الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 17 نيسان 2024. موعظة الأحد الثالث من الزمن الفصحي

2024-Apr-14 | عظات | 265

أع 3، 13 – 19    1 يو 2، 1 – 5    لو 24، 35 - 48

 

«في ذَلكَ الزَّمان: رَوَى تِلميذا عِمَّاوُس لِلرُسُل ما حَدَثَ في الطَّريق، وكَيفَ عَرَفا يَسوع عِندَ كَسْرِ الخُبْز. وبَينَما هُما يَتَكَلَّمان، إِذا بِه يقومُ بَينَهم فيَقول: «السَّلامُ علَيكُم!». فأَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ، وَتَوَهَّموا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا. فقالَ لَهم: «ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟ أُنظُروا إِلى يَدَيَّ و رِجلَيَّ. أَنا هو بِنَفْسي. المسوني وانظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ ليسَ له لَحمٌ ولا عَظْمٌ كما تَرَونَ لي». قالَ هذا وأَراهُم يَدَيهِ وَرِجلَيهِ. غَيرَ أَنَّهم لم يُصَدِّقوا مِنَ الفَرَحِ، وظَلُّوا يَتَعَجَّبون، فقالَ لَهم: «أَعِندَكُم ههُنا ما يُؤكَل؟» فناوَلوهُ قِطعَةَ سَمَكٍ مَشوِيّ. فأَخَذَها وأَكَلَها بِمرأًى مِنهُم. ثُمَّ قالَ لَهم: «ذلك كلامي الَّذي قُلتُه لكم إِذ كُنتُ مَعَكم، وهو أَنَّه يَجِبُ أَن يَتِمَّ كُلُّ ما كُتِبَ في شأني، في شَريعَةِ موسى وكُتُبِ الأَنبِياءِ والمَزامير». وحينَئِذٍ فَتحَ أَذْهانَهم لِيَفهَموا الكُتُب. وقالَ لَهم: «كُتِبَ أَنَّ المَسيحَ يَتأَلَّمُ ويقومُ مِن بَينِ الأَمواتِ في اليَومِ الثَّالِث، وتُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا في جَميعِ الأُمَم، اِبتِداءً مِن أُورَشَليم وأَنتُم شُهودٌ على ذَلِكَ. وإنِّي أُرسِلُ إلَيكُم ما وَعَدَ بهِ أَبي. فَامكُثوا أَنتُم في المدينَة، إلى أَن تُلبَسوا قُوَّةً مِنَ العُلى»

الموعظة

لقد لزم للتلاميذ زمناً لا بأس به لكي يصلوا إلى الإيمان كما تقدمه لنا القراءتين الأوليتين. إنها تأتي بعد العنصرة، ومجيئ الروح القدس لم يتم إلاَّ بعد أربعين يوماً الرمزيين الذي خلالهما يسكن يسوع خاصته. ولدى عودة تلميذي عمّاوس إلى القدس، لا نزال بعيدين عن نضج الإيمان، نضج يكمن في الإيمان دون النظر، الإيمان بالكلمة. لا شك أنهم رأوا يسوع حيّاً لكن بطريقة أو بحياة غريبة. لقد اجتمعوا مع الأحد عشر تلميذاً الذين، يؤمنون أيضاً بقيامة يسوع.

بينما يروون كيف عرفوه لدى كسر الخبز، وفجأة، يكشف يسوع حضوره في وسطهم. فينهار آنئذ إيمان الجميع؛ «فأَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ وظَنُّوا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا». من الإيمان إلى الخوف، مسيرة تجعلنا الحياة أن نقوم بها في أغلب الأحيان، على صورة الطريق المعاكس الذي قاد اثنين من بينهم من القدس إلى عمّاوس. الملفت للانتباه أن التلاميذ، لدى رؤيتهم يسوع، يعبرون من الخوف إلى الفرح قبل العبور إلى الإيمان: «غَيرَ أَنَّهم لم يُصَدِّقوا مِنَ الفَرَحِ وظَلُّوا يَتَعَجَّبون».

فهل هذا يعني أن حضور الله يحي فينا الفرح قبل أن ندرك ونعي بوضوح هذا الحضور؟ الإيمان في الواقع يفترض المعرفة والقرار. عمل متكامل، يحرك كلية الإنسان. الخطر أمام هذا النوع من نصوص الإنجيل هو أن نسمعها أو نقرأها دون أن نتساءل. بينما الأمر ليس بهذه البساطة. التلاميذ اعتقدوا أنهم رأوا روح، هذه الكلمة تستعمل أيضاً للروح القدس. وبولس الرسول يحدثنا بخصوص القيامة، عن الجسد الروحاني (1 قور 15، 44).

ممّا يعني أن التلاميذ ليسوا بعيدين عن الحقيقة، على قدر ما يمكننا أن نرى الروح. وبولس يتابع في الرسالة عينها «إنَّ اللَّحْمَ والدَّمَ لا يَسَعُهما أَن يَرِثا مَلَكوَتَ الله، ولا يسع الفساد أن يرث ما ليس بفساد». فالجسد «اللحم والدم، البشرية بشكلها الخام» يتعارض دائماً مع الروح. ولكن يسوع له جسد روحاني كما يبين لنا نص إنجيل اليوم، جسد لم يعد يخضع للزمان والمكان. والإنجيلي لوقا يُظهره وهو يأكل من السمك المشوي.

وبالتالي مجمل الرواية تريد أن تقول لنا بأن القيامة تؤثر في الجسد وليس ما نسميه عادة بالروح. فالموضوع ليس الخلود إنما القيامة. من هنا ينبع السؤال: ما هو الجسد الروحاني؟ المسيحيون الأوائل كانوا يتساءلون أيضاً بهذا الاتجاه. كيف يقوم الموتى؟ وبأي جسد يعودون؟ (1 قور 15، 35). علينا الاعتراف بجهلنا.

جواب بولس وهو يقارن بين جسدنا وحبة الحنطة التي تموت في الأرض وبين جسد المستقبل والسنبلة التي تخرج منها، هذا الجواب ليس سوى مجرد صورة؛ هذه الصورة تشير إلى الاستمرارية بين الجسد الحالي وجسد المستقبل، وأيضاً إلى غنى هذا الأخير بالنسبة للأول. فالغذاء هو التعبير الكبير لعلاقتنا مع الطبيعة، مع الكون. بأكله للسمك، يُفهمنا يسوع بأن قيامته ليست هروب من عالمنا. وعلاقته مع الكون تصل إلى درجة لا يمكن تخيلها.

في الواقع، الغذاء الذي نأكله ليس سوى جزء صغير ممّا يقدمه لنا العالم، وهذا الغذاء يصبح بداخلنا. بالقيامة، المسيح هو من يصبح بداخلنا. وبالتالي غذائنا الأرضي يمكنه أن يصبح صورة، وجه عن اتحادنا بالله وحتى طريق باتجاه هذه الوحدة. والافخارستيا هي في هذا الخط تماماً. عندما يأكل يسوع، يعبر كل من الخبز والخمر إلى الله؛ هذا الخبز وهذه الخمر يصبحون جوهر إلهي وهذا يعني أن الكون بمجمله يهجر إلى الله وبالتالي يصبح «مكرس».

هذا يعني أن القيامة تخص كل شيء، وأنها تعمل منذ الأزل. وموسى والأنبياء يشهدون على ذلك. إنهم يعلنون الإتمام الذي يتم مع المسيح لكنهم يروا بأن انتصار الحياة على الموت يعمل في العالم حيث يعيشون وهذا

 منذ البدء. مع يسوع، ظهرت هذه القيامة منذ البدء وقيامة كل شيء.

SHARE