موعظة يوم الأحد 11 أيلول 2022. موعظة الأحد الرابع والعشرين من الزمن العادي
خر 32، 7 – 14 1تيم 1، 12 – 17 لو 15، 1 – 10
وكانَ الجُباةُ والخاطِئونَ يَدنونَ مِنه جَميعًا لِيَستَمِعوا إِلَيه. فكانَ الفِرِّيسِيُّونَ والكَتَبَةُ يَتَذَمَّرونَ فيَقولون: «هٰذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!» فضَرَبَ لَهم هٰذا المَثَلَ قال: «أَيُّ أمرئ مِنكُم إِذا كانَ لَه مائةُ خروف فأَضاعَ واحِدًا مِنها، لا يَترُكُ التِّسعَةَ والتِّسعينَ في البَرِّيَّة، ويَسْعى إِلى الضَّالِ حتَّى يَجِدَه؟ فإِذا وَجدَه حَمَله على كَتِفَيهِ فَرِحًا، ورجَعَ بِه إِلى البَيت ودَعا الأَصدِقاءَ والجيرانَ وقالَ لَهم: افرحوا معي، فَقد وَجَدتُ خَروفيَ الضَّالّ! أَقولُ لَكم: هٰكذا يكونُ الفَرَحُ في السَّماءِ بِخاطِئٍ واحِدٍ يَتوبُ أَكثَرَ مِنه بِتِسعَةٍ وتِسعينَ مِنَ الأَبرارِ لا يَحتاجونَ إِلى التَّوب
«أَم أَيَّةُ امرأة إِذا كانَ عِندَها عَشرَةُ دَراهِم، فأَضاعَت دِرهَمًا واحِدًا، لا تُوقِدُ سِراجًا وتَكنُسُ البَيت وتَجِدُّ في البَحثِ عنه حتَّى تَجِدَه؟ فإِذا وَجَدَتهُ دَعَتِ الصَّديقاتِ والجاراتِ وقالت: افرحن معي، فقد وَجَدتُ دِرهَمِيَ الَّذي أَضَعتُه! أَقولُ لَكم: هٰكذا يَفرَحُ مَلائِكَةُ اللهِ بِخاطِئٍ واحِدٍ يَتوب»
الموعظة
نظرة يسوع هذه نحو شخص ضال هي نظرة إنسانية للغاية. هذه اللفتة هي «الكشف» عن الطاقة التي يلتزم بها لتحرير من هم في وضع سيء للغاية في الحياة. أولوية يسوع هي تحرير قوة الحياة لدى هؤلاء الناس. في مجتمع زمانه الصارم للغاية، والذي كان يخنق الحياة، سيسعى يسوع إلى الحياة التي تختبئ وراء سلوك الضال لكي ينفخ فيه نسمة قوية للحياة.
إن موقف يسوع الذي يترك «الممارسين الصالحين» للشريعة، صادم. إنه يرفض السماح لنفسه بالانضمام إلى طبقة من الأشخاص «الجيدين» الذين يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم، ويعظون الآخرين بما هو صحيح، ويدفعون ويُبعدون عنهم بقوة «المبادرات الجيدة» للآخرين خوفًا من العدوى من فيروسهم. فيذهب يسوع باحثًا عن إنسان ضال.
إنه يُظهر بالتالي أنه ليس الضلال، ولا الخطيئة هي ما يهمه، إنما الألم. غالبًا لا نرى سوى ضياع أحد القريبين. لا ندرك أنه يخفي آلاماً كبيرة لأنه يشعر بالرفض، وأنه غير محبوب من الأسرة، كما أنه تم الحكم عليه بشكل خاطئ. يسوع يندفع للخروج لمساعدة هؤلاء الأشخاص للخروج من حياتهم الميتة. لا يطلب منهم تغيير حياتهم.
إنه لا يخرج إلى «السيئين» ليعظ بهم كما كان يفعل واعظي زمانه. يخرج لمرافقتهم على طريقهم، ليعيد لهم مكانة الشرف، المقعد الأول. هذه البادرة بالتخلي عن «الجيدين» لزيارة الناس، الناس التائهين الضالين والذين نحن منهم، هي كشف لحقيقة الله. يقول الله ذاته في هذه البادرة للخروج من الجماعة المنغلقة على ذاتها، التي تحمي ذاتها من الآخرين المختلفين عنها. يقول الإنجيلين بأن يسوع لا يهتم بسمعته، وبما سيفكر فيه «الأصحاء».
إنه يعيش في سعادة شديدة لدرجة أنه لا يتساءل عما إذا كان يحترم العقيدة السارية. أولويته هي رؤية بؤس شعبه «إِنّي قد رَأَيتُ مذَلَّةَ شَعْبي» (خروج 3، 7)، والعمل. من هو الله ليحبنا هكذا تقول إحدى الترانيم الدينية. إن إنسانية الله هي أولى الأسرار، كما يؤكد صوفي القرن الماضي موريس زنديل.
من خلال وضع ممارسة الإيمان التي تستبعد «غير الأصحاء» بين قوسين أو جانباً، لا يكتفي يسوع بتعليم أعراف متجذرة في الثقافة الدينية. يمارس رحمة الله تجاه المتروكين والفاسدين بالمخدرات القوية، والمهاجرين. كلهم خراف ضالة. بخروجه من هذا الانغلاق، يفقد يسوع سمعته. لكي يربح إنسان مفقود أو ضال، يخاطر دون تردد بفقدان سمعته كمؤمن صالح.
وهل نحن مستعدون للوقوف على أرض مستنقعات بنظر أعين «المؤمنين الصالحين»، لمساعدة أولئك الذين غالبًا ما تكون حياتهم «في الخارج» غير سعيدة وتنتظر لفتة تنقذهم وتستعيد كرامتهم؟ يتم تنفيذ هذا العمل من قبل العاملين في المجال الإنساني. إنهم يسوع بالنسبة للعديد من المرفوضين وضحايا الحروب بجميع أنواعها.
عندما نختار اتباع يسوع حتى النهاية، تتغير أشياء كثيرة في حياتنا، كما عبّر بولس في رسالته إلى أهل فيلبي «إِنِّي مِن بَني إِسرائيل، مِن سِبْطِ بَنْيامين، عِبْرانِيٌّ مِنَ العِبْرانِيِّين. أَمَّا في الشَّريعة فأَنا فِرِّيسِيّ، وأَمَّا في الحَمِيَّة فأَنا مُضطَهِدُ الكَنيسة، وأَمَّا في البِرِّ الَّذي يُنالُ بِالشَّريعة فأَنا رَجُلٌ لا لَومَ علَيه».
ويؤكد بكل وضوح، أن أجمل المبادرات، وأنجح الإنجازات، وأكثر المشاريع جرأة أو أفضل نضجًا، كل هذا يتضاءل مقارنة بمعرفة يسوع الرب «إِلَّا أَنَّ ما كانَ في كُلِّ ذٰلِكَ مِن رِبْحٍ لي عَدَدتُه خُسْرانًا مِن أَجلِ المسيح، بل أَعُدُّ كُلَّ شَيءٍ خُسْرانًا مِن أَجْلِ المَعرِفَةِ السَّامِية، مَعرِفةِ يسوعَ المسيحِ رَبِّي». كل هذا يمَّحي أمام الاختبار الحي للمسيح الحي.
فالتشبه بيسوع، والتصرف مثله، وتقليد خروجه المتعدد، إراحة «غير الجيدين» يعزز صلاتنا من أجلهم. يسوع لا يصلي من أجلهم فقط. وكذلك بولس. يتخلى بولس عن التمسك بماضيه كمنفذ كامل للشريعة للانفتاح على الوصية الجديدة، أي الذهاب إلى الجميع، والدخول في محادثة مع الوثنيين، وفتح طريق أمامهم، وعبور فصحي من خلال معرفة يسوع. هذا الزمن بدأ الآن.