الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 4 كانون الأول 2022. موعظة الأحد الثاني من من المجيء

2022-Dec-04 | عظات | 546

«في تِلكَ الأَيَّام، ظهَرَ يُوحنَّا المَعمَدان يُنادي في بَرِّيَّةِ اليَهودِيَّةِ فيقول: توبوا، قدِ اقتَربَ مَلكوتُ السَّموات. فهُوَ الَّذي عَناهُ النَّبِيُّ أَشَعْيا بِقَولِه: صَوتُ مُنادٍ في البَرِّيَّة: أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَه قويمة. وكانَ على يُوحنَّا هذا لِباسٌ مِن وَبَرِ الإِبِل، وحَولَ وَسَطِه زُنَّارٌ مِن جِلْد. وكان طَعامُه الجَرادَ والعَسلَ البَرِّيّ. وكانَتْ تَخرُجُ إِليهِ أُورَشليم وجَميعُ اليهوديَّةِ وناحيةُ الأُردُنِّ كُلُّها، فيَعتَمِدونَ عَنِ يدِهِ في نَهرِ الأُردُنِّ مُعتَرِفينَ بِخَطاياهم. ورأَى كثيرًا مِنَ الفِرِّيسيِّينَ والصَّدُّوقيِّينَ يُقبِلونَ على مَعموديَّتِه، فقالَ لَهم: «يا أَولادَ الأَفاعي، مَن أَراكم سَبيلَ الهَرَبِ مِنَ الغَضَبِ الآتي؟ فأَثمِروا إِذًا ثَمَرًا يَدُلُّ على تَوبَتِكم، ولا يَخطُرْ لَكم أَن تُعلِّلوا النَّفْسَ فتَقولوا: إِنَّ أبانا هوَ إِبراهيم. فإِنَّي أَقولُ لَكم إِنَّ اللهَ قادِرٌ على أَن يُخرِجَ مِن هذهِ الحِجارةِ أَبناءً لإِبراهيم. ها هيَ ذي الفَأسُ على أصولِ الشَّجَر، فكُلُّ شجَرةٍ لا تُثمِرُ ثَمرًا طيِّبًا تُقطَعُ وتُلْقى في النَّار. أَنا أُعمِّدُكم في الماءِ مِن أَجْلِ التَّوبة، وأَمَّا الآتي بَعدِي فهو أَقْوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهْلاً لأَن أَخلَعَ نَعْلَيْه. إِنَّه سيُعَمِّدُكم في الرُّوحِ القُدُسِ والنَّار. بيَدِه المِذْرى يُنقِّي بَيْدَرَه فيَجمَعُ قَمحَه في الأَهراء، وأَمَّا التِّبنُ فيُحرِقُه بنارٍ لا تُطْفأ»

الموعظة

في أيام يوحنا المعمدان كانت اليهودية مُحتلة من الرومان خلال 90 سنة. فكان للناس من الوقت الكافي ليعتادوا على هذا الأمر. بعض الضباط الرومان كانوا يذهبون حتى إلى المجامع اليهودية. وبيلاطس، وصل منذ سنة، لا يتردد في استعمال القوة ليفرض السلام. والمجلس اليهودي يحكم تحت سلطة عظيم الكهنة. كل شيء يجري كالمعتاد.

البعض يذهب إلى المجمع والبعض الآخر لا؛ كل واحد يتصرف بحسب إمكانياته. هذا هو الواقع آنذاك. واليوم؟ الأزمة، البطالة، الكنيسة، الأساقفة الخ. كيف يمكن أن نرى عمل الله في كل ذلك؟ ومع ذلك، هناك شيء ما يحدث من ناحية الأردن. يوحنا المعمدان، ابن الكاهن زكريا، يعظ بالتوبة. يعيش في الصحراء، كالأسييين في قمران. كان يتغذى من الجراد والعسل البري.

وقد لاقى نجاحاً كبيراً. بدلاً من تأييد الصراع حتى الموت بين أبناء النور وأبناء الظلمة، استقبل كل الناس، بما فيهم جُباة الضرائب أو الجنود، والمتعاونين المعروفين مع السلطة الرومانية. إنه يُقدّم ذاته كتلميذ لأشعيا: صوت صارخ في البرية. أشعيا لم يكن النبي المفضل لدى الناس في مدينة القدس: كثير من المسيحانية، كثير من الأحلام، والدعوة إلى الروح القدس، كثير من الوعود للفقراء، للنجسين وانفتاح كبير على الغريب.

أشعيا يعتبر عصري جداً في وادي قمران، وأقل لدى المجلس اليهودي. ومع ذلك كانوا في صدد إعلانه قديساً مع بقية الأنبياء. واليوم، من هو النبي في نظرنا؟ أي إنسان؟ أي رجل؟ أية امرأة؟ أي رجل سياسي؟ أي صحفي، أي مخرج سينمائي؟ أي فنان؟ قادرون على مساعدتنا لفهم عالم اليوم حيث نعيش. هل التقليد مُكرّم فقط لأنه من الماضي ويشكل التجذر والذاكرة، لكي نواجه صمت الله، ونقرأ الحاضر، عطاء الله لليوم؟

اختلق يوحنا طقس جديد: كان يغطّس الناس الذين يأتون إليه في مياه الأردن، ويدعوهم للاهتداء. فالموضوع ليس تغيير العقلية، أو الإيديولوجية، إنما العودة غير المشروطة لله، واستقبال القلب الجديد الذي يتكلم عنه النبي إرميا. وأنا ما الذي يساعدني لاستقبال جديد حضور الله في هذا العالم؟ هل صلاتي هي صلاة طقسية: أُصلّي، أذهب إلى القداس.. أم هي زمن مجاني، واستقبال لحضور الله الصامت في أغلب الأحيان؟

كيف أُعطي الله الإمكانية لكي يعمل فيَّ، وللبذرة، الزمن اللازم لكي تُثمر. الفريسيين والصدوقيين يقطعون مسافة طويلة ليستمعوا ليوحنا. والسؤال الأساسي: هل هو نبي؟ خصوصاً أنه منذ 400 سنة لم يكن هناك من نبي. ولا لشخص يقول: «هكذا تلكم الربّ». المسؤولين يقولون: «هذا ليس بالأمر الخطير، فنحن أبناء الأنبياء، والله أعطانا مسؤولية تفسير وتحديد التصرف الجيد لليوم».

والبعض الآخر، على مثال يوحنا المعمدان هم قلقون: نعم أعطانا الله الشريعة، ولكنها مغطاة بالخطيئة؛ فعلى الله نفسه أن يأتي لينيرنا، وليتدخل، ويرسل لنا إيليا، موسى الخ... ونحن اليوم؟ نعم اعطانا الله كل شيء بابنه، يسوع، مات وقام من بين الأموات من أجلنا، من أجل خطيئتنا. نعم الله حاضر في كنيسته، جسد المسيح. ولكن بماذا أو بمن نحن متمسكون؟

بتعليم ما، بعقيدة معينة، بتعليم مسيحي، بتصرفات ما... أم بشخص يسوع؟ وكيف يمكن التأكد من ارتباطنا؟ كيف يمكن تمييزه؟ يوحنا المعمدان لديه صعوبة. إنه منفتح على السر، وجاهز ليصغر كي ينمو الله. أرسل تلاميذه على خطى يسوع. لكنه محبط ومشوش بسبب يسوع الذي لم يكرر إعلان نهاية العالم: «هل أنت المنتظر أم ننتظر آخر؟»

ويسوع يرسله إلى أشعيا «العرج يمشون والعميان يبصرون...». والمعمدان لم يصبح أبداً تلميذاً للمسيح، بل بقي في العهد القديم، على عتبة العهد الجديد. ونحن اليوم؟ أليس الكثير من تصرفاتنا، على مثال تلامذة يوحنا، مندهشة من يسوع، من حياته ومن رسالته؟ أليس هناك الكثير ممن يبحثون، حتى ولو عبر ذلك من خلال شيء من العدوانية، والرفض الظاهر لمعتقدات أهلهم؟

في النهاية، حتى الصدوقيين أتوا ليسمعوا ليوحنا المعمدان. الميلاد، هو الله في الجسد، مجيء ملكوت الله على كل البشر، البشرى السارة. فزمن التهيئة مُعطى لنا لنستعد لاستقبال هذه الهدية التي يعطينا إياها الله بمجيئه إلينا ومشاركته لحياتنا، ولموتنا، هدية تبقى هدايانا نحن الفقراء، مجرد صدى بعيد لها.

 

 

SHARE