الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 8 تشرين الأول 2023. موعظة الأحد السابع والعشرين من الزمن العادي

2023-Oct-08 | عظات | 252

أش 5، 1 – 7    فيل 4، 6 – 9    متى 21، 33 - 43 

 

«اسمعوا مَثَلاً آخَر: غَرَسَ رَبُّ بَيتٍ كَرْماً فَسيَّجَه، وحفَرَ فيه مَعصَرَةً وبَنى بُرجاً، وآجَرَه بَعضَ الكرَّامين ثُمَّ سافَر. فلمَّا حانَ وَقتُ الثَّمَر، أَرسَلَ خَدمَه إِلى الكَرَّامينَ، لِيَأخُذوا ثَمَرَه. فأَمسَكَ الكرَّامونَ خَدَمَه فضرَبوا أَحدَهم، وقتَلوا غيرَه ورَجَموا الآخَر. فأَرسَلَ أَيضاً خَدَماً آخَرينَ أَكثرَ عَدداً مِنَ الأَوَّلينَ، ففَعلوا بِهِم مِثلَ ذلِك. فأَرسَلَ إِليهِمِ ابنَه آخِرَ الأَمرِ وقال: سيَهابونَ، ابْني. فلَمَّا رَأَى الكرَّامونَ الابنَ، قالَ بَعضُهم لِبَعض: هُوَذا الوارِث، هَلُمَّ نَقتُلْهُ، ونَأخُذْ مِيراثَه. فأَمسَكوهُ وأَلقَوهُ في خارِجِ الكَرْمِ وقتَلوه. فماذا يَفعَلُ رَبُّ الكَرْمِ بِأُولئِكَ الكَرَّامينَ عِندَ عَودَتِه؟ قالوا له: يُهلِكُ هؤُلاءِ الأَشرارَ شَرَّ هَلاك، ويُؤجِرُ الكَرْمَ كَرَّامينَ آخَرينَ يُؤَدُّونَ إِليهِ الثَّمَرَ في وَقْتِه. قالَ لَهم يسوع: أَما قَرأتُم قَطُّ في الكُتُب: الحَجَرُ الَّذي رذَلَهُ البنَّاؤُونَ هو الَّذي صارَ رَأسَ الزَّاوِيَة. من عِندِ الرَّبِّ كانَ ذلك وهو عَجَبٌ في أَعيُنِنا. لِذلكَ أَقولُ لَكم: إِنَّ مَلكوتَ اللهِ سَيُنزَعُ مِنْكُم، ويُعطى لأُمَّةٍ تُثمِرُ ثَمرَه».

الموعظة

يستخدم النبي أشعيا استعارة الكرمة ليصف تاريخ شعب إسرائيل، عندما خان حب الله، وتم اختياره كشعب مختار ليعلن أن الله لم ينس البشر وليعطي جسدًا لابن الله. لكن هذه الخيانة ـــ كما يقول النبي إشعياء ــــ لا يمكن أن تستمر إلى الأبد. صبر الله له حدود وسيكون هناك حكم. توقع الله عنبًا جيدًا، لكن الكرمة أنتجت حصرماً برياً. خارجاً عن الاستعارة: توقع العدل ووجد الظلم، توقع الحق فوجد عدم الأمانة.

وبالتالي لم يبقى سوى العقاب: ستهلك الكرمة، ولن تُزرع فيما بعد، وينبت الحسك والشوك في الوسط. لكن عقاب الله لا يدوم إلى الأبد. فتهديدات الله هي للاهتداء، وليست للتدمير. ويظهر هذا بوضوح في المثل الذي رواه المسيح في إنجيل اليوم، وهو مستوحى من نشيد إشعياء عن الكرمة، موضحًا أن خطيئة الكرامين لا تكمن فقط في عصيان قاسٍ، بل عصيان عام لإرادة لله. خطيئتهم تكمن في قتل الأنبياء، وحتى المسيح ابن الله.

علاوة على ذلك، بينما في نشيد أشعيا، توقع السيد عنبًا جيدًا وحصل على حصرم رديء، في المثل ليس هناك أي حديث عن الثمار في البداية. فالفلاحين لا يريدون الاعتراف بالسيد. هذه هي خطيئتهم. يتصرفون كما لو أن الكرم ملكاً لهم. وعندما يقتلوا الابن يقولوا ذلك بوضوح: يريدون أن يكونوا الورثة ويصبحوا الأسياد. ولكن برفضهم سيادة الله، يرفضون حجر الزاوية، الوحيد الذي يدعم العالم.

بدون الاعتراف بالله، لا يمكن للعالم أن يقف، وينهار التعايش: «يمكننا بناء عالم بدون الله، لكنه سيكون دائمًا ضد الإنسان» (كاردينال هنري دي لوباك). إن الله أمين دائمًا لحبه الرحيم ولوعوده. ولا يتوقف مخططه الخلاصي، ولا يتم تجاهل متطلباته بالحقيقة والعدالة. ولهذا السبب ينهي يسوع المثل برؤية إيجابية: الرواية الأبدية لحب الله وخيانته لا تنتهي بالفشل. الخطيئة لا تعيق مخطط الله.

نهاية الرواية ستكون جيدة، والكرمة سخية بالثمر، ولن يضيِّع السيد الأيام الأبدية في الانتقام «لذلك أقول لكم: إِنَّ مَلكوتَ اللهِ سَيُنزَعُ مِنْكُم، ويُعطى لأُمَّةٍ تُثمِرُ ثَمرَه». لكي يكشف عن صلاحه الذي لا يتفاعل مع الشر، بل يقدم الخير، يقول المسيح أن الكرم يُعطى لشعب جديد، «البقية المتبقية من آل إسرائيل»، الفقير بالروح، الذي سيرحب بكل تواضع بيسوع وبإنجيله، إنجيل الحب

في هؤلاء الصغار، هؤلاء «المرفوضين» من قبل الشعب مثل «البنائين الذين دفعوا الحجارة جانبًا» المتشققة وغير الصالحة لبناء الهيكل، يصبح الرب «حجر الزاوية» للهيكل الجديد، جسده القائم والحي في التاريخ. فيهم يتجلى انتصار صبر الله اللامتناهي على كل معيار ديني أو دنيوي للعدالة. اليوم ما زال يُعرض علينا إمكانية أن نكون جزءًا من «البقية المتبقية»، من هؤلاء الفقراء بالروح.

يكفي أن نعترف بأننا خطأة، مثل بطرس على ضفاف بحيرة الجليل عندما ائتمن المسيح على آلامه، فثبته المسيح في حبه. ويكفي أن نقبل الدعوة للذهاب والعمل في الكرم حتى ولو لم يبق إلا ساعة واحدة لإنهاء العمل.

نحتاج فقط إلى اهتداء قلوبنا لنحول كلمة «لا» إلى كلمة «نعم» محبة. عندها ستؤخذ «الكرمة» من الإنسان القديم الذي كنا عليه، وتُعطى للإنسان الجديد، الفقير، وبالتالي القادر على قبول المغفرة بدهشة وامتنان، متواضعًا لطاعة الكنيسة. قديس لأنه متحد بالمسيح، يعطي الثمر الذي نحن مدعوون لنقدمه للعالم.

SHARE