الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 31 كانون الأول 2023. موعظة عيد العائلة المقدسة

2023-Dec-31 | عظات | 251

تك 15، 1 – 6؛ 21، 1 – 3       عب 11، 8– 19        لو 2، 22 – 40 

 

«ولـما حان يوم طهورهما بحسب شريعة موسى، صعدا به إلى أورشليم ليقدماه للرب، كما كتب في شريعة الرب من أن كل بكر ذكر ينذر للرب، وليقربا كما ورد في شريعة الرب: زوجي يمام أو فرخي حمام. وكان في أورشليم رجل بار تقي اسمه سمعان، ينتظر الفرج لإسرائيل، والروح القدس نازل عليه. وكان الروح القدس قد أوحى إليه أنه لا يرى الموت قبل أن يعاين مسيح الرب. فأتى الـهيكل بدافع من الروح. ولـما دخل بالطفل يسوع أبواه، ليؤديا عنه ما تفرضه الشريعة، حمله على ذراعيه وبارك الله فقال:  الآن تطلق، يا سيد، عبدك بسلام، وفقا لقولك فقد رأت عيناي خلاصك الذي أعددته في سبيل الشعوب كلها نورا يتجلى للوثنيين ومجدا لشعبك إسرائيل. وكان أبوه وأمه يعجبان مما يقال فيه.  وباركهما سمعان، ثم قال لمريم أمه: ها إنه جعل لسقوط كثير من الناس وقيام كثير منهم في إسرائيل وآية معرضة للرفض.  وأنت سينفذ سيف في نفسك لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة. وكانت هناك نبية هي حنة ابنة فانوئيل من سبط آشر، طاعنة في السن، عاشت مع زوجها سبع سنوات ثم بقيت أرملة فبلغت الرابعة والثمانين من عمرها، لا تفارق الـهيكل، متعبدة بالصوم والصلاة ليل نهار. فحضرت في تلك الساعة، وأخذت تحمد الله، وتحدث بأمر الطفل كل من كان ينتظر افتداء أورشليم. ولـما أتما جميع ما تفرضه شريعة الرب، رجعا إلى الجليل إلى مدينتهما الناصرة. وكان الطفل يترعرع ويشتد ممتلئا حكمة، وكانت نعمة الله عليه»

الموعظة

«أمي وإخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها» (لوقا 8، 21). هذا هو التعليم الذي أعطاه يسوع عندما قيل له أن أمه وإخوته يريدون التحدث إليه. هكذا يستقبل من هم من عائلته، هكذا يبدو أنه يرفضهم. هذا الرفض للأسرة لا يمكن إلا أن يصدمنا. لأن الأسرة هي هذا المجتمع البشري الذي يجمعه الحب: الآباء والأبناء. حب الرجل والمرأة اللذان يصبحان أزواج يعطيان بعضهما البعض مدى الحياة.

حب الأزواج الذي يزدهر في استقبال الأبناء. حب الأبناء لوالديهم الذين أعطوهم الحياة. إنها أيضًا الخلية الأولى للصداقة الاجتماعية التي تشكل مجتمع البشر. كواقع طبيعي، الأسرة هي قلب الحياة البشرية، في قلب الخليقة، في صميم خطة الله للإنسان. هل يدعي يسوع أنه تحرر من روابط الحب والدم هذه؟ فهل يدعي أنه خارج ما هو أكثر جوهرية في طبيعة الإنسان؟ هل يدعي تدمير المجتمع؟ خصوصاً ـأنه لم يؤسس عائلة.

يقدم نفسه كمقسم للعائلة: «أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الِانقِسام فيَكونُ بَعدَ اليَومِ خَمسَةٌ في بَيتٍ واحِدٍ مُنقَسمين، ثَلاثَةٌ مِنهُم على اثنَينِ واثنانِ على ثَلاثَة» (لو 12، 52). بالإضافة إلى أنه يطلب من أولئك الذين يريدون اتباعه قطع جميع الروابط الأسرية: «مَن أَتى إِلَيَّ ولَم يُفَضِّلْني على أَبيهِ وأُمِّهِ وامَرأَتِه وبَنيهِ وإِخوَتِه وأَخواتِه، بل على نَفسِه أَيضاً، لا يَستَطيعُ أَن يكونَ لي تِلميذاً» (لوقا 14، 26). والكاتب الفرنسي أندريه جيد يقول: «أيتها العائلات، أني أكرهكم».

أتى يسوع ليمنح الأسرة والعلاقات الأسرية بعدها وطبيعتها الحقيقية. لأن يسوع يعرف أيضًا هشاشة وغموض الحب البشري كالروابط العائلية. «أمي وإخوتي هم الذين يستمعون إلى كلمة الله ويعملون بها». لنلق نظرة على عائلة يسوع في الناصرة، الأب والأم والطفل. «ولـمَّا حانَ يَومُ طُهورِهما بِحَسَبِ شَريعَةِ موسى، صَعِدا بِه إِلى أُورَشَليم لِيُقَدِّماه لِلرَّبّ، كما كُتِبَ في شَريعةِ الرَّبِّ» (لوقا 2: 22-23). إنهم يؤدون عملًا طقسيًا في هيكل القدس، مكان حضور الرب.

يظهر يوسف ومريم خلال السنوات الأولى ليسوع كتلميذين كاملين لكلمة الرب. أمينين بحفظ وصايا الله بخصوص الطفل ــــ الله. يستمعون إلى الكلمة ويضعونها موضع التنفيذ. الختان، التقدمة، الحج السنوي إلى القدس. كان يوسف ومريم متيقظين للاستماع إلى الكلمات النبوية المتعلقة بالطفل الذي هو الخلاص بنفسه، نور الأمم، ولكنه أيضًا علامة التناقض، مرفوض من قبل شعبه. تتميز جميع العلاقات العائلية للعائلة المقدسة بهذا الاهتمام بكلمة الله.

إنها في المركز لأنها هي يسوع نفسه الكلمة صار جسداً. إنها بين يوسف ومريم اللذين يعيشان حبهما الزوجي بطريقة خاصة جداً. يوسف يحرس، في آنٍ معاً، تابوت العهد والعهد. كلمة الله هذه بين يوسف وابن الله الذي اتخذه في نسبه كابن له. كلمة الله هي أيضاً بين يسوع وأمه. تتمتع مريم بامتياز إصغائها إلى الكلمة والعيش من خلالها بطريقة فريدة لدرجة أنها حملت بها. عائلة الناصرة ليست عائلة مثل أي عائلة أخرى.

لكنها العائلة الحقيقية، التي توحدها أكثر من روابط الدم والمحبة البشرية، متحدة بكلمة الله المقبولة والمنفذة. «أمي وإخوتي هم الذين يسمعون إلى كلمة الله ويطبقونها». العائلة الحقيقية هي التي شكلها يسوع حوله وحول الآب السماوي. هذه العائلة الحقيقية هي الكنيسة التي دُعينا جميعًا إليها لنكون فيها إخوة يسوع، وكلنا مدعوين لنكون أبناء وبنات الآب الواحد، وجميعنا مدعوين بطريقة ما لنكون «أم» يسوع بحملنا له إلى العالم بعد استقباله في أعماق قلوبنا.

والانقسام الذي وعد به الرب يسوع داخل العائلات هو ثمرة رفض بعض العلاقات العائلية الخضوع بعمق لنور كلمة الله. يأتي يسوع أيضًا لشفاء وتنقية ما يمكن أن يكون أحيانًا غير صحي وخانق وهش في بعض العائلات. لا يتعلق الأمر بالتدمير، إنه يتعلق بالتغيير بالنعمة. لا يتعلق الأمر بالانفصال، إنه يتعلق بالاتحاد في المحبة. تصبح العائلات أقوى وأكثر واقعية عندما تكون المكان الأول حيث تُسمع الكلمة وتُصلى وتُنفذ.

أصغر وحدة في الحياة الاجتماعية، هي أيضًا الجماعة الأساسية للكنيسة. نحن نفهم إذن أنه إذا كانت الروابط الأسرية طبيعية، فإن لها أيضًا بُعدًا أعمق وأبعد. الكنيسة هي عائلة مقدسة، انتشار لعائلة الناصرة على مستوى الأبعاد الإنسانية. فنحن جميعًا مدعوين للترحيب بكلمة الله المتجسد وجعلها حية حتى تغير قلوبنا وجميع علاقاتنا الودية والاجتماعية والعائلية. عائلاتنا مدعوة أيضًا إلى التغيير في هذا المجيء وإلى الاتحاد في العائلة المقدسة ليسوع المسيح.

 

SHARE