الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 26 شباط 2023. موعظة الأحد الأول من زمن الصوم

2023-Feb-26 | عظات | 299

تك 2، 7 – 9؛ 3، 1 – 7    رو5، 12 – 19    متى 4، 1 -11

 

«ثُمَّ سارَ الرُّوحُ بِيَسوعَ إِلى البَرِّيَّةِ لِيُجَرِّبَه إِبليس. فصامَ أَربَعينَ يوماً وأَربَعينَ لَيلةً حتَّى جاع. فدَنا مِنه المُجَرِّبُ وقالَ له: إِن كُنتَ ابنَ الله، فمُرْ أَن تَصيرَ هذِه الحِجارةُ أَرغِفة. فأَجابَه: مكتوبٌ: ليسَ بِالخُبزِ وَحدَه يَحيْا الإِنْسان بل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِن فَمِ الله. فمَضى بِه إِبليسُ إِلى المدينَةِ المُقدَّسة وأَقامَه على شُرفَةِ الهَيكل، وقالَ لَه: إِن كُنتَ ابنَ الله فأَلقِ بِنَفسِكَ إِلى الأَسفَل، لأَنَّه مَكتوب: يُوصي مَلائكتَه بِكَ فعلى أَيديهم يَحمِلونَكَ لِئَلاَّ تَصدِمَ بِحَجرٍ رِجلَكَ. فقالَ له يسوع مَكتوبٌ أَيضاً: لا تُجَرِّبَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ. ثُمَّ مَضى بِه إِبليسُ إِلى جَبَلٍ عالٍ جدّاً وأَراهُ جَميعَ مَمالِكِ الدُّنيا ومَجدَها، وقالَ له: أُعطيكَ هذا كُلَّه إِن جَثوتَ لي سـاجداً. فقالَ له يسوع: اِذهَبْ، يا شَيطان! لأَنَّه مَكتوب: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسجُد وايَّاهُ وَحدَه تَعبُد.  ثُمَّ تَركَه إِبليس، وإِذا بِمَلائكةٍ قد دنَوا منهُ وأَخذوا يَخدُمونَه».

الموعظة

لم «يهيئ» يسوع نفسه لرسالته خلال أربعين يومًا. لقد هيئ لها لمدة ثلاثون عامًا. لم يتعرض يسوع للتجارب مسبقاً لمدة أربعين يومًا ليتم «تسليمه» بعد ذلك: واجهها لمدة ثلاث سنوات. رواية التجارب هي بمثابة مقدمة لكل ما سيتبع، مفتاح يقول لنا، في النهاية، شيء بسيط: الإنجيل هو معركة؛ سيكون الأمر معركة روحية شديدة ليسوع.

هذه الرواية للتجارب ليست رواية فولكلورية أو صوفية أو أسطورية. فالتجارب ليست من ابداع يسوع. إنها تخصنا وتمسنا جميعًا. إنها تحاول أن تقول جوهر ما يهدد الإنسان الذي يريد أن يخدم الله ويعمل من أجل الله. تقول جوهر ما هدد يسوع خلال رسالته العلنية. قاوم يسوع هذه التجارب بفضل ثلاثين عامًا كرسها ليصبح ابنًا حقيقيًا. وهذا ما نحن مدعوين أيضًا لنصبح عليه.

على مسار الإنجيل نرى يسوع يواجه هؤلاء الشياطين. يواجه مدحًا مفرطًا وعديم الفائدة: يقال له «أيها معلم صالح». وهو يجيب بجذرية قوية «لماذا تدعوني صالحاً؟ لا صالح إلا الله وحده» (لو 18، 19). أو مرة أخرى في إنجيل يوحنا بعد تكثير الأرغفة: «قالت الجموع: حقاً هذا هو النبي الآتي إلى العالم. وعَلِمَ يسوعُ أَنَّهم يَهُمُّونَ بِٱختِطافِه لِيُقيموهُ مَلِكًا، فٱنصَرَفَ وعادَ وَحدَه إِلى الجَبَل» (يو 6، 15). يُطرح عليه مراراً وتكراراً السؤال «هل أنت المسيح، ابن الله» لدرجة أنه يتعب من ذلك.

كما لو أن اللقب يمكن أن يصف الإنسان، أو يقول الإنسان! ويسمح يسوع بالإجابة على ما يعلّمه ويتممه. هذا اعتراف لا يمكن أن يتم إلا من خلال تمييز داخلي فريد، شخصي وسري. بدون أي ملصق أو لقب. على مثاله، نحن في مواجهة مع تجربة وضع أنفسنا في المركز، تجربة الكبرياء التي تأخذ أشكالاً عديدة حيث التقليل من قيمة الذات ليست أبسطها، تجربة استخدام الآخرين بدلاً من وضع أنفسنا لخدمتهم دون دوافع خفية، وتجربة السعي لاستخدام الله أو الإيمان لمصالحنا.

ماذا يقول لنا إنجيل اليوم؟ وماذا يقول لنا يسوع من خلاله؟ يجب علينا أن نجعل من الكتاب المقدس القلب والقاعدة والجوهر والنخاع الشوكي لحياتنا الداخلية والأخلاقية. الكتاب المقدس هو من أجل حياتنا: يجب أن يسكن صمتنا وكلماتنا وصلواتنا وعلاقاتنا وحواراتنا. كلام الله يحمل الحياة ما دام يسكن فينا. الكتاب المقدس هو الهواء الذي تنفسه يسوع منذ طفولته وشاركه مع تلاميذه.

ليس لدينا ترياق آخر للشياطين. لا يوجد مضاد فيروسات آخر. بدون الكتاب المقدس، لا كلام لنا ولا صوت. يقول لنا الإنجيل أمر آخر ولكنه في الواقع مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمر السابق: علينا أن نركز أنفسنا باستمرار على الله وأن نتخذ الوسائل للقيام بذلك. لقد اتجه يسوع بالكامل نحو الآب، اهتمامه وما كان متمسك به إلى أقصى الحدود هي المصالح الوحيدة للآب، قلب الآب الذي هو وحده صالح.

كان قادرًا على مقاومة التجارب لأنه أفرغ نفسه، مثل الزهرة في الربيع تتوجه بالكامل نحو الشمس. ليس تقليلاً للذات، بالطبع، ولكن بعيدًا عن المركز. هذه هي دعوتنا، ليس فقط أثناء الصوم الكبير بل في جميع الأوقات: «أَحبِبِ الرَّبَّ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلبِكَ وكُلِّ نَفْسِكَ وكُلِّ ذِهنِكَ». التجارب هي كل الحياة. ليسوع كما بالنسبة لنا. والتهيئة لها مثل يسوع تأخذ الحياة بمجملها. الإجابة عليها مثل يسوع تستغرق حياة بكاملها. وهذا الأمر، كما كان دائماً، يبدأ «اليوم».

SHARE