الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 20 آب 2023. موعظة الأحد العشرين من الزمن العادي

2023-Aug-20 | عظات | 239

أش 56، 1. 6 – 7    رو 11، 13 – 15. 29 – 32    متى 15، 21 – 28 

 

«في ذلِكَ الزّمان: خَرَجَ يسوعُ وذهَبَ إِلى نَواحي صُورَ وصَيدا. وإِذا امرأَةٌ كَنعانيَّةٌ خارِجَةٌ مِن تِلكَ البِلادِ تَصيح: «رُحْماكَ، يا ربّ! يا ابنَ داود؛ إِنَّ ابنَتي يَتَخَبَّطُها الشَّيطانُ تَخَبُّطًا شديدًا». فلَم يُجِبْها بِكَلِمَة. فَدنا تَلاميذُه يَتَوسَّلونَ إِليهِ فقالوا: «اِصْرِفْها، فإِنَّها تَتبَعُنا بصِياحِها». فأَجاب: «لَم أُرسَلْ إِلاَّ إِلى الخِرافِ الضَّالَّةِ مِن آلِ إِسرائيل». ولَكِنَّها جاءَت فسَجدَت لَه وقالت: «أَغِثْني يا رَبّ!» فأَجابَها: «لا يَحسُنُ أَن يُؤخَذَ خُبزُ البَنينَ فيُلْقى إِلى صِغارِ الكِلاب» فقالت: «نَعم، يا رَبّ! فصِغارُ الكِلابِ نَفْسُها تأكُلُ مِنَ الفُتاتِ، الَّذي يَتساقَطُ عَن مَوائِدِ أَصحابِها» فأَجابَها يسوع: «ما أَعظمَ إِيمانَكِ، أَيَّتُها المَرأَة! فَلْيَكُنْ لَكِ ما تُريدين». فشُفِيَتِ ابنَتُها في تِلكَ السَّاعة»

الموعظة

تعلن القراءة الأولى دخول الأمم، الوثنيين، إلى ميراث إسرائيل. سيتم قبول الأجانب ذوي النوايا الحسنة في الهيكل حيث يمكنهم تقديم الذبائح وبالتالي سيصبح الهيكل «بيتًا للصلاة لجميع الشعوب». أكثر من ذلك بكثير، كلمة العهد مكتوبة بخصوصهم. والرسالة إلى أهل رومة كرست ثلاث فصول (من 9 إلى 11) للمشكلة التي يطرحها أولئك اليهود الذين رفضوا الإنجيل عندما كان المسيح واحداً منهم (القراءة الثانية).

فكر بولس هذا هو جزء من سياق أوسع يجب أن نتذكره. يبدأ الكتاب المقدس تاريخ البشرية خارج الفردوس بقتل هابيل على يد أخيه قاين. لتوضيح التنافس المميت بين الإخوة الأعداء، يستخدم الكاتب الصراع القديم بين الرعاة والمزارعين. في قلب هذا العداء، هناك الحسد ـــ الغيرة. على مسار الكتاب المقدس، نرى ظهور الأخوة الأعداء في لحظات حاسمة:

عيسو ويعقوب، يوسف وإخوته وداود وشاول ... في النهاية، ستكتمل هذه المواجهة في المعارضة بين اليهودي والوثني: العبرانيين والمصريين، البابليين واليونانيين والرومان ... الواحد ضد الكل. بالمقابل، يرى بولس أن اكتمال التاريخ يكمن في المصالحة بين اليهود والأمم: «فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ، ولَيسَ هُناكَ عَبْدٌ أَو حُرّ، ولَيسَ هُناكَ ذَكَرٌ وأُنْثى، لِأَنَّكم جَميعًا واحِدٌ في المسيحِ يسوع» (غلا 3، 28).

كلاهما متحدين بالشر (ألم يوافقوا على صلب المسيح؟) ومتضامنين في

 المغفرة التي حصلوا عليها. في هذا السياق يجب أن توضع لقاء المرأة الكنعانية. بالنسبة للعبرانيين الذين كانوا في الخروج، كان كنعان يُمثل تقريبًا أرض الميعاد. وبالتالي، كان الكنعانيون هم سكان الأرض التي كان على العبرانيين الحصول عليها. لذلك، الكنعانيين مُعتبرين أُناس يجب قتلهم، خاصة وأنهم يكرمون الآلهات القاسية ومنهم البعل الذي يمارس نوعاً من الإغراء على بعض اليهود.

المرأة الكنعانية التي تأتي لتجد يسوع، مجهولة الهوية لأنها رمز لمجمل شعبها، فليس لديها ألقاب كثيرة تستغلها. ومع ذلك، فإنها تتوافق، تتناسب جيدًا مع هؤلاء الأجانب «الذين تمسكوا بخدمة الرب» الذين تحدث عنهم إشعياء في القراءة الأولى؛ ونهاية رواية الإنجيل تبين لنا ذلك. بالفعل، من السطور الأولى، تسمي المرأة يسوع «ابن داود»، مما يكشف أنها تحركت ليس فقط جغرافيًا لتأتي إليه، ولكن أيضًا عقليًا، للاعتراف بقيمة النسب الملكي للمسيح واختيار إسرائيل. إنها «مهاجرة» في العالم اليهودي.

لكن يسوع يتصرف كما لو أنه لم يسمع طلبها، فالباب مغلق. ومع ذلك، يبقى الرهان كبير: ابنتها يعذبها شيطان، ولا شك أن الشيطان الذي يستعبد جميع الكنعانيين الذين ترمز إليهم هذه الفتاة. والدتها تضايق يسوع بصرخاتها: مثل كل البشر، يتعطش الكنعانيون إلى الله الحي الذي يحررنا من شياطيننا، أي من الشر. الملاحظ أن الطرف الثالث، التلاميذ، هم الذين سيلعبون دور الشافعين.

لذلك يجب على المؤمنين إظهار موافقتهم، حتى لو كان ذلك لأسباب خاطئة، لكي يكون الشفاء ممكنًا. إذن، اتفاق مع هذه المرأة وأيضًا مع يسوع، الذي يريد سرًا تحرير ابنة كنعان. ولكن، لماذا هذه المقاومة الزائفة؟ لم يتصرف بنفس الطريقة مع قائد المئة، الذي كان رومانيًا وثنيًا (متى 8،5-12)، بالمقابل، تظاهر، بالفعل، بالتخلي عن تلميذي عماوس (لوقا 24، 28). هنا، يمكننا القول أنه، بالنسبة لهؤلاء كما بالنسبة للمرأة الكنعانية، يريد أن يثير ردة فعل، ويدفهم للذهاب بإيمانهم إلى نهاية.

في حالة هذه المرأة، يتعلق الأمر بالانتقال من «المعجزة»، بطريقة ميكانيكية وبالتالي سحرية إلى حد ما، إلى العلاج بالحوار، وتبادل الكلمات. باستعارة الكلاب الصغيرة، جعلها يسوع تقيس المسافة التي تفصلها عن إسرائيل. فهي لا تتردد في الانصهار مع الكلاب أمام اليهود المصنفين «بالمعلمين». «الخلاص يأتي من اليهود»، يقول يسوع (يو 3، 22). أي لا يزال من الضروري مشاركة إيمانهم.

يمكننا حتى أن نذهب إلى أبعد من ذلك: بخصوص قائد المئة، أعلن يسوع أنه لم يجد مثل هذا الإيمان في إسرائيل. بينما للمرأة الكنعانية يقول: «ما أَعظَمَ إِيمانَكِ أَيَّتُها المَرأَة، فَلْيَكُنْ لَكِ ما تُريدين». قوة الإيمان الذي ينقل الجبال. إنها وحدها ذات الأهمية: «فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ». ما يؤكده بولس بلغة لاهوتية مجردة يحدث هنا في سياق حوار لذيذ، أشعر أنه بلا شك، مليء بالحنان.

SHARE