موعظة يوم الأحد 1 حزيران 2025. موعظة الأحد السابع من الزمن الفصحي
أع 7، 55 – 60 رؤ 22، 12 – 17 يو 17، 20 – 26
«لا أَدْعو لَهم وَحدَهم بل أَدْعو أَيضاً لِلَّذينَ يُؤمِنونَ بي عن كلامِهم. فَلْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِداً: كَما أَنَّكَ فِيَّ، يا أَبَتِ، وأَنا فيك فَلْيكونوا هُم أَيضاً فينا لِيُؤمِنَ العالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني. وَأنا وَهَبتُ لَهم ما وَهَبْتَ لي مِنَ المَجْد لِيَكونوا واحِداً كما نَحنُ واحِد: أَنا فيهِم وأَنتَ فِيَّ لِيَبلُغوا كَمالَ الوَحدَة ويَعرِفَ العالَمُ أَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني وأَنَّكَ أَحبَبتَهم كَما أَحبَبتَني. يا أَبَتِ، إِنَّ الَّذينَ وهَبتَهم لي أُريدُ أَن يَكونوا معي حَيثُ أَكون فيُعايِنوا ما وَهَبتَ لي مِنَ المَجد لأَنَّكَ أَحبَبتَني قَبلَ إِنشاءِ العالَم. يا أَبتِ البارّ إِنَّ العالَمَ لم يَعرِفْكَ أَمَّا أَنا فقَد عَرَفتُكَ وعَرَفَ هؤلاءِ أَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني. عَرَّفتُهم بِاسمِكَ وسأُعَرِّفُهم بِه لِتَكونَ فيهمِ المَحبَّةُ الَّتي أَحبَبتَني إِيَّاها وأَكونَ أَنا فيهِم»
الموعظة
موضوع الوحدة سبق أن سمعناه في زمن الفصح. المسيح، الإنسان المُتمَّم، هو واحد مع الله وواحد معنا. وهذا هو هدف خلقنا. ولكن كيف ولماذا لا يمكن تحقيق هذا الأمر إلاَّ من خلال الفصح؟ صلاة يسوع الكهنوتية كما نسميها والتي سمعناها اليوم تأتي مباشرة قبل الآلام. هكذا نحن مجدداً أمام «فضيحة» الصليب. فلكي نفهم، أو نلمس شيء من الجواب، لا بد من أن نضع الفصح في إطار الصراع والمواجهة بين حرية الله وحرية الإنسان الذي ينتهي بعهد زوجي
الله يسكننا كليّة، ولكن هذا السكن لا يتم إلاَّ من خلال حريتنا: ما خلقه الله هو الحرية. فلماذا يوجد فينا مقاومة ضد هذا السكن لله والذي يقودنا في النهاية إلى الموت؟ إقصاء الله يظهر من خلال الصليب الذي نصبه البشر. ويسوع المصلوب خارج المدينة، هو الله المرمي خارج مدننا وحياتنا، إنه العدل والحبّ المقصيين من وجودنا. فالصليب يكشف أمراً قديماً جداً ألا وهو الاستقبال السيء لخلقنا.
فهل يعود هذا الرفض إلى الخوف من العيش تماماً؟ أو الخوف من الحبّ؟ الخوف من الآخر؟ كل ذلك يتم غالباً رغماً عنّا. نحن متأثرين (عدوى) لكننا
لسنا مسؤولين، أقلّه طالما أن حريتنا لا تؤكد الرفض. يبقى بأن الله مدفوع خارجاً وعملية الخلق مفرملة، فنحن قادرون على جعل الله عاجزاً. باختصار سكن الله فينا ونحن فيه غير كامل ومتواطئ. يسوع هو من يأخذ على عاتقه رفضنا لله بما أنه يموت بسببه. فلكي يقبل ذلك، عليه أن يميت فيه، في إنسانيته، كل جذور الرفض: «حكم على الخطيئة في الجسد»، في جسده (رو 8، 3).
لقد قام بذلك من خلال تطابق حريته مع حرية الله: لتكن مشيئتك. بهذه الطريقة لم يبقى فيه شيء غير مسكون من الله. ولكي يتم هذا الاتحاد مع إرادة الآب، لا بد من اليقين بأن إرادته هي إرادة الحياة وليس الموت؛ لا بد من الثقة المطلقة التي تسمح بالعبور من كل أنواع شر البشر وتجاوز عزلتهم القاتلة. هنا، الله هو كليّة في المسيح والمسيح كليّة في الله. «أنا فيك وأنت فيَّ». فالروح، الحبّ هو الذي يصنع الوحدة. ويسوع يصلي لندخل في وحدة الآب والابن.
كيف يمكننا فهم ذلك؟ قد نقول بأن يسوع قام بمسيرة الفصح باسم الجميع، ولكن يبقى هذا الكلام قانوني بحت. كما قد نقول الكلام عينه بخصوص المعمودية التي تعبر بنا بموت وقيامة المسيح. هكذا نصبح أبناء الله على مثاله. وبهذا المعنى يُقال بأن المعمودية هي ولادة جديدة. في يوحنا (3، 3 – 8). يشرح يسوع لنيقوديمس بأن عليه أن يولد من جديد، من الماء والروح، تلميحاً للفصل الأول من سفر التكوين الذي يقترح بداية جديدة. فلا بد من ربط هذه الأمور مع الافخارستيا، حيث يغذي يسوع الإنسان من جوهره. ولكن هذا يبدو غير كافٍ: المعمودية والافخارستيا يمسون المسيحيين، فماذا نقول بخصوص الآخرين؟
دون أن ننسى بأن اختزال عمل الفصح الهائل باحتفالات وطقوس يؤدي إلى فقدانه قيمته الحقيقية. يمكننا القول إننا كشعب شهادة، أسرارنا الكنسية حاضرة، ومن بين «وظائفها» إن صح التعبير، هي الإشارة أمام أعيننا وعيون الآخرين، إلى واقع يحصل لجميع البشر. جميعنا خُلقنا بالكلمة، جميعنا موجزين بالمسيح للوصول إلى إنسانية جديدة، واحدة على صورة الله الواحد. هذه الإنسانية هي من الآن مكان إقامة، هيكل للحضور الإلهي. لا يمكننا الوصول إليها مرة واحدة، ولكن على مسار التاريخ حيث تكرر حياتنا عمل الفصح.