الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 22 آب 2021، موعظة الأحد الواحد والعشرين من الزمن العادي

2021-Aug-22 | عظات | 490

يش 24، 1 – 18    أف 5، 21 – 32   يو 6، 60 – 69 

 

«فقال كثير من تلاميذه لما سمعوه: هذا كلام عسير، من يطيق سماعه؟ فعلم يسوع في نفسه أن تلاميذه يتذمرون من ذلك، فقال لهم: أهذا حجر عثرة لكم؟ فكيف لو رأيتم ابن الإنسان يصعد إلى حيث كان قبلا؟  إن الروح هو الذي يحيي، وأما الجسد فلا يجدي نفعا، والكلام الذي كلمتكم به روح وحياة، ولكن فيكم من لا يؤمنون. ذلك بأن يسوع كان يعلم منذ بدء الأمر من الذين لا يؤمنون ومن الذي سيسلم ثم قال: ولذلك قلت لكم: ما من أحد يستطيع أن يقبل إلي إلا بهبة من الآب.  فارتد عندئذ كثير من تلاميذه وانقطعوا عن السير معه فقال يسوع للاثني عشر: أفلا تريدون أن تذهبوا أنتم أيضا؟ أجابه سمعان بطرس: يا رب، إلى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك؟  ونحن آمنا وعرفنا أنك قدوس الله»

الموعظة

تصف لنا القراءة الأولى ونص الإنجيل الذي سمعناه حالة أزمة حيث لا بد من الاختيار. بالمقابل، نحن نعلم أن كل شخص يكشف عن نفسه حقًا عندما يُوضع في موقف اختبار، عندما يكون في أزمة. قبل العبور بالأزمة، يجهل الإنسان، بطريقة ما، ذاته، لا يعرفها بالفعل. ويسوع يعرف هذه الحقيقة البشرية جيدًا، ولذلك لا يخشى أن يضع من يدّعون اتباعه في أزمة.

بطريقة أقل بديهية، توضح القراءة الثانية، حالة أزمة. بالتأكيد، يمكن لقراءة سطحية أن تقودنا إلى الحكم على هذا النص باعتباره رجعي، بل وفاضح. ولكن إذا تمعنا بما يريد بولس الرسول أن يقوله للزوجين المسيحيين، فسوف نكتشف عمق الدعوة الزوجية. إذا بدا ظاهرياً، أن القديس بولس في وصفه للزوجين، يشجع على عدم المساواة بين المرأة والرجل، فهذا لا يعني إبقاء النساء تحت السيطرة. خصوصاً أنه يبدأ بالقول «اخضعوا بعضكم لبعض بتقوى المسيح».

في الواقع، النقطة المحورية للنص هي إرادة بولس بأن يكتشف الأزواج المسيحيين أنهم صورة المسيح والكنيسة. لا شك، العلاقة بين المسيح والكنيسة غير متساوية، فالمسيح هو الذي يعطي الحياة والخلاص للناس الذين يؤلفون كنيسته. كلام بولس الرسول لا يعني اعتبار عدم المساواة أمر طبيعي، بل أن اتحاد الرجل والمرأة هو صورة محبة المسيح للبشرية. وهكذا، فإن الأزمة التي يجب أن يعبر بها الأزواج المسيحيين هي الانتقال من الحب البشري البحت إلى الحب البشري المأخوذ في حياة الإيمان.

سوف يدرك الأزواج المسيحيين دعوتهم الزوجية فقط بقدر ما يصبحوا، الواحد للآخر، صورة المسيح، أي من خلال محبتهم لشريكهم كما أحبنا المسيح. وهذا ممكن فقط من خلال التخلي عن الطريقة البشرية الحصرية للحب من أجل الانفتاح على الحب الذي وضعه الروح القدس في قلوبنا.

فالروح هو الذي يمنحنا أن نعرف كيف نحب في الحقيقة، أي أن نعطي أنفسنا دون تحفظ ونرحب بالآخرين دون قيد أو شرط. في عبارة «أنا أحبك/كِ» بين الزوجين، في رغبتنا في الحب، يوجد بالفعل حضور غامض لله الذي يؤسس حبنا البشري في حبه الإلهي. وهذا هو السبب الأساسي في إيمان الكنيسة بإمكانية الحب الزوجي الفريد، الأمين والمثمر على صورة الله ذاته.

عندما يتبادل الزوجان بعضهما البعض، عندما يغفر أحدهما للآخر، حتى عندما يسلم كل منهما ذاته للآخر جسديًا، لم يعد حبهم مجرد حبهم، بل هو عمل الله والمشاركة في حب الله. لأنه في يسوع المسيح، كلمنا الله، وغفر لنا، وأسلم نفسه لنا كعريس للبشرية. فهناك تشابه حقيقي بين حياة يسوع والحب الزوجي. هذا هو السبب في أن الزوجين هما سر المسيح والكنيسة، لأن الحب الزوجي في كماله يبرز محبة المسيح لكل إنسان، لا من خلال الخطابات، بل في الحياة اليومية.

إذا لم يتم العبور نحو طريق الحب الذي يدفع لعطاء الذات، فسيكون الزوجين قادرين على القول لبعضهما البعض، مثل المسيح في إنجيل اليوم: «هل تريد/تريدين أيضًا أن تتركني/تتركيني؟». فالأزمة تسمح للأزواج، بطرح السؤال الأساسي: «بأي حب تحبني؟/تحبيني». بهذه الطريقة يدرك كل واحد منهم بعمقه ما ناله من الله، أو ما لا يريد أن يحصل عليه.

أمام عبثية أكل جسد المسيح، العبثية من وجهة نظر الإنسان للحب الذي يقودنا إلى عطاء أنفسنا بالكامل، يسأل يسوع سؤال الأمانة حتى ينخرط التلاميذ في حرية تامة في طريق عطاء الذات. للدخول من جديد في هذا الطريق، يجب أن نكتشف حقيقة اجابة القديس بطرس ليسوع: «يا رب، إلى من نذهب؟ وكلام الحياة الأبدية عندك». للدخول والاستمرار في طريق الحب، يجب أن نكتشف أن هذا الطريق هو بالنسبة لنا الطريق الحقيقي لملء الحياة. في النهاية، ما يبدو لنا أنه صعب هو طريق تعلم الحب الحقيقي.

فإذا رفضنا الدخول، سنكون أكبر الخاسرين لعدم اكتشافنا لعظمة وعمق الحب الحقيقي. ولكن كيف نعرف أنه يمكننا المشاركة في حب المسيح؟ نحن جميعًا بعيدين جدًا للوصول إليه بمفردنا. يقول يسوع في إنجيل اليوم: أنا من اخترتك وأثبتك في حب الله هذا.

إذن، لسنا نحن الذين اخترنا المشاركة في محبة الله، لكننا نكتشف عطية الله فينا، القدرة التي فينا على الحب والمحبة. فالأزمات لا تسلط الضوء على استحالة الحب، بل على الأصل الإلهي للحب. وعندما يصبح الحب صعب، يجب أن نلجأ إلى يسوع، «إلى من نذهب، وكلام الحياة الأبدية عندك!»

SHARE