الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 26 كنون الثاني 2025. موعظة الأحد الثالث من الزمن العادي

2025-Jan-26 | عظات | 138

نح 8، 2 – 10     1 قور 12، 12 – 30     لو 1، 1-4. 4، 14 – 21

 

«لَمَّا أَن أَخذَ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ يُدَوِّنونَ رِوايةِ الأُمورِ الَّتي تَمَّت عِندنَا، كما نَقَلَها إلَينا الَّذينَ كانوا مُنذُ البَدءِ شُهودَ عِيانٍ لِلكَلِمَة، ثُمَّ صاروا عامِلينَ لها، رَأَيتُ أَنا أَيضاً، وقَد تقَصَّيتُها جَميعاً مِن أُصولِها، أَن أَكتُبَها لَكَ مُرَتَّبَةً يا تاوفيلُسُ المُكرَّم، لِتَتَيَقَّنَ صِحَّةَ ما تَلَقَّيتَ مِن تَعليم وعاد يسوع إلى الجليل بقوة الروح، فانتشر خبره في الناحية كلها: وكان يعلم في مجامعهم فيمجدونه جميعا  وأتى الناصرة حيث نشأ، ودخل الـمجمع يوم السبت على عادته، وقام ليقرأ فدفع إليه سفر النبي أشعيا، ففتح السفر فوجد الـمكان المكتوب فيه روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر الفقراء وأرسلني لأعلن للمأسورين تخلية سبيلهم وللعميان عودة البصر إليهم وأفرج عن الـمظلومين وأعلن سنة رضا عند الرب ثم طوى السفر فأعاده إلى الخادم وجلس. وكانت عيون أهل الـمجمع كلهم شاخصة إليه فأخذ يقول لهم: اليوم تمت هذه الآية بمسمع منكم وكانوا يشهدون له بأجمعهم، ويعجبون من كلام النعمة الذي يخرج من فمه فيقولون: أما هذا ابن يوسف؟ لا شك أنكم تقولون لي هذا المثل: يا طبيب اشف نفسك. فاصنع ههنا في وطنك كل شيء سمعنا أنه جرى في كفرناحوم. وأضاف: الحق أقول لكم: ما من نبي يقبل في وطنه وبحق أقول لكم: كان في إسرائيل كثير من الأرامل في أيام إيليا، حين احتبست السماء ثلاث سنوات وستة أشهر، فأصابت الأرض كلها مجاعة شديدة، ولم يرسل إيليا إلى واحدة منهن، وإنما أرسل إلى أرملة في صرفت صيداوكان في إسرائيل كثير من البرص على عهد النبي أليشاع، فلم يبرأ واحد منهم، وإنما برئ نعمان السوري. فثار ثائر جميع الذين في الـمجمع عند سماعهم هذا الكلام فقاموا ودفعوه إلى خارج الـمدينة وساقوه إلى حرف الـجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه ليلقوه عنه، ولكنه مر من بينهم ومضى».

الموعظة

عندما يطول الانتظار عبثًا لتدخل الله، ينتهي الأمر بالناس إلى التعب. نحن جميعاً عند نقطة معينة، ومن الصعب علينا أن نرجو في أن تتحسن الأمور، سواء في حياتنا الشخصية أو في السياسة أو الاقتصاد أو العلاقات بين الشعوب. عندما ظهر يسوع، فقدت إسرائيل استقلاليتها، وصمت الأنبياء الكبار، وانقسم رؤساء الكهنة والفريسيون حول قضية مهمة مثل قضية القيامة. بالتأكيد نحن ننتظر المسيح، ولكن في أفق الزمن، وليس الآن. هل يعني هذا أن الإيمان والرجاء ميتان؟

حتماً لا: في إسرائيل هناك أناس سوف ينضمون إلى الأسينيين، وتلاميذ يتبعون يوحنا المعمدان، و«جموع» سوف تلتزم بيسوع. الجموع: عدد قليل جدًا من الشخصيات المرموقة أو المسؤولين. إن ما يسود هو نوع من الشك حول عمل الله لصالح شعبه. وإذ يأتي يسوع ليخبرهم أن الأمر قد تم الآن: «اليَومَ تَمَّت هٰذه الآيَةُ بِمَسمَعٍ مِنكُم». يقدم يسوع نفسه كمتمم للكتاب بمجمله، وبالتالي كختام له: لا يمكن إضافة أي شيء إلى ما تم تحقيقه.

 

والعهد الجديد؟ لا يتحدث إلا عن الاتمام: ففي يسوع نجد كلمة الله الأخيرة. نص إشعياء الذي قرأه يسوع (إش 61، 1-2) يحمل بشرى سارة للفقراء، والمحتاجين، والمهمشين. طريقة أخرى لقول «التطويبات». وفي كلتا الحالتين، هو الخطاب الافتتاحي للمسيح. خطاب رئيسي، إذا صح التعبير. فهو يقلب كلية نظام الأشياء والنظام القائم؛ إنه يأتي ليحمل منطقًا آخر وروحًا أخرى. ولم نتمكن بعد من استيعاب أو قبول ما يحمله بالكامل. حتى نحن المؤمنين.

إعادة لكل إنسان كرامته وسلامته؛ وجعل المحرومين موضوع اهتمامنا، بدلاً من المشاركة في السباق من أجل المال، والراحة، والشهرة. ويقول يسوع أن هذا تم تحقيقه «اليوم»، معه ومن خلاله. نعم، لكنه لا ينتج سوى العلامات فقط. القديس كيرلس يقول: «لقد كان أمرًا مدهشًا أن المولود أعمى استعاد بصره في سلوام، ولكن ماذا يعني ذلك لكل المكفوفين في العالم؟ ...». لقد قيل إن المعجزات، بما فيها معجزات يسوع، ليست حلولاً بل علامات.

الحلول؟ نحن، جسد المسيح، هذا الجسد الذي من خلاله هو حاضر وفعال في العالم، علينا أن نخترعها ونعمل على تحقيقها. ففي «يومنا هذا» ومن خلالنا يأتي المسيح ليتمم كلمات النبي. على مثاله ومن خلاله، تلقينا الروح لهذه المهمة. إن إنجيلنا مكتوب في زمن الماضي: و«رجع يسوع ... وذاع صيته ... كان يُعلِّم...». في مقدمته يقول لوقا بوضوح أنه سوف يروي أحداث الماضي. ولهذا فإن لديه تقاليد تعود إلى شهود عيان (لا يقول إنه عرفهم شخصياً).

هؤلاء الشهود كانوا أيضًا «خدام الكلمة»، وهو ما يستلزم بالفعل تفسيرًا للوقائع. من الماضي إذن. ماضي، ماضي يسوع، ألقى الضوء فعَّل ماضي أكثر بعداً، جعله آني، ماضي إشعياء وغيره من أسفار الكتاب المقدس. ومن خلال سرد أعمال وأقوال المسيح، يعطيها لوقا آنية جديدة. وبالمثل، نحن اليوم، نقوم بذلك من خلال إعلاننا لها. الماضي ينتقل إلى الحاضر. وهذا يعني أن الإنجيل معاصر لكل جيل؛ وأننا نستطيع أن نعيش من جديد رواية مجمع الناصرة، مثل كل روايات الإنجيل، وكأننا كنا هناك.

اليوم، متمما أشعيا، يعلن لنا يسوع البشرى السارة لتحريرنا. التحرير هنا بالفعل وسوف يأتي في المستقبل: سوف يأتي من خلال صليب المسيح، وبالنسبة لنا، من خلال كل ما يعيد اصداره في حياتنا. وهكذا يتم تحقيق خلاصة الزمن الكلي، صورة الأبدية. «الآن وفي ساعة موتنا»، المسيح، هو الكائن الذي كان والذي يأتي، يأخذ على عاتقه أفراحنا وشقاءنا.

SHARE