الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 4 شباط 2024. موعظة الأحد الخامس من الزمن العادي

2024-Feb-04 | عظات | 799

أيوب 7، 1-7    1 قور 9، 16-23     مر 1، 29-39  

 

«لَمَّا خَرَجوا مِنَ المَجمَع، جاؤُوا إِلى بَيتِ سِمعانَ وأَندَراوس ومعَهم يَعقوبُ ويوحَنَّا.  وكانَت حَماةُ سِمعانَ في الفِراشِ مَحمومة، فأَخَبَروه بأمرِها.  فدنا مِنها فأَخَذَ بِيَدِها وأَنَهَضَها، ففارَقَتْها الحُمَّى، وأَخَذَت تَخدمُهُم.  وعِندَ المَساء بَعدَ غُروبِ الشَّمْس، أَخَذَ النَّاسُ يَحمِلونَ إِلَيه جَميعَ المَرْضى والمَمَسوسين.  وَاحتَشَدَتِ المَدينةُ بِأَجمَعِها على الباب.  فَشَفى كثيراً مِنَ المَرْضى المُصابينَ بِمُخَتَلِفِ العِلَل، وطرَدَ كثيراً مِنَ الشَّياطين، ولَم يَدَعِ الشَّياطينَ تَتَكَلَّم لأَنَّها عَرَفَتهُ. وقامَ قَبلَ الفَجْرِ مُبَكِّراً، فخَرجَ وذهَبَ إِلى مَكانٍ قَفْر، وأَخذَ يُصَلِّي هُناك.  فَانَطَلَقَ سِمْعانُ وأَصْحابُه يَبحَثونَ عَنه، فوَجَدوه. وقالوا له: جَميعُ النَّاسِ يَطلُبونَكَ. فقالَ لَهم: لِنَذهَبْ إِلى مَكانٍ آخَر، إِلى القُرى المُجاوِرَة، لِأُبشِّرَ فيها أَيضاً، فَإِنِّي لِهذا خَرَجْت. وسارَ في الجَليلِ كُلِّه، يُبَشِّرُ في مَجامِعِهم ويَطرُدُ الشَّياطين.»

الموعظة

في إنجيل اليوم أيضًا نرى يسوع يسير على طرقات الجليل، برفقة الرسل الأربعة الأوائل: بطرس وأندراوس، ويوحنا ويعقوب. أكثر من مجرد طريق، يمكننا أن نتحدث عن حج الله الذي صار إنسانًا، والذي جاء إلى هذه الأرض ليقود الإنسان إلى الله. ويختلف الطريق عن التشرد لأن له وجهة، والحج يختلف عن الطريق لأن وجهته هي بيت الله. في المشهد الأول من إنجيل اليوم، نرى يسوع يدخل بيت عائلة بطرس «حاجًا»، ونعلم أن كل بيت عائلة هو كنيسة بيتية.

في هذا المنزل نجد أيضًا حماة بطرس وهي في السرير مريضة بشدة. يأخذ المسيح بيدها ويشفيها ويقيمها. في المشهد الثاني، نرى جميع مرضى كفرناحوم، الممتحنين جسدًا ونفسًا وروحًا، يحجون إلى المسيح وهو «يشفي أناسًا كثيرين... ويخرج شياطين كثيرة». إن عمل المسيح هذا هو علامة واضحة على أن التبشير هو ترقية إنسانية. فالإنجيل هو إعلان يشفي ويخلّص.

لان يشفي ويخلّص.

والإنجيليون الأربعة متفقين على هذا التأكيد ويشهدون أن التحرر من الأمراض والعاهات المتنوعة كان، إلى جانب التبشير، النشاط الرئيسي ليسوع في حياته العلنية. في الواقع، الأمراض هي علامة عمل الشر في العالم وفي الإنسان، في حين أن الشفاء يدل على أن ملكوت الله، والله نفسه، قريبون. لقد جاء يسوع المسيح ليهزم الشر من جذوره، والشفاء هو توقع لانتصاره الذي تم الحصول عليه من خلال موته وقيامته. وأخيراً يعلن المسيح ملكوت الله بالتكلم بسلطان وبشفاء الإنسان ليستعيد حريته كابن لله.

لكن إذا كانت البشارة هي شركة الكلمة الذي صار جسدًا والذي يعتني بالإنسان بكليته، وبكل إنسان، لأن محبة الله ليس لها حواجز، فإن الصلاة هي روح هذه الرسالة. والمشهدين اللذين يتحدث عنهما الإنجيلي مرقس ينقسمان بين لحظتين للصلاة: تلك في المجمع ــــ الأحد الماضي، والثانية في مكان منفرد ليلاً قبل شروق الشمس. «إن الحديث مع الله عن الناس أكثر فائدة من الحديث مع الناس عن الله» (القديسة كاترينا السيانية).

نحن أيضًا نذهب مع يسوع إلى «محبسة» قلبنا، بنفس الطريقة التي «ذهب بها المسيح إلى موضع قفر» ليصلي. من خلال الصلاة نصبح حجاج المطلق مع يسوع، والصلاة المتواصلة، هي الرحم الذي تولد منه كل رسالة. وبدون هذه الصلاة، سيكون كل واحد منا مخطئا بشأن وقت العمل والكلمات التي يجب أن يقولها. يتعلق الأمر في الواقع بالنهوض (يستخدم الإنجيل في اليونانية الفعل الذي يعني القيامة)، أي القيامة مع المسيح كل يوم عندما لا يزال العالم مظلمًا.

والقيامة هي مصدر رجائنا الذي يجعلنا نتقبل بشجاعة كل تجربة في الحياة. لا بل يطلب منا أن نلبس الرجاء في المسيح، من خلال عيش المعمودية التي نلناها. من خلال هذا السر، يعطينا يسوع أن ندخل في شركة وجودية معه. وهذا يعني أن كيانه ووجودنا يلتقيان، وتداخلان بعضهما البعض بشكل متبادل: «فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذٰلِك، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ» (غل 2، 20)، هكذا يصف القديس بولس حدث معموديته. لقد لبس المسيح ثيابنا: الألم والفرح لكوننا إنسان، والجوع، والعطش، والتعب، والآمال وخيبات الأمل، والخوف من الموت، وكل همومنا حتى الموت. وأعطانا «ثيابه». ثياب الحب الذي نحن مدعوون إلى الإيمان به. الإيمان بالحب يعني العيش به.

الإيمان بالحب يتطلب أن نصبح حاملين للرجاء. كيف؟ من خلال النظر إلى الصليب ومساعدة الآخرين على النظر إليه، فيجدوا أيضًا في المسيح «من أَحَبَّنَا أَوَّلًا». لننظر إلى المسيح، الحب اللامتناهي، الحب الذي يعطي الحب». الحب يعيش في القلب ويفتحنا على الرجاء. إذا كان الإيمان بالحب يعني الإيمان بأن الحب هو أهم شيء، فإن وضع الرجاء في الحب يعني الاختيار بأن نبني الحياة على الحب، والإيمان بأن حب الله لنا أقوى من كل شر وأن الحب يمكنه أن يكون كافياً لنا.

SHARE