موعظة يوم الأحد 21 نيسان 2024. موعظة الأحد الرابع من الزمن الفصحي
أع 4، 8 – 12 1يو 3، 1 – 2 يو 10، 11 – 18
«أَنا الرَّاعي الصَّالِح والرَّاعي الصَّالِحُ يَبذِلُ نَفْسَه في سَبيلِ الخِراف. وأَمَّا الأَجير، وهو لَيسَ بِراعٍ ولَيستِ الخِرافُ له فإِذا رأَى الذِّئبَ آتياً تَركَ الخِرافَ وهَرَب فيَخطَفُ الذِّئبُ الخِرافَ ويُبَدِّدُها. وذلِكَ لأَنَّهُ أَجيرٌ لا يُبالي بِالخِراف. أَنا الرَّاعي الصَّالح أَعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني كَما أَنَّ أَبي يَعرِفُني وأَنا أَعرِفُ أَبي وأَبذِلُ نَفْسي في سَبيلِ الخِراف. ولي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضاً لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد. إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً ما مِن أَحَدٍ يَنتزِعُها مِنَّي بل إنّني أَبذِلُها بِرِضايَ. فَلي أَن أَبذِلَها ولي أَن أَنالَها ثانِيَةً وهذا الأَمرُ تَلَقَّيتُه مِن أَبي»
الموعظة
في أيامنا هذه، وخاصة في مجتمعاتنا الحضرية والصناعية، أصبحت شخصية الراعي غير معروفة ولا تحظى بالتقدير إلا قليلاً. أن نكون خرافاً لا تروق للإنسان المعاصر الذي يساوي بين الحرية والاستقلالية ويشعر بالإهانة بوصفه بالخروف. من ناحية أخرى، في العهد القديم، تعتبر شخصية الراعي مهمة جدًا بالفعل. حزقيال النبي متحدثًا باسم الله يقول: «أَنا أَرْعى خِرافي وأَنا أُربِضُها، يَقولُ السَّيِّدُ الرَّبّ، فأَبحَث عنِ الضالَّةِ وأَرُدُّ الشارِدَةَ وأَجبُرُ المَكْسورَةَ وأُقَوِّي الضَّعيفَةَ ....، وأَرْعاها بِعَدْل» (حز 34: 15-16).
إن تحقيق هذا الوحي نراه في المسيح الراعي الصالح. لكن شخصية الراعي ليست مهمة فقط في الكتاب المقدس. وحتى في الكنيسة اليوم، تحافظ هذه الشخصية على جاذبيتها وفعاليتها. إن ما وعد به الله شعبه القديم: «أُعْطيكم رُعاةً على وَفقِ قَلْبي، فيَرعَونَكم بِعِلمٍ وفِطنَة» (إر 3: 15) نختبره اليوم في الكنيسة، شعب الله الجديد. تعرف الكنيسة أن يسوع نفسه هو التحقيق الحي والأسمى والنهائي لوعد الله: «أنا هو الراعي الصالح».
لقد عهد «الراعي الصالح» إلى الرسل وخلفائهم بخدمة رعاية قطيع الله (يو 21، 15...؛ 1 بط 5، 2). بفضل الكنيسة، يستطيع شعب الله أن يعيش هذه الطاعة الأساسية التي هي في صميم وجوده ورسالته في التاريخ. طاعة وصية يسوع: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم» (متى 28، 19). و«اصنعوا هذا لذكري» (لو 22: 19؛ 1 كور 11: 24)، أي الوصية بإعلان الإنجيل وتجديد كل يوم تقدمة جسده المبذول ودمه المسفوك من أجل حياة العالم.
فلنصل إذًا إلى الرب أن يرسل رعاة صالحين لحصاد العالم الوفير، ولنطلب من رعاة اليوم أن يتخذوا المسيح قدوة لهم دائمًا، هو الراعي الصالح. فليقدموا حياتهم من أجل خرافهم ويكشفوا حياتهم بشجاعة للدفاع عنها. فليحبوا خرافهم مثل المسيح، حتى يتمكنوا من قيادتهم إلى الشركة معه. إن صلاح الراعي يظهر في هبة ذاته لكي تحيا الخراف الموكلة إليه وتعيش بوفرة، وكذلك في المعرفة التي لديه عن خرافه.
على مثال الراعي الصالح، على الرعاة والخراف أن يعيشوا وينموا في الانتماء المتبادل لينموا في الانتماء إلى المسيح. نحن لسنا لعبة قوى الظلام أو القدر الذي لا يرحم: نحن ننتمي إلى الرب وهو يعرف كل واحد منا لمن بذل حياته ومن أجله قام من جديد. إذا استمعنا لصوته، وإذا آمنا به، فإننا نمتلك حياة الرب ذاتها. في الواقع، الإيمان ليس تصورًا واحدًا عن العالم من بين تصورات أخرى كثيرة.
به نحقق عبورًا حاسمًا: العبور من الموت إلى الحياة. «الحق الحق أقول لكم: من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني، فله الحياة الأبدية، ولا يمثُل لدى القضاء، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة» (يو 5، 24). بالإيمان يترك الإنسان أرض موت حياته ويدخل إلى أرض الأحياء. والكنيسة تطلب دائمًا من رعاتها أن يتأملوا باستمرار في هذه الصفحة. أن يتأملوا فيها. لماذا؟ كل راعي هو ببساطة «علامة» للراعي.
فلنتأمل معًا هذه الصفحة مطولًا ونسعى إلى عيشها من خلال اختبار الشركة بيننا، حتى تتعمق معرفتنا بالمسيح وينمو انتمائنا له. في إنجيل اليوم، يُشار إلى علاقة كل واحد منا بالقائم من بين الأموات، أولاً وقبل كل شيء، كعلاقة «انتماء»: الخراف ليست للص، بل للراعي. وتجربة الانتماء عميقة: فهي بالنسبة للإنسان مثل جذور الشجرة. ولكن مم يتكون هذا الانتماء؟
أولاً، من علاقة المعرفة المتبادلة: «أنا أعرف خرافي وخرافي تعرفني». هذه المعرفة المتبادلة مهمة بما يكفي لكي يربطها يسوع بالمعرفة المتبادلة الموجودة بينه وبين أبيه. مما تتكون هذه المعرفة؟ من جهتنا، يتمثل ذلك في الاستقبال الواعي لكلمات يسوع: الخراف تسمع صوته، والمثابرة في هذه الكلمة والسماح لها بأن تدخل في أعماقنا. باختصار، «معرفة يسوع الراعي الصالح» تعني أن نلتصق به وندعه يرشدنا في حياتنا من خلال الألفة الكبيرة والعميقة معه.
إن معرفة يسوع من جهتنا تتضمن أيضًا وتفترض معرفة يسوع بشخصنا. وبالتالي، أن نعرف ونكون معروفين يعني انتماءً متبادلاً واستعداداً تجاه بعضنا البعض. إن علاقة الشركة هذه بين يسوع وبيننا نحن المؤمنين، مرتبطة بالعطية التي يقدمها هو لحياته: «أبذل نفسي عن خرافي». إنه يقدم نفسه كالراعي الصالح، لأنه يعرض ويتصرف ويبذل نفسه من أجل خرافه. وهذا يعني أنه يوافق على أن يكون القائد لأنه خادم الجميع، إلى حد بذل حياته حتى نجد فيه النور والحرية.