موعظة يوم الأحد 25 نيسان 2021 موعظة الأحد الرابع من الزمن الفحي
أع 4، 8 – 12 1 يو 3، 1 – 2 يو 10، 11 – 18
«أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. وأَمَّا الأَجير، وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِرافُ له فإِذا رأَى الذِّئبَ آتياً تَركَ الخِرافَ وهَرَب فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها. وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. أَنا الرَّاعي الصَّالح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف.
ولي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضاً لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي».
الموعظة
غالبًا ما يُصَوَّر يسوع على أنه شاب قوي، حامل الخروف الضعيف، ويوجه الخراف السمينة وعيناه مفتوحتان لأي خطر قد يظهر. إنه مُعطى لعمله كلية. صوته كافٍ للتعرف عليه. إنه يلهم الثقة التي لا تتزعزع والبعض يرى فيه الدليل الأكيد! إنه الراعي الصالح الذي يبذل نفسه في سبيل خرافه بدلاً من أن يأخذها منها ...
الإنجيل مليء بالجدل ضد يسوع. تم توجيه العديد من التهديدات ضده. بعد مثل الراعي الصالح، ظهرت حركات جديدة بين اليهود: انقسام بين من يؤمنون بأن يسوع ممسوس وأولئك الذين يجدون فيه كلمات الخلاص. لذلك هذا المثل يحمل رسالة حية وجذابة.
صورة الراعي ليست جديدة. هناك العديد من نصوص العهد القديم التي تذكر ذلك. إنهم يساعدون في رسم المشهد العقلي لمستمعي يسوع. حزقيال 34 وإرميا 23 ينددون برعاة إسرائيل الأشرار، الذين التهموا أنفسهم الخيرات دون رعاية الخراف الضعيفة، مما تسبب في تشتت القطيع. ويسوع نفسه يتحدث عن لصوص سارقين.
حزقيال وإرميا يقدمان تباينياً الله الذي يصبح راعياً، حيث يُدعى جميع الرعاة الطيبين للتصرف على مثاله: هو نفسه يجمع قطيعه، ويعطيه مكانًا للراحة ويجعله خصباً؛ ثم يعهد به إلى رعاة مؤهلين حتى لا تخاف الخراف بعد الآن ولا يضيع أي منها.
تبدو هذه الأرض التي يمكن للقطيع أن يستريح فيها شبيهة بأرض الميعاد، المعترف بها على أنها مكان حياة يقدمه الله. فالله هو في الواقع الراعي الوحيد، الذي أرشد شعبه في الصحراء، كما تقول المزامير، وأعطاه رعاة بشر يحتاجهم حتى لا يتعثروا في الطريق.
بهذه الطريقة يضمن الطريق إلى الحياة ويضمن الوحدة. ونصوص العهد القديم تشدد على عطفه وإحسانه: فهو منتبه إلى الخروف الضعيف كما للخروف السمين. يعيد الخروف الضال ويشفي الجرحى منها ويقوي الضعيف ويسهر على الأصحاء.
بدون شك، أسوأ ما يمكن أن يحدث للقطيع هو أن يًسلَّم إلى رعاة سيئين أو أن يُترك بدون راع. ثم تدوي الأصوات التي تعلن بأن الله سيقيم راعيًا من اختياره: فيقف داود وخلف داود، على نطاق أوسع، الوجه المسيحاني، وجه الراعي الذي أقامه الله، والذي لن يستطيع أحد مقاومته وسيحافظ على قوة اللاعنف. إنه عابر نهائي للخلاص.
الفريسيون، القادمون من اليهودية والمعتادون على العهد القديم، يتميزون بأذان صمَّاء ولكن لديهم كل العناصر لكي يفهموا: «يسوع هو الراعي». هناك تطابق بين الراعي المسيحاني، الذي وصفه الأنبياء، ويسوع الراعي في مثل اليوم.
ويسوع يؤكد هذا الأمر. لكنه يضيف شيئًا آخر بشكل غير متوقع: «أنا الباب». من المحتمل أن يسوع كان بالقرب من الهيكل عندما قال هذا المثل، الذي يقع بين عيد الخيام وعيد النور.
السياقات الجغرافية والزمنية يسلطان الضوء لكي نفهم بشكل أفضل كلمات يسوع. تربط التوراة اليهودية عيد الخيام بالنزوح الجماعي من مصر. وتُذكِّر «الأكواخ» التي تقام خلال هذا العيد بثقة الناس بالله الذي قادهم على طريق التحرر.
بقوله «أنا الباب» في هذا السياق لذكرى الخروج، يقدم يسوع ذاته على أنه الطريق الوحيد للحرية. هذه التجربة التي عاشها شعب إسرائيل في خيام الصحراء، تجربة تحرر، وكل إنسان مدعو يعيشها في يسوع.
من ناحية أخرى، يُذكّر عيد النور بالاحتفال بتطهير الهيكل وتكريسه بعد الدمار الذي لحق به في عهد أنطيوخس إبيفانيس. في «قدس الأقداس»، الجزء الأكثر قدسية من الهيكل، كان تابوت الله يُعبد في أيام سليمان.
هنا، يأخذ يسوع الجزء (الباب) من أجل الكل (الهيكل) «كما تُستعمل كلمة الشام لمدينة دمشق ولبلاد الشام». بعبارة أخرى، يكشف نفسه على أنه هيكل الله، وهيكل العهد، وهو مكان يأخذ فيه كل تكريس معناه. فالباب إذن ليس فقط باب الحظيرة حيث يأوي الراعي الخراف: إنه الباب الذي يقود إلى الله، الآب، وإلى الحرية. يسوع هو ذلك الباب. يقول في مكان آخر إنه الباب الضيق، وبعده العامودي يُذكر بالصليب.
الباب هو المسيح من الولادة إلى الموت والقيامة. به يجب العبور لنجد بفيض، طريق الخلاص والحياة. فإذا كانت الحظيرة التي يسوع هو بابها هي أرض الميعاد الجديدة، فستكون التجربة هي الاعتقاد بأن الإنسان يدخلها نهائيًا وأنه بمجرد العثور على الأرض التي، تدر حليباً وعسلاً، لا يبقى للإنسان سوى الاستمتاع بهذا الفيض بغض النظر عن العالم من حوله.
هنا تأتي مفاجأة جديدة: الراعي يُخرج الخراف من الحظيرة! من المؤكد، أرض الميعاد مفتوحة نهائياً لشعب الحياة ومُعطاة للأبد للذين يؤمنون بيسوع المسيح، لكن خروجهم لا يمكن أن ينتهي يوماً.
إنهم مدعوين، على مثال يسوع، ليأتوا ويذهبوا، من هذا المكان حيث يستمدون القوة من حياته، ليذهبوا ويتبعوه إلى الخارج. لا استقرار وثبات للقطيع الذي يقوده يسوع! كما هي حال بطرس، على حافة البحيرة، بعد القيامة، حيث يُعلن له يسوع بأنه سيكون الراعي، سيجرده ويطلب منه تحمل المسؤولية الكاملة عن القطيع، وهو المستقبل الذي سينقله من بحيرة الجليل إلى الأرض الرومانية، فكل تلميذ مدعو إلى الخروج، باتباع من هو الحياة.
في عظته لخميس الأسرار عام 2013 دعا البابا فرنسيس الكهنة للخروج من أنفسهم، للخروج إلى الأطراف، ليكونوا رعاة «برائحة خرافهم»، «في وسط قطيعهم». هذا هو معنى أي دعوة في الكنيسة: أن نكون متضامنين مع شعب يخرج، في نزوح مستمر، حاملاً رائحة يشترك فيها الراعي والخراف مع الجميع، رائحة الإنجيل.