الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 6 تشرين الثاني 2022. موعظة الأحد الثامي والثلاثون

2022-Nov-06 | عظات | 362

2 مكا 7، 1 – 14   2 تس 2، 16 – 3، 5   لو 20، 27 – 38

 

«فَي ذَلكَ الزمَان: دَنا بَعضُ الصَّدُّوقيِّين، وهُمُ الَّذينَ يَنكرونَ القِيامَة، فسأَلو يسوع: «يا مُعَلِّم، إِن مُوسى كَتَبَ علَينا: إِذا ماتَ لامرِئٍ أَخٌ لَه امرَأَةٌ ولَيسَ له ولَد، فَلْيَأخُذْ أَخوهُ المَرْأةَ ويُقِمْ نَسْلاً لِأَخيه. وكانَ هُناكَ سَبعَةُ إِخوَة، فأَخَذَ الأوَّلُ امْرأَةً ثُمَّ ماتَ ولَيسَ له ولَد. فأَخذَها الثَّاني ثُمَّ الثَّالِث، وهكذا أَخذَها السَّبعَةُ ومَاتوا ولَم يُخَلِّفوا نَسْلاً. وآخِرَ الأَمْرِ ماتَتِ المَرأَةُ أَيضًا. فلأَيِّهم تَكونُ هذِهِ المَرأَةُ زَوجَة في القِيامة؟ لِأَنَّ السَّبْعَةَ اتَّخَذوها امَرأَةً؟ »فقالَ لَهم يسوع: «إِنَّ الرِّجالَ مِن أَبناءِ هذهِ الدُّنْيا يَتَزَوَّجون والنِّساءَ يُزَوَّجْنَ. أَمَّا الَّذينَ وُجِدوا أَهْلاً لأَن يَكونَ لَهم نَصيبٌ في الآخِرَةِ والقِيامةِ مِن بَينِ الأَموات، فَلا الرِّجالُ مِنهُم يَتَزوَّجون، ولا النِّساءُ يُزَوَّجنَ. فلا يُمكِنُ بَعدَ ذلك أَن يَموتوا، لِأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامة. وأَمَّا أَنَّ الأَمواتَ يَقومون، فقَد أشارَ موسى نَفْسُه إِلى ذلك في الكَلامِ على العُلَّيقَة، إِذ دعا الرَّبَّ إِلهَ إبراهيم وإِلهَ إِسحق وإِله يَعقوب. فما كانَ إلهَ أَموات، بل إِلهُ أَحياء، فهُم جَميعًا عِندَه أَحْياء»

الموعظة

القيامة هي مركز الإيمان المسيحي. يمكننا أن نؤمن بالله، بقيمة تعاليم يسوع، بالأخلاق الإنجيلية الممتازة، ولكن إن لم نؤمن بأن المسيح قد قام من بين الأموات وأننا موعودين للمشاركة في حياته الخالدة، فبشارتنا باطلة وإيماننا باطل. فالإيمان بالقيامة يصبح أكثر صعوبة، إذا لم نكتفي بتأكيده، وتركنا أنفسنا لمخيلتنا لنتخيل ماهيّة الجسد القائم من الموت، والحياة في السماوات الجديدة والأرض الجديدة.

وهذا ما يفعله الصدوقيون، فرع خرج من عظيم الكهنة صادوق. والسؤال كان مطروحاً على أهل قورنتس أمام الرسالة الأولى الموجهة لهم: «كَيفَ يَقومُ الأَموات؟ في أَيِّ جَسَدٍ يَعودون؟». وبولس يسعى لتوجيههم نحو فكرة الجسد الروحاني، ممّا يضعنا أمام لغز كبير، لكنه يلتحق بجواب يسوع في إنجيل اليوم: لا يمكننا أن نتخيّل عالم القيامة على صورة عالمنا الأرضي أو الحالي.

وفي الواقع هذا السؤال يُقلق العديد من المسيحيين، القلقين بخصوص الوعد المُعطى للعلاقات الحالية. كل ما يمكننا قوله هو أن كل ما هو حبّ في حياتنا يجتاز عتبة ليختبر الإتمام. فالحب في حياة الله ليس أقلّ منه في حياتنا الأرضية. على العكس، حبّنا الحالي يعبر إلى اللانهاية. قبل يسوع بكثير، هناك أُناس شعروا بأن الحياة الزوجية وبشكل خاص الجنس، يرتبط بالأخلاق. اتحاد الزوج يحتوي على الإرادة بالوجود في الآخر وبالآخر، محاولة خلاص وأيضاً عبور في الموت: فليس من باب الصدفة أن تُدعى النشوة الجنسية «بالموت الصغير».

ومجيء الطفل يجسد البقاء بالآخر. إنه يشكل امتداد له. لهذا السبب الكتاب المقدس مسكون بهمّ السلالة. لهذا السبب يذكر إنجيل اليوم قانون «السلفة» الذي، لدى اليهود، يُلزم الرجل بالزواج من أرملة أخيه ليعطيه ذرية في حال توفى بدون أطفال. فلنضع جانباً كل أشكال الفكر الذي يقترحه هذا القانون، والوحدة القوية بين الأخوة التي يعطيها الكتاب المقدس، ومفهوم الأنوثة الإيجابي.

جواب يسوع للصدوقيين يُسجّل في هذا المنظور: إذا كانت الحياة الزوجية، والجنس والإنجاب هم علاج للموت، فلا داع لوجودهم ما بعد الموت، في عالم القيامة، عالم الموت الذي تم عبوره وتجازوه. فلتجنب القلق الذي تولّده كلمات يسوع، علينا أن نكرر بأن الشكل الذي أخذته العلاقات الإنسانية اليوم قد تم تجاوزه. لأن الطريقة التي نعيش فيها هذه العلاقات تخضع للموت الذي علينا تجنبه. ففي حياة الله لا تنتهي هذه العلاقات بل تلتحق بحقيقتها، إنما «نَحنُ مُنذُ الآنَ أَبناءُ الله ولم يُظهَرْ حتَّى الآن ما سَنَصيرُ إِليه» (1 يو 3، 2).

إذا كانت رواية الصدوقيين تجتاز سؤال معنى الجنس الإنساني، فذروتها هي الصورة التي نكونها عن الله: «الله ليس إله الأموات، بل إله الأحياء؛ فالكل يحيا في الواقع من أجله». يمكننا الملاحظة بأن كل ذلك، مكتوب بالحاضر، ممّا يعني أن عالم القيامة لا يأتي بعد الحياة التي نعرفها، بل، بطريقة ما، «فوقها».

إن أردنا، فالقيامة والحياة الأبدية هي بعد من أبعاد وجودنا الحاضر. «فالحَياةُ الأَبدِيَّة هي أَن يَعرِفوكَ أَنت الإِلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا الَّذي أَرسَلتَه يَسوعَ المَسيح» (يو 17، 3). كل الأمور تلتقي ببعضها: عيش القيامة، يعني معرفة الله؛ ومعرفة الله، تعني الاعتراف به على أنه الله، ليس إله الأموات، بل إله الأحياء، إله القيامة المستمرة، في الحاضر.

هذا هو الوجه الخفي لوجودنا. نفهم آنذاك بأنه من السخافة واللامعقول احتقار «الحياة الأرضية» على حساب «الحياة السماوية». في حال تمسكنا بهذه اللغة، لنقل بأن حياتنا الأرضية هي مسبقاً سماوية. ما هو مؤجل، كما تقول الرسالة الأولى ليوحنا، هو ظهور وضعنا كأبناء لله (3، 1 - 2). في الإنجيل يستعمل يسوع عبارة «أبناء الله، ورثة القيامة» للتعبير عن وضعنا في القيامة. فالمعمودية تعني كل ذلك!

 

 

SHARE