الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 19 تشرين الثاني 2025. موعظة الأحد التاسع والعشرين من الزمن العادي

2025-Oct-19 | عظات | 141

خر 17، 8 - 13     2 تم 3، 14 – 4، 1     لو 18، 1 – 8  

 

«وضرَبَ لَهم مثَلاً في وُجوبِ المُداوَمةِ على الصَّلاةِ مِن غَيرِ مَلَل، قال: "كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. وكانَ في تلك المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي، فأَبى علَيها ذلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، ولكِنَّ هذِهِ الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي". ثّمَّ قالَ الرَّبّ: "اِسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. أَفما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونهَ نهاراً ولَيلاً وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ أَقولُ لَكم: إِنَّهُ يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم. ولكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟»

الموعظة

إذا لجأ يسوع لهذا المثل، فلأن هناك مشكلة، مشكلة صمت الله أمام طلباتنا. بينما الكتاب المقدس مليء بالدعوات لنقدم لله حاجاتنا وهمومنا مع التأكيد بأنه يسمع لنا. في إنجيل لوقا يقول: «اسألوا تُعطوا اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم» (11، 9). وأكثر من ذلك، في إنجيل متى نقرأ: «وإذا صليتم فلا تكرروا الكلام عبثاً مثل الوثنيين، فهم يظنون أنهم إذا أكثروا الكلام يُستجاب لهم.... لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه» (6، 7 - 8). والأب لا يعطي حجراً عندما نسأله خبزاً.

قد نقف مربكين، متحيرين أمام هذه النصوص المتناقضة ظاهرياً. ولكن هناك أيضاً الخبرة: كم وكم من الصلوات بقيت بدون جواب! بعض أصحاب النوايا الحسنة يجيبون بأن ذلك لكوننا لا نصلي بإيمان كافٍ، فنجد أنفسنا نتعب سدى محاولين أن نختبر مشاعر الإيمان، بينما لا يمكن أن نصنع الإيمان إنما فقط نستقبله. يبقى أن الإيمان لا يكمن فقط في الإيمان بأن الله سيجيبنا، إنما أيضاً الإيمان بأنه قد أجاب: «لذلك أقول لكم: كل شيء تطلبونه في الصلاة، آمنوا بأنكم قد نلتموه، يكن لكم» (مر 11، 24).

ومع ذلك أقلّ ما يمكن قوله هو أن هذا الأمر نادراً ما نراه!! على ضوء ذلك يمكننا أن نقرأ المثل. إنه مبني على تباين، أو مفارقة، مبني على تعارض لا نهائي موجود بين الطيب والسيء، بين قاضي ليس له أي أخلاق وبين الله. من يشبه الله؟ حتماً لا يشبه هذا القاضي. ومع ذلك هناك بعض النقاط المشتركة بينهما: سلطة القرار، الصلاة الملّحة الموجهة لهما. ثم تأتي عبارة «فكم بالأحرى»: إذا كان قاضي لا يحب أحداً ولا يهمه سوى راحته، يلبي في النهاية، فكم بالأحرى يسمع الله طلب من يحبهم، طلب مختاريه.

ولكن لماذا يتكلم عن أرملة؟ لأن الأرملة، كاليتيم هي صورة عن العجز في الكتاب المقدس: ليس لها من يدافع عنها في هذا المجتمع الأبوي. يمكن للإنسان أن يكون أضعف ما يمكن، لا حول ولا قوة له، بدون مرجع ولا استحقاق، فالله يسمعه. فالفقير هو أول من يسمعه الله ولهذا السبب علينا أن ندرك فقرنا؛ عري الإنسان، عري آدم، أمام الله. عري كل ولادة. والمثل يتابع ويقول لنا بأن الله لا يجعلنا ننتظر، إنه يجيب مباشرة أو، في إنجيل مرقس، الله سبق له أن أجابنا. وكما قلت هذا الأمر لا نراه في أغلب الأحيان.

بالطبع يمكننا أن نختار الإيمان بالرغم من ذلك، في ظلمة الليل، ولكن هذا لا يمنعنا من أن نتساءل حول طريقة إجابة الله على طلباتنا. الجملة الأخيرة في النص هي التي ستنيرنا بخصوص الجواب. «ولكن متى جاء ابن الإنسان، أفتراه يجد الإيمان على الأرض؟» جواب الله هو دائماً مجيء جديد للمسيح في حياتنا. وعبارة الإنصاف أي تحقيق العدل عليها أن تنبهنا. إنها تطرح سؤال من سيأتي ليحقق العدل عندما تتم الأزمنة؟ نميل عادة إلى تأخير هذا «المجيء في المجد» إلى مستقبل غير محدد.

برأي الشخصي، أعتقد أن هذا المجيء يتم على حدود الزمن، أي في هذا البعد العامودي الذي يطل على كل واحد منّا وفي كل لحظة من حياتنا والذي هو أبدية. بهذا المعنى تدخل الله هو دائماً فوري ومستمر. الآن وفي ساعة موتنا، كل لحظة من لحظاتنا تُميت ما سبقها. ابحثوا عن الله تجدوه: إنه مسبقاً هنا وإيماننا هو الذي يجده. فالأشياء، بالطبع، تتبع مسيرتها، ولكن هذا المرئي يكرر ذاته بوجه خفي.

بحسب المرئي، صلاة يسوع في جتسماني تبقى بلا جواب والكأس القاتلة لا تبتعد عنه: صلبه مُسجلّ في الكتاب المقدس لأنه مُسجل في إرادة البشر. هكذا مجيء الله ليعيد لنا العدل، ليعيد لنا العدل الذي فقدناه، يأخذ دائماً شكل الفصح. لهذا السبب «نصرخ إليه ليل نهار». في ليل الغياب الظاهري وعدم العدالة التي علينا تحملها؛ في صباح يقين القيامة.

SHARE