الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 22 كانون الأول 2024. موعظة الأحد الرابع من زمن المجيء

2024-Dec-22 | عظات | 157

مي 5، 1 – 4    عب 10، 5 – 10    لو 1، 39 – 45  

 

«وفي تلك الأيام قامت مريم فمضت مسرعة إلى الجبل إلى مدينة في يهوذا. ودخلت بيت زكريا، فسلمت على أليصابات. فلما سمعت أليصابات سلام مريم، ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت من الروح القدس، فهتفت بأعلى صوتها: مباركة أنت في النساء! ومباركة ثمرة بطنك !من أين لي أن تأتيني أم ربي؟ فما إن وقع صوت سلامك في أذني حتى ارتكض الجنين ابتهاجا في بطني فطوبى لمن آمنت: فسيتم ما بلغها من عند الرب»

 

الموعظة

يسوع يأتي من العلاء، لكن يمكننا القول بأنه يصعد من الأرض أيضاً. النبي ميخا في القراءة الأولى يُعلن أنه يخرج من بيت لحم وأن أصوله تعود لفجر القرون. لسنا معتادين أن نرى يسوع ينبعث من الأرض البشرية. نراه بالأحرى نازل من السماء، بينما الإنجيليين متى ولوقا كتبوا سلالته المؤسسة على قاعدة إنسانية. هذا يعني أنه منذ الأزل هو في داخل البشرية. إنه يسكنها، يعمل فيها، يخلقها ليجعلها تصل إلى مقام الابن، أي ليجعل منها جسده الشخصي ويقودها هكذا إلى إتمامها.

يسوع هو الظهور المرئي والملموس لهذه القدرة، لهذه الكلمة، التي تؤسسنا وبها يوجد كل شيء. فالتجسد لم يعد يبدو كنيزك هبط فجأة من السماء، إنما كالكشف عن واقع يسكننا منذ أن خلق الله الإنسان على صورته ومثاله. فالصورة بامتياز، أيقونة الله الغير مرئي، هو المسيح نفسه، الذي به نحن أيضاً صور الله (كول 1، 15). يسوع هو حقيقتنا التي أتت إلى وضح النهار، ولهذا السبب علينا أن نقولب أنفسنا عليه.

الرسالة إلى العبرانيين تعارض بين مختلف الذبائح والتقادم الطقسية وبين طقوس الانفتاح على إرادة الله. صحيح أنه من الممكن العيش بانسجام مع الله بدون طقس. والقديس يعقوب يقول: «إِنَّ التَّدَيُّنَ الطَّاهِرَ النَّقِيَّ عِندَ اللهِ الآب هو افتِقادُ الأَيتامِ والأَرامِلِ في شِدَّتِهِم وصِيانَةُ الإِنسانِ نَفْسَه مِنَ العالَم لِيَكونَ بِلا دَنَس» (1، 27. صدى لميخا 6، 8). إذا كان كل شيء أو تقريباً كل شيء يعبر من الطقس، كيف يمكن لكل المسيحيين المسجونين لسنين طوال أن يبقوا «متدينين»؟

القراءة الأولى تستمر بالتحدث عن الذبيحة، لكن عن الذبيحة الجديدة، لا الطقسية. والقديس أغسطينس في كتابه مدينة الله يقول: «كل عمل صالح نقوم به ويوحدنا مع الله باتحاد حب، هو ذبيحة حقيقية». إذاً لماذا الطقوس؟ لتصوننا في الصلاة وممارسة الأعمال الجيدة، لكيلا ننسى ذكر المسيح، ولنتشبه به في وحدة الجسد. ولكن ما هي إرادة الله في أن يأتي المسيح ليتمم ونحن بدورنا نأخذ هذا الأمر على عاتقنا؟

يجيب يسوع: «مَشيَئةُ الَّذي أَرسَلَني أَلاَّ أُهلِكَ أَحَداً مِن جَميعِ ما أَعْطانيه بل أُقيمُه في اليَومِ الأَخير» (يو 6، 39). علينا نحن أن نميز ما يذهب بهذا الاتجاه في تصرفاتنا اليومية. «طوبى لمن آمنت: فسيتم ما بلغها من عند الرب» تقول أليصابات. ولكن يمكننا أن نقول طوبى لمن تزوجت إرادة الله. لأنها بجوابها للملاك: ليكن لي بحسب قولك، دخلت في مخطط الله. لقد أخذت على عاتقها إرادة الله في خلاص البشر. لقد قبلت بأن يعبر من خلالها هذا الخلاص.

ولكن أليصابات تذهب إلى مصدر قبول إرادة الله. إنها تكشف السبب. فمن المستحيل، في الواقع، الدخول في قصد الله، وتقولب أنفسنا عليه، واستقباله إن لم نؤمن. ومريم هي مباركة لأنها آمنت بأن الله هو عطوف، وأن إرادته هي ملء حياتنا. في إنجيل يوحنا يقول يسوع: «ما يمجد أبي، هو أن تعطوا ثماراً كثيرة» (15، 8). فالإيمان بأن الله يريد خصوبتنا، هذا ما يجعلنا مخصبين.

ومريم ستحمل الثمرة المطلقة، الإنسان الجديد، الإنسان المُتمّم، الذي هو واحد مع الله نفسه. مريم مباركة لأنها آمنت بذلك. ويوحنا المعمدان، ارتكض فرحاً. قلت بأن مريم آمنت بأن خلاص جميع البشر يعبر منها. وبما أنها وجه البشرية المستقبلة لله دون تحفظ، يمكننا القول بأن الخلاص يعبر من خلالنا، في كل مرة نستقبل فيها إرادة الله بالإيمان.

 

 

 

SHARE