موعظة يوم الأحد 8 حزيران 2025. موعظة عيد العنصرة،
أع 2، 1 – 11 رو 8، 8 - 17 يو 15، 26 – 27؛ 16، 12 – 15
«إِذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي. وَأَنا سأَسأَلُ الآب فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّدًا آخَرَ يَكونُ معَكم لِلأَبَد «إِذا أَحَبَّني أَحَد حَفِظَ كلامي فأَحَبَّه أَبي ونأتي إِلَيه فنَجعَلُ لَنا عِندَه مُقامًا. ومَن لا يُحِبُّني لا يَحفَظُ كَلامي. والكَلِمَةُ الَّتي تَسمَعونَها لَيسَت كَلِمَتي بل كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أَرسَلَني. قُلتُ لَكُم هٰذه الأَشياءَ وأَنا مُقيمٌ عِندكم ولٰكِنَّ المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِٱسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم».
الموعظة
في هذا اليوم، نتأمل ونعيش من جديد حلول الروح القدس الذي حققه المسيح القائم من بين الأموات على كنيسته؛ حدث ملأ علية أورشليم وانتشر في العالم أجمع. ولكن ما الذي يحدث في هذا اليوم، بعيدًا عنا، ولكنه قريب لدرجة أنه يلامس أعماق قلوبنا؟ القراءة الأولى تتحدث عن الصخب المفاجئ الآتي من السماء، «كريح عاصفة»، الذي ملأ البيت؛ ثم «نوع من النار انقسمت إلى ألسنة»، استقرت على كل واحد من الرسل.
إن الضجيج وألسنة النار علامات دقيقة وملموسة تصيب الرسل، ليس فقط ظاهريًا، بل أيضًا في أعماقهم: في عقولهم وقلوبهم. النتيجة هي أنهم «امتلأوا جميعًا من الروح القدس»، الذي جعلهم يتكلمون بلغات أخرى، وكان كل واحد منهم يُعبّر عن نفسه كما أعطاه الروح. فكانت النتيجة تجمع حشد كبير واندهش لأن كل واحد منهم سمع الرسل يتحدثون بلغته وعن ماذا يتحدثون؟ «عجائب الله». في ضوء هذا المقطع من سفر أعمال الرسل، أود أن أتأمل في ثلاث كلمات مرتبطة بعمل الروح القدس.
1 الأشياء الجديدة تُخيفنا قليلًا دائمًا، لأننا نشعر بأمان أكبر إذا كان كل شيء تحت سيطرتنا، وإذا كنا نحن من نبني ونبرمج ونخطط حياتنا وفقًا لخططنا، وأمننا، وأذواقنا. وهذا يحدث أيضًا مع الله. غالبًا ما نتبعه، ونرحب به، ولكن إلى حد معين فقط؛ يصعب علينا أن نسلم أنفسنا له بثقة كاملة، تاركين الروح القدس روحًا ودليلًا لحياتنا في جميع خياراتنا؛ نخشى أن يقودنا الله إلى دروب جديدة، ويخرجنا من آفاقنا المحدودة والمغلقة والأنانية في كثير من الأحيان، ليفتح لنا آفاقه الخاصة.
ولكن، على مر تاريخ الخلاص، عندما يكشف الله عن ذاته، يُحدث تغييرًا ويدعونا إلى الثقة الكاملة به: نوح يبني فلكًا، وقد سخر منه الجميع، ثم يهرب؛ إبراهيم يغادر أرضه وفي يده وعد واحد فقط؛ موسى يواجه سلطة فرعون ويقود الشعب إلى الحرية؛ الرسل، خائفين ومحبوسين في العلية، يخرجون بشجاعة ليُعلنوا الإنجيل. ليس الأمر جديدًا من أجل الجديد، أو بحثًا عن الجديد للتغلب على الملل، كما يحدث غالبًا اليوم.
إن الجديد الذي يُدخله الله على حياتنا هو ما يُشبعنا حقًا، ما يمنحنا الفرح الحقيقي والسكينة الحقيقية، لأنه يحبنا ولا يريد لنا إلا الخير. لنسأل أنفسنا اليوم: هل نحن منفتحون على «مفاجآت الله»؟ أم نغلق أنفسنا، خوفًا، أمام تجدد الروح القدس؟ هل نملك الشجاعة الكافية لاتباع الدروب الجديدة التي يقدمها لنا تجدد الله، أم ندافع عن أنفسنا، حبيسي هياكل بالية فقدت قدرتها على استيعابنا؟
2 يبدو أن الروح القدس يُحدث فوضى في الكنيسة، إذ يُضفي عليها تنوع المواهب والعطايا؛ لكن كل هذا، على العكس، يُشكّل غنىً عظيم، لأن الروح القدس هو روح الوحدة، التي لا تعني التماثل، بل تُعيد كل شيء إلى الانسجام. «الروح القدس هو الانسجام». هو وحده القادر على تحقيق التنوع والتعددية، وفي الوقت نفسه، تحقيق الوحدة. هنا أيضًا، عندما نُريد نحن تحقيق التنوع وننغلق على أنفسنا في خصوصياتنا، في انعزالنا، نُسبب الانقسام؛ وعندما نُريد نحن خلق الوحدة وفقًا لمقاصدنا البشرية، نُحقق في النهاية التماثل والتجانس. على العكس من ذلك، إذا سمحنا لأنفسنا بأن نسترشد بالروح القدس، فلن يتحول الغنى والتنوع والاختلاف إلى صراع، لأنه يحثنا على عيش التنوع في شركة الكنيسة.
الكنيسة هي التي تقودنا إلى المسيح. فهل أنا منفتح على انسجام الروح القدس، متجاوزًا كل استثناء؟ هل أسمح لنفسي بأن أسترشد به، أعيش في الكنيسة ومعها؟
3 قال اللاهوتيون القدماء: إن الروح أشبه بمركب شراعي، والروح القدس هو الريح التي تهب عبر الشراع لتدفعه إلى الأمام، ودوافع الريح ودفعاتها هي مواهب الروح. فبدون دفعه ونعمته، لا نتقدم. يُدخلنا الروح القدس في سر الله الحي، ويُنقذنا من خطر الكنيسة الغنوصية والكنيسة المرجعية الذاتية، المنغلقة على ذاتها؛ ويحثنا على فتح الأبواب للخروج، وإعلان حياة الإنجيل الصالحة والشهادة لها، ونقل فرح الإيمان، وفرح اللقاء بالمسيح. الروح القدس هو روح الرسالة.
الروح القدس هو هبة المسيح القائم من بين الأموات بامتياز لرسله، ولكنه يريدها أن تصل إلى الجميع. يقول يسوع، كما سمعنا في الإنجيل: «سأطلب من الآب، فيعطيكم مُعزيًا آخر يكون معكم إلى الأبد». إنه الروح القدس، المُعزي، الذي يُعطينا الشجاعة لنحمل الإنجيل إلى العالم! فهل نميل إلى الانطواء على أنفسنا، في جماعتنا، أم نسمح للروح القدس بأن يفتح لنا أبواب الرسالة؟». تعالَ أيها الروح القدس، وادخل قلوب مؤمنيك! فليُحرقوا بنار محبتك!».