُختار!». وسَخِرَ مِنه الجُنودُ أَيضًا، فدَنَوا وقرَّبوا إِلَيه خَلاً وقالوا: «إِن كُنتَ مَلِكَ اليَهود فخَلِّصْ نَفْسَكَ». وكانَ أَيضًا فَوقَه كِتابَةٌ خُطَّ فيها: «هذا مَلِكُ اليَهود». وأَخَذَ أَحَدُ المُجرمَينِ المُعَلَّقَينِ على الصَّليبِ يَشتُمُه فيَقول: «أَلستَ المَسيح؟ فخَلِّصْ نَفْسَكَ وخَلِّصْنا!». فانتَهَرَه الآخَرُ قال: «أَوَما تَخافُ الله وأَنتَ تُعاني العِقابَ نَفْسه! أمَّا نَحنُ فعِقابُنا عَدْل، لِأَنَّنا نَلْقى ما تَستوجِبُه أَعمْالُنا. أَمَّا هو فلَم يَعمَلْ سُوءًا». ثُمَّ قال: «أُذكُرْني يا يسوع إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ». فقالَ له: «الحَقَّ أَقولُ لَكَ: سَتكونُ اليَومَ مَعي في الفِردَوس.»

 

الموعظة

لوقت طويل، خلط معظم المسيحيين بين ملك المسيح، الملكوت الذي تتحدث عنه الأناجيل، وبين الامتداد الكوكبي للمسيحية. خضوع كل الناس لسلطة الدين. عبر ذلك الأمر من خلال دين الدولة، حيث السلطات المدنية ليست سوى «الذراع العلمانية» للسلطة الكنسية. لقد أجبرنا التاريخ على مراجعة هذا المفهوم وأن نتساءل ما الذي يمكن أن يعنيه موضوع ملوكية المسيح الشاملة.

ثم تم التذكير بقول يسوع لبيلاطس بأن ملكوته ليس من هذا العالم، كما رفض تسوية مسائل الميراث وأمر بأن يعطى لقيصر ما هو لقيصر. فتم التوصل إلى الاعتقاد بأن مُلك المسيح يُمارس على الضمائر: أولئك الذين يؤمنون به يتبنون قانون الحب الذي جاء ليقترحه على العالم. بالمقابل، يكرر يسوع أنه لا يمكن لأحد أن يأتي إليه ما لم يجتذبه الآب. ويتابع: «كل من كان من الحق يُصغي إلى صوتي».

فالجاذبية، الانجذاب لما يجعلنا حقًا أنسان هو الذي يؤسس سلطة المسيح علينا: الدعوة إلى أن نكون والتي تأتينا من الخلق. باختياره الحر يضع الإنسان المسيح فوق كل شيء. ولكن هل يمكن اختزال الإيمان المسيحي إلى المجال الخاص بمعنى الفردي؟ بما أن قانون الملكوت هو الحب، فهو يتجاوز الضمير الفردي ليعبر إلى مجال العلاقة، حيث نلتقي بالاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

على من تمارس هذه السلطة؟ يكرر بولس أن المسيح ارتفع فوق كل «صاحِبِ رِئاسةٍ وسُلْطانٍ وقُوَّةٍ وسِيادةٍ». كما نعلم، فهو لا يحدد بهذه المصطلحات فقط القوى البشرية ولكن أيضًا قوى النجوم، «الجيوش السماوية»، أي قوانين الطبيعة. كل ما يثقل كاهل حريتنا ويعيقها. مُلوكية المسيح، والخضوع للحق هم تحرر. «تعرفون الحق والحق يحرركم».

والحق، الإنسان الحقيقي الكامل تمامًا هو يسوع. يتولى السلطة على «كل ما هو ضدنا، يعاكسنا». لا يعني ذلك أن هذه «الأضداد» والقيود تختفي من حياتنا، ولكن، مثل الصليب الذي يمثل كل شر، يتم استعبادهم لإنتاج نقيضهم: الحرية والحياة. «فالعالم» غاضب منا لإظهار هذه الحقيقة التي نفضل عدم رؤيتها. وتلاميذ المسيح، عندما يتبعونه حقًا، لا يحتملون كل أولئك الذين يعبدون القوة والامتياز والمال والسيطرة.

بطريقة ما، نحن نشكل تأنيب ضمير العالم في ممارساته الشاذة. كيف لا نكره من يدعي أن الأعظم هو الذي يخدم، وأن الملك يحل مكان العبد. وأنه بهذا الانخفاض، بهذا الاذلال يصبح يسوع «الرب» (فيلبي 2،5-11)؟ هذا هو الملك الذي نحتفل به اليوم. وعلى أسياد هذا العالم أن يخضعوا له، أي أن يمارسوا وظيفتهم كخدمة. وإلا فهم لا شيء. أين نجد هذا الملك؟

يجب أن نتحدث عن الملك الراعي، قائد القطيع الذي يضع نفسه في خدمة حياة خرافه. عن الملك القاضي، لنقول إننا في الواقع نحن من نحكم على أنفسنا ونقرر عندما نكسر رباط الحب. كما يجب أن نتحدث عن زمن إنشاء الملكوت، للتأكيد على أنه ليس في وقت معين ولا في مساحة معينة ولكنه يتسلط عليهم ويتغلغل فيهم من خلال من يرحب به هنا والآن: «ملكوت الله بينكم... ملكوت الله فيكم» يقول لنا يسوع.

بمجرد أن يضع الإنسان نفسه بطريقة أو بأخرى في خدمة إخوته في مكان ما، وبالتالي، بمجرد أن يسمح لنفسه بأن يحكمه الحب، فإن الملكوت موجود، هنا. حتى لو لم ينل المعمودية، حتى لو لم يسمع بالمسيح من قبل، فهو ابن الله، ابن الملك. هذا ما يقوله لنا إنجيل اليوم: عندما يظهر كل ما هو خفي، سيكتشف الرجال والنساء بفرح الاندهاش الذي لا يوصف أنهم وضعوا أنفسهم في خدمة الشخص الذي يوجد من خلاله كل ما هو موجود.

أما نحن الذين قبلنا الإنجيل، فنحن شهود على عمل الله الكبير هذا. بقراءتنا لنص الدينونة العظمى (متى 25)، نعلم أن الأكبر أخذ وجه الأصغر، وحتى الأكثر بؤسًا. جميعهم إخوتنا، حتى «العشارين والخطأة»، هم كشف، وحي، لوجه الله. صورة ملوكية.

 

SHARE