الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 10 آذار 2024. موعظة الأحد الرابع من زمن الصوم

2024-Mar-10 | عظات | 270

2 أخ 36، 14 – 23   أف 2، 4 – 10   يو 3، 14 – 21 

 

«في ذلك الزمان: قال يسوعُ لنيقوديمُس: كما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن. فَإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ، حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد، لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه، بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة. فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم، بل لِيُخَلِّصَ بِه العالَم.  مَن آمَنَ بِه لا يُدان؛ ومَن لم يُؤمِنْ بِه، فقَد دِينَ مُنذُ الآن، لأِنَّهُ لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد.  وإِنَّما الدَّينونَةُ هي: أَنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم، ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور، لأَنَّ أَعمالَهم كانت سَيِّئَة. فكُلُّ مَن يَفعَلُ الشَّرَّ يُبغِضُ النُّور، فلا يُقبِلُ إِلى النُّور، لِئَلاَّ تُفضَحَ أَعمالُه. وأَمَّا الَّذي يَعمَلُ بِالحَقّ، فيُقبِلُ إِلى النُّور، لِتُظهَرَ أَعمالُه وقَد صُنِعَت في الله.»

الموعظة

يتحدث يسوع إلى نيقوديمس، أحد رؤساء اليهود، لكنه لم يفهم. جاء سرًا، في الليل، ليسأل يسوع لماذا يفعل كل هذا، تعاليمه ومعجزاته... يريد أن يفهم... يذكره يسوع برواية تحرير مصر. في البرية، بينما كان العبرانيون، في طريقهم إلى أرض الميعاد نحو تحررهم، وكيف ظهرت الحيات التي كانت تسبب بموت من تلدغه. فطلب الله من موسى أن يرفع حية نحاسية على سارية، ومن لدغته الحيات، يكفي أن ينظر إلى الحية النحاسية لكي يُشفى. هكذا، أعلن يسوع رسميًا لنيقوديمس السبب الذي جاء ابن الإنسان من أجله.

يومًا ما سيتم رفعه، مثل هذه الحية النحاسية، وحينها سيكون الخلاص ممكنًا لكل إنسان يؤمن. سيرفع على الصليب. ثم يحدد يسوع: يجب أن يُرفع ابن الإنسان. ولاحقًا يقول لتلميذي عمواس: «أَما كانَ يَجِبُ على المَسيحِ أَن يُعانِيَ تِلكَ الآلام فيَدخُلَ في مَجدِه؟» (لوقا 24، 26) أما كان ضرورياً؟ كما لو أنه، لإنقاذ الجنس البشري، لم يكن هناك مخرج آخر سوى الموت المخزي، التعذيب المخصص فقط للمجرمين، أولئك الذين سيُصلبون عن يمين يسوع ويساره (لوقا 23، 33).

وكأن الله، لكي يخلص العالم، كان عليه أن يموت على الصليب! هذا يذكرنا بنشيد فيلبي: «وَضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب. لِذٰلِك رَفَعَه اللهُ إِلى العُلى ووَهَبَ لَه الِٱسمَ الَّذي يَفوقُ جَميعَ الأَسماء كَيما تَجثُوَ لِٱسمِ يسوع كُلُّ رُكبَةٍ في السَّمَواتِ وفي الأَرْضِ وتَحتَ الأَرْض ويَشهَدَ كُلُّ لِسانٍ أَنَّ يسوعَ المسيحَ هو الرَّبّ. تَمْجيدًا للهِ الآب» (فيل 2، 9). فالموضوع هو مسألة الرفع، ولكن ليس فقط على الصليب، مرفوعًا في السماء مع الآب، قبل كل شيء.

عندما مات على الصليب، سيقوم يسوع ويعود إلى أبيه، «سيُرفع». عندها سيكشف عن نفسه ابن الله، ليس فقط ابن الإنسان بل ابن الله، إله الرحمة الذي لا يستطيع إلا أن يمنح الحياة، لأنه يحب الجميع في هذا العالم. فمتى اجتاز يسوع الموت إلى الحياة، آنذاك، كل من يؤمن يخلص، كل من يؤمن أن يسوع يعطيه حياة ما وراء الموت. يعلن يسوع لنيقوديمس يقينًا آخر، والذي ذكرتنا به القراءة الأولى. لا يأتي الله ليحكم العالم ويدينه، كما قد نتخيل عندما نسمع النص يتحدث عن غضب الله.

لا، الله في يسوع يأتي ليخلص العالم، كما في زمن سفر الأخبار: بعد صبر طويل، 70 سنة! سيستعيد الله شعبه المدمر والمنفي بسبب خطيئته، ويعيده إلى أورشليم بكل بهائها. ورسالة بولس إلى أهل فيلبي تؤكد هذا الرجاء. واليوم، في زمن الصوم هذا، عندما نكون على الطريق نحو الفصح، نحو القيامة والحياة، من الجيد أن نتذكر، أن نضع في قلوبنا هذه اليقينيات الثلاثة التي يمكننا استخلاصها من كلمة الله التي سمعناها.

اليقين الأول هو أن الله يحبنا ويريدنا سعداء وأحياء. والثاني هو أن الإنسان مدعو إلى الإيمان بالله، أي إلى اختيار النور والحياة، حتى لو كنا مهددين من كل جانب بالألم والخطيئة والظلام، حتى لو كنا نحن أنفسنا على الصليب مثل اللصين عن يسار المسيح ويمينه. واليقين الثالث هو أن هذا الإيمان بالمسيح، ابن الله ومخلص البشر، سيمكننا من التصرف في النور وممارسة وصايا وأعمال الله. رجاء هائل في هذا العالم حيث نميل بانتظام إلى اليأس. أعمالنا، إذا كانت من نور، ستكون أعمال الله. رجاء كبير لنا نحن الذين نريد «الانخراط والالتزام في هذا العالم!».

والآن يمكننا في صمت قلوبنا النظر إلى المسيح على الصليب، ونتأمل فيه هو الذي يتألم من أجل كل واحد منا، المسيح القائم في مجد الآب ونطلب منه أن نفهم في أعماق قلوبنا، ما جاء ليفعله وهو هكذا معلقًا على الصليب، في ضيق الناس واحتقارهم، ولينيرنا...

SHARE