موعظة يوم الأحد 9 تشرين الثاني 2025. موعظة الأحد الثاني والثلاثون من الزمن العادي
خر 20، 1 – 17 1 قور 1، 22 – 25 يو 2، 13 – 22
«اقتَرَبَ فِصحُ اليَهود، فصَعِدَ يسوعُ إِلى أُورَشَليم، فَرَأَى في الهَيكَلِ باعةَ البقَرِ والغَنَمِ والحَمام، والصَّيارِفَةَ جالِسين إلى طاولاتِهم. فَصَنَعَ مِجلَدًا مِن حِبال، وطَرَدَهم جَميعًا مِنَ الهَيكَلِ مع الغَنَمِ والبَقَر، ونَثَرَ دَراهِمَ الصَّيارِفَةِ وقلَبَ طاوِلاتِهم، وقالَ لِباعَةِ الحَمام: «اِرفَعوا هذا مِن ههُنا، ولا تَجعَلوا مِن بَيتِ أَبي بَيتَ تِجارَة». فتَذَكَّرَ تلاميذُه أَنَّه مَكْتوب: «الغَيْرَةُ على بَيتِكَ ستَأكُلُني». فأجابَه اليَهود: «أَيَّ آيةٍ تُرينا حتَّى تَفْعَلَ هذا؟» أَجابَهم يسوع: «اُنقُضوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!» فقالَ اليَهود: «بُنِيَ هذا الهَيكَلُ في سِتٍّ وأَربَعينَ سَنَة، أوَأَنتَ تُقيمُه في ثَلاَثةِ أيَّام؟» أَمَّا هو فكانَ يَعْني هَيكَلَ جَسَدِه. فلمَّا قامَ مِن بَينِ الأَموات، تذكَّرَ تَلاميذُه أَنَّه قالَ ذلك، فآمنوا بِالكِتابِ والكَلِمَةِ الَّتي قالَها يسوع».
الموعظة
كان الفصح اليهودي يقترب، هذا هو إطار نص اليوم. يسوع يصعد إلى أورشليم. وسيشير أيضًا إلى فصح الصلب بالحديث عن هدم وإعادة بناء «هذا الهيكل»، والإنجيلي يوحنا يحدد أنه هيكل جسده. بالنسبة لإسرائيل، الهيكل هو مكان إقامة الله، البيت الذي اختار الله أن يسكن فيه بعد أن أمر ببنائه. موضوع المسكن موجود بكثرة في إنجيل يوحنا. والكلمات الأولى التي يوجهها، إلى يسوع، من سيصبحون تلاميذه هي «أين تقيم؟» (يو1، 19). ستصبح الإجابات أكثر وضوحًا عبر الصفحات.
علينا أن نفهم أولاً أن المسيح هو نفسه مسكن الله. في لقاء يسوع مع المرأة السامرية (يو 4)، نقرأ بأن الله لا يوجد على جبل السامرة أو في أورشليم، بل نلتقي به في أي مكان «بالروح والحق». بالمقابل، يقدم يسوع نفسه على أنه الحق (يو 14، 6). بعطاء الروح، عندما يتم تدمير «هيكل جسده»، سيحصل يسوع على جسد جديد، حيث يمكن لكل واحد منا أن يجد الله. هذا الهيكل الجديد، هذا المسكن الجديد، هو نحن عندما نصبح واحدًا بسبب مَثَلْ ورسالة الحب التي تركها لنا (متى 18، 20 يوحنا 15).
فالكنيسة إذن، ليست كجهاز وكمؤسسة، بل كشركة. بطرده للباعة من الهيكل، لا يريد يسوع، أن يدين التجارة والتجار. ما يدينه هو استخدام الله وبيته للحصول على شيء آخر غيره، وهو في هذه الحالة الربح المادي. «بيت الله» يصبح في الواقع «بيت تجارة». يُطرد الله، بطريقة ما، من بيته حتى يقيم المال مكانه. هذا سلوك وثني: شيء أنتجه الإنسان يوضع فوق الله ويصبح موضع عبادة. ما الذي لم نفعله عبر التاريخ باسم الله والمسيح، مستعبديهم لعبادتنا!
لهذا السبب تقدم لنا الكنيسة، من خلال القراءة الأولى، الوصايا العشر. في الواقع، التصرفات التي تحرّمها الوصايا العشر تتعلق جميعها بعبادة الأوثان: عبادة الربح، الشهرة، والجنس. كثيرون هم على استعداد للتضحية بأي شخص من أجل هذه «القوى والهيمنة». يمكننا أن نرى أن قصص الإنجيل لا تروي لنا مجرد حكايات: إنها تخبرنا عن هوية الله وتتحدث إلينا عن أنفسنا، وعن سوء فهمنا، وانحرافاتنا المحتملة.
ومن يحاول أن يضع أي شيء مكان الله يجد نفسه مطرودًا من منطقة الله. في الواقع، هو ليس مطرودًا: لأنه، بعد أن أخلى الله من حياته، ترك هو نفسه بيته. فليست هناك حاجة لسوط لهذا الغرض. من سيُطرد من الهيكل، ويُجلد، ويُصلب خارج المدينة، ويُستبعد من المجتمع البشري؟ لا عبدة الأوثان بل الله نفسه في شخص المسيح. يستولي «التجار» على «المعبد». ونحن لانزال هنا: ما علينا سوى أن نفتح أعيننا لنرى انتشار عبادة الأوثان في كل مكان.
ولم يعد يتم التضحية لهم بالحيوانات، بل بالبشر. دعونا لا نغضب سريعاً: فلنحاول أولاً تحديد الأصنام التي نعبدها، غالبًا دون أن نشك في ذلك. من يستطيع أن يدعي أنه غير ملوث؟ إن خضوع الله، مصدر كل موجود، لمشاريعنا القاتلة هو أمر مذهل: إنه «عِثارٍ لِليَهود وحَماقةٍ لِلوَثنِيِّين»، كما سمعنا في رسالة اليوم. في الواقع، يخضع الله لنا لدرجة أنه يأخذ مكان ضحايانا. لأننا في كل مرة نحوّل كائنًا بشريًا إلى حالة شيء، فإن الله نفسه هو الذي نصلبه، ونطرده من الهيكل.
إن تصرف المسيح الذي يطرد التجار قد يكون مفاجئًا: هل يستطيع من هو الحب أن يظهر العنف؟ دعونا نفهم أن المعنى العميق لهذه الرواية يتجاوز مادية الحقائق، وأنه هنا يُعلن ويُكشف لنا أن المسيح سوف يطرد من عالمنا هذه الأصنام المهيمنة التي نزرعها. عندها ستصبح البشرية الهيكل الذي يسكنه الله.