موعظة يوم الأحد 2 تموز 2023. موعظة الأحد الثالث عشر من الزمن العادي
2 مل 4، 8-16 رو 6، 3- 11 متى 10، 37- 42
«من كانَ أَبوه أو أُمُّه أَحَبَّ إِلَيه مِنّي، فلَيسَ أَهْلاً لي. ومَن كانَ ابنُه أَوِ ابنَتُه أَحَبَّ إِلَيه مِنّي، فلَيسَ أَهْلاً لي. ومَن لم يَحمِلْ صَليبَه ويَتبَعْني، فلَيسَ أَهْلاً لي مَن حَفِظَ حياتَه يَفقِدُها، ومَن فَقَدَ حَياتَه في سبيلي يَحفَظُها. مَن قَبِلَكم قَبِلَني أَنا، ومَن قَبِلَني قَبِلَ الَّذي أَرسَلَني. مَن قَبِلَ نَبِيّاً لأَنَّه نَبيٌّ فَأَجرَ نَبِيٍّ يَنال، ومَن قَبِلَ صِدِّيقاً لأَنَّه صِدِّيقٌ فَأَجرَ صِدِّيقٍ يَنال ومَن سَقى أَحَدَ هَؤلاءِ الصِّغارِ، وَلَو كَأسَ ماءٍ باردٍ لأَنَّه تِلميذ، فالحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ أَجرَه لن يَضيع».
الموعظة
إذا قارنا نص متى مع نص لوقا، نلاحظ بأن نص متى مقتضب أكثر. بحصره اللائحة بالعلاقة مع الأب والأم، الابن والابنة، يُرسلنا، الإنجيلي متى، مباشرة إلى السلالة، إلى إعطاء الحياة. فالأب والأم هم التجذر، العرق، الانتماء لسلالة معينة وثقافة محددة. الابن والابنة، هما البقاء على الأرض، هما الثمرة التي تسمح بولادة الأشجار القديمة إن صح التعبير.
ويسوع لا يقول لنا بأن كل ذلك هو عبث وازدراء، هو من أتى ليكشف لنا قيامة الأجساد ويعطي متانة أبدية لتاريخنا. الغريزة الروحية للكنيسة، حاملة الروح القدس، لم تفصل مريم عن ابنها، ولا حتى يوسف. متى ولوقا يقدمان لنا سلالات ليجذروا يسوع في كلية شعبه (متى) وفي الإنسانية حتى (لوقا). علينا إذن أن نبحث لنفهم ماذا يعني «الحب أكثر» ونكتشف الطريقة السيئة لفهم وتأويل هذه الكلمات. إذا أحببت أحداً، أيَّاً كان، أكثر من المسيح، أضع المسيح على نفس المستوى مع هذا الشخص.
وبما أن الأكثر تعني مقارنة، فلا يمكننا المقارنة إلاَّ بين ما هو من نفس المجال. فبين الحب الذي نحمله لأهلنا وحبنا للمسيح ولله، هناك تغيير في المستوى. حبنا لأقربائنا، يعني أن نجعلهم، على قدر الإمكان، يوجدوا كإنسان، بينما حبنا للمسيح، لله، يعني أن نستقبل منه الوجود. والاعتراف به مصدر لكل ما له قيمة فينا، بما فيه حب القريب.
فالمسيح ليس أحد أشخاص لائحة الذين نعرفهم أو نحبهم. إنه خارج اللائحة. أن نحب إنسان أكثر من المسيح يعني أنه، في هذا الحب، نحن من نحب والآخر، المحبوب، تابع لسعادتنا. لماذا، في النهاية نحب المسيح؟ لأننا، فيه، نختبر بأن الله حب ولأنه فيه وبه، تُعطى لنا القدرة على الخروج من ذاتنا لنحب بالحقيقة.
لكي نفهم جيداً هذا النص، علينا أن نتذكر بأن الإنجيلي يكتب ضمن كنيسة مُهدَّدة، في مجتمع حيث اختيار المسيح يخلق صراعاً مع الأهل والأصدقاء، وهذا الأمر، كما نعلم، لم يتغير كثيراً. وهناك أماكن حيث الانتماء للمسيح والإنجيل يقود للسجن وللموت. وعبارة «من أراد أن يحفظ حياته» تأخذ هنا كل معناها في إطار «حفظ الحياة من أجل الذات». من الثمين لنا أن نسمع «مَن فَقَدَ حَياتَه في سبيلي يَحفَظُها».
يمكننا إسقاط هذه الآية على حبنا للأهل: معتقدين بأننا نحبهم بتخلينا عن اتباع المسيح لكي نهتم بهم، في الواقع لا نحبهم، معتقدين بأننا نحفظ حياتنا بالتخلي عن المسيح، لكن في الواقع نفقدها. أن نحب أهلنا أو حياتنا أكثر من المسيح، هذا يعني في الحقيقة أننا لا نحبهم بالكفاية. لأنه في المسيح توجد الحياة والحب. نجد هنا التأكيد الكتابي الذي يقول: «حبك أو عهدك أهم من الحياة».
لأنه في هذا الحب، في هذا العهد، توجد الحياة. ففقدان الحياة لنخلص العهد، يعني خلاص الحياة. وهذا الأمر نختبره في كل مرة نقبل فيها أن نفقد شيء ما لنحفظ علاقتنا بالمسيح. مجمل الفصل العاشر من إنجيل متى يحدثنا عن اختيار الرسل ورسالة التلاميذ، مع الاضطهادات التي تنتظرهم، والثقة التي عليهم الحفاظ عليها، بالإضافة إلى الانقسامات التي يولدها تبشيرهم بما فيه مع القريبين. وينتهي الفصل ببعض الجمل حول استقبال التلاميذ.
بما أن من يستقبل نبي بصفته نبي وإنسان بار بصفته بار، سيكون له مصير النبي والبار، ومن يستقبل صغيراً ــــ ليس بالضرورة نبي أو بار ـــــ لأنه تلميذ للمسيح، لا يفقد جزاءه. بحسب منطق النص، فهو يعادل التلميذ الذي يستقبله. وبما أنه لا يستقبل التلميذ لذاته إنما لأنه للمسيح، فهو يستقبل المسيح نفسه، وأخيراً، يستقبل من يرسل المسيح، أي الله الآب. لا نستقبل المسيح إلاَّ لأنه يأتي من الله. والجزاء هو، في النهاية، الله نفسه.