الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 5 شباط 2023. موعظة الأحد الخامس من الزمن العادي

2023-Feb-05 | عظات | 232

أش 58، 7 – 10   1 قور 2، 1 – 5   متى 5، 13 - 16

 

«في ذلك الزمان، قال يسوع لتلاميذه: أَنتُم مِلحُ الأَرض، فإِذا فَسَدَ المِلْح، فأيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُه؟ إِنَّه لا يَصلُحُ بَعدَ ذلك إِلاَّ لأَنْ يُطرَحَ في خارِجِ الدَّار فَيَدوسَه النَّاس. أَنتُم نورُ العالَم. لا تَخْفى مَدينَةٌ قائِمَةٌ عَلى جَبَل، ولا يُوقَدُ سِراجٌ وَيُوضَعُ تَحْتَ المِكيال، بل عَلى المَنارَة، فَيُضِيءُ لِجَميعِ الَّذينَ في البَيْت. هكذا فَلْيُضئْ نُورُكُم لِلنَّاس، لِيَرَوْا أَعمالَكُمُ الصَّالحة، فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات».

الموعظة

«أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم». بهذه الكلمات، لا يدعونا يسوع للسعي لنصير ملحًا ونورًا، بل يكشف لنا ما نحن عليه. إنه لا يخبرنا بما يجب أن نفعله، بل يذكرنا بما نحن عليه بالفعل: الملح والنور. بما أن الفعل يتبع الكيان أو الوجود، دعونا ندرك أننا مثل الملح الذي يحفظ ويعطي النكهة، ومثل النور الذي ينير، ويعطي الثقة والدفء.

من واجبنا أن نعطي العالم «نكهة» جديدة ونحفظه من الفساد، بحكمة الله التي تسطع بالكامل في وجه الابن لأنه هو النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان (يو 1، 9). بقوله، «أنتم ملح الأرض»، يشرح لنا يسوع أن كل الطبيعة البشرية التي أفسدتها الخطيئة قد أصبحت بلا طعم، ولكن من خلال شهادتنا، ستحكم نعمة الروح القدس وتحافظ على العالم.

لهذا يعلمنا يسوع فضائل التطويبات التي هي الأكثر ضرورة والأكثر فاعلية لنا، نحن من نريد أن نكون مثله. من هو وديع، متواضع، رحيم وعادل، لا يحتفظ بالأعمال الصالحة التي قام بها في داخله، لكنه يريد أن تجري هذه المصادر أيضًا لصالح الآخرين. وديع القلب، صانع السلام، الذي يُضطهد من أجل الحق، هو الذي يكرس حياته لخير الجميع.

إذا انتشرنا كالملح، فإننا نعطي نكهة لحياة العالم، ونبني ثقافة الحياة وكياسة الحب. بقوله: أنت نور العالم، يعلمنا المسيح أننا باتحادنا معه، يمكننا أن ننشر، في وسط ظلام اللامبالاة والأنانية، نور محبة الله، الحكمة الحقيقية التي تعطي معنى للوجود وعمل البشر.

إلى هذا التعليم حول حقيقة أننا نور، يضيف يسوع: «لا تَخْفى مَدينَةٌ قائمةٌ عَلى جَبَل، ولا يُوقَدُ سِراجٌ وَيُوضَعُ تَحْتَ المِكيال، بَل عَلى المَنارَة، فَيُضِيءُ لِجَميعِ الَّذينَ في البَيْت. هٰكذا فَلْيُضِئْ نُورُكُم لِلنَّاس، لِيَرَوْا أَعمالَكُمُ الصَّالِحَة، فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات». إذا كان صحيحاً أن الناس يروا بنورنا يسوع، فمن الصحيح أيضاً بأننا نور لكن لا بالعقيدة والكلام إنما قبل كل شيء بأعمالنا يضيء نورنا العالم.

للقيام بذلك، لا يجب أن تكون لدينا صفات موهوبة خاصة، علينا أن «نعظ» بأعمالنا. لن يكون هناك من غير مؤمنين لو كنا مسيحيين كما ينبغي أن نكون. يقول القديس فرنسيس دو سال: «لا تتكلم عن الله لمن لا يسألك. لكن عِش بطريقة تجعله عاجلاً أم آجلاً، يسألك». أعمالنا هي التي تنعش الطلب وتقنع. في هذا العالم سنكون ملح الأرض ونور العالم.

بهذه الطريقة، سنكون مبشرين حقيقيين حتى بدون أن ننطق بكلمة واحدة. يقول البابا فرنسيس: «نحن جميعًا مُعمّدين، نحن تلاميذ مرسلين ومدعوين لنصبح إنجيلًا حيًا في العالم: نحمل نور المسيح بالحياة مع شهادة المحبة الحقيقية». بالنسبة لأولئك المدعوين للتبشير بالكلمة، هناك قانون يفرض نفسه: قانون العمل بما يكرز به للآخرين.

والقديس يوحنا الذهبي الفم يقول: «يراقب الطلاب سلوك المعلمين، وإذا رأوا أنهم أيضًا مصابون بنفس العيوب أو حتى بأخطاء أسوأ، فكيف يمكنهم الإعجاب بالمسيحية؟». ويضيف: «عندما أبحث فيك عن علامات للتعرف عليك كمسيحي، أجد العلامات المعاكسة. فإذا أردت أن أحكم على هويتك من خلال الأماكن التي تتردد عليها، ومن خلال الأشخاص الفاسدين الذين تجد نفسك معهم، وبكلماتك غير المجدية وغير الجادة، فسأقول إنه ليس لدي ما أعترف به كمسيحي».

على وجه التحديد، تساءل القديس فرنسيس دو سال: «ما الفرق بين الإنجيل وحياة القديس؟». ويجيب بنفسه: «إنه نفس الاختلاف الموجود بين سيمفونية مكتوبة بتوزيع وسمفونية معزوفة». في حياة القديس أو، على الأقل، المسيحي الورع، نتعلم كيف نعيش الإنجيل. يجب علينا جميعًا، من بين آخرين، أن نسعى جاهدين لنكون هذه «السمفونية المعزوفة» لجميع الإخوة الذين نلتقي بهم على طريقنا.

لذلك نحن مدعوين لأن نكون ملح الأرض ونور العالم، عاملين الأعمال الصالحة. في هذه المرحلة، من الطبيعي أن نسأل ما هي الأعمال الصالحة التي يتحدث عنها يسوع في إنجيل اليوم. بالنسبة للأعمال الصالحة، يجب ألا نفكر فقط في أعمال الرحمة التي يجب أن تكون حاضرة دائمًا مثل الفضائل.

المهم ألا نبقى على سطح أنفسنا، بل أن نتوجه نحو القلب حيث توجد حفنة من الملح وشرارة من النور. عندما نعيش بحسب الإنجيل، تضيء هذه الشرارة المصباح ويضيء نورنا بين أعمالنا الصالحة. فلنفعل ذلك بتواضع عارفين بأن ملح الأرض ونور العالم هو يسوع. سنكون نوراً وملحاً إذا ـــ بفضل حياة جيدة ـــ نتكلم عنه وأقل ما يمكن عن ذاتنا.

SHARE