الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 21 تشرين الثاني 2021. موعظة عيد المسيح ملك الكون

2021-Nov-22 | عظات | 177

دا 7، 13 – 14              رؤ 1، 5 – 8          يو 18، 33 - 37

فعادَ بيلاطُس إِلى دارِ الحُكومة، ثُمَّ دَعا يسوعَ وقالَ له: «أَأَنتَ مَلِكُ اليَهود؟» جابَ يسوع: «أَمِن عِندِكَ تَقولُ هذا أَم قالَه لَكَ فِيَّ آخَرون؟ أَجابَ بيلاطُس: «أَتُراني يَهودِيًّا؟ إِنَّ أُمَّتَكَ والأَحبارَ أَسلَموكَ إِلَيَّ. ماذا فَعَلتَ؟ »أَجابَ يسوع: «لَيسَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم. لَو كانَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم لَدافعَ عَنِّي حَرَسي لِكي لا أُسلَمَ إِلى اليَهود. ولكِنَّ مَملَكَتي لَيسَت مِن ههُنا». فقالَ له بيلاطُس: «إِذَن فأَنتَ مَلِك!» أَجابَ يسوع: «هوَ ما تَقول، فإِنِّي مَلِك. وأَنا ما وُلِدتُ وأَتَيتُ العالَم إِلاَّ لأَشهَدَ لِلحَقّ. فكُلُّ مَن كانَ مِنَ الحَقّ يُصْغي إِلى صَوتي». 

الموعظة

إذا طلبت منكم تسمية ملك، فسوف تبحثون في ذكرياتكم عن دروس التاريخ: ستجدون عدداً لا بأس به على مسار التاريخ: ملك السعودية، ملك الأردن، الملك لويس، الملكة اليزابيت وغيرهم، بلا شك. كلهم يسودون على إقليم معين: هم ملك السعودية، ملك فرنسا، الأردن، إنجلترا، الخ. نحتفل اليوم بالمسيح ملك الكون. فالكون شيء كبير، ضخم جداً.

هذا يعني أن يسوع لا يملك على أرض محددة يجب الدفاع عنها وحمايتها، لأن الكون ليس الأرض فقط، بل هو كل العالم المخلوق. ليس فقط العالم المادي الذي نستكشفه باستخدام التلسكوبات والأقمار الصناعية، ولكن أيضًا العالم غير المادي الذي يفلت من حواسنا: «هو صُورَةُ اللهِ الَّذي لا يُرى وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة ففيه خُلِقَ كُلُّ شيَء مِمَّا في السَّمَواتِ ومِمَّا في الأَرْض ما يُرى وما لا يُرى أَأَصْحابَ عَرْشٍ كانوا أَم سِيادَةٍ أَم رِئاسةٍ أَم سُلْطان كُلُّ شيَءٍ خُلِقَ بِه ولَه. هو قَبْلَ كُلِّ شيَء وبِه قِوامُ كُلِّ شيَء» (كول 1، 15-17).

لذلك، فإن مُلكه لا يرتبط بإقليم كما يقول: «مملكتي ليست من هذا العالم» (يو 18، 36). بالنسبة للملك، الأهم ليست أرضه، بل رعاياه. نفس الأشخاص الذين يعيشون في هذه الأرض والذين يمثلهم. دوره هو حمايتهم والعناية بهم ومنحهم كل ما يحتاجون إليه. يجب أن يكون الملك الحقيقي قادرًا على الموت من أجل رعاياه. يؤكد يسوع هذا: «الراعي الصالح يبذل نفسه في سبيل خرافه» (يو 10، 11).

إذا أخذ يسوع صورة الراعي هذه، فهي إشارة إلى الملك داود الذي كان راعياً صغيراً اختاره الله ملكاً على شعبه. يأخذ يسوع صورة الراعي هذه لأنه قاد قطيعه، ويقودهم إلى مراعٍ جديدة خصبة، ويعرف كل من خرافه، ويعتني بها، ويشفي المريضة، ويذهب للبحث عن الضالة. هنا إذن هو الملك الحقيقي للكون، الشخص الذي يبذل حياته من أجل رعاياه، ولهذا فإن عرشه هو الصليب، أداة موت سوف تتحول إلى أداة حياة.

هذا ما يحدث في الإنجيل. هذا السارق الذي يُدعى اللص الصالح بعد أن أدرك الشر الذي فعله، يتعرف على ملك يسوع: «أذكرني يا يسوع إذا ما جئت في ملكوتك» (لو 23، 42). هذه المملكة ليست في المستقبل البعيد بل لليوم: «الحق أقول لك ستكون اليوم معي في الفردوس» (لوقا 23، 43).

إن دخول ملكوت الله، أن نصبح «من رعايا» هذا الملك القادر على أن يبذل حياته من أجلنا بدافع الحب، يعني الدخول في علاقة شخصية وحميمة معه: ستكون معي. هذه العلاقة الحميمة، هذا القرب، هذه الشركة هي التي تُظهر هذه الملكية: «ملكوت الله في وسطكم» (لوقا 17، 21). بمعنى آخر، ملكوت الله موجود بالفعل، فهو لا يتوافق مع منطقة معينة.

يسود الله على قلوبنا فقط. لذلك علينا أن نفتحها لمحبة الله لندخل ملكوته. «هاءَنَذَا واقِفٌ على البابِ أَقرَعُه، فإِن سَمِعَ أَحَدٌ صَوتي وفَتَحَ الباب، دَخَلتُ إِلَيه وتَعَشَّيتُ معه وتَعَشَّى معي» (راجع رؤيا 3، 20). «إذا أَحَبَّني أَحَد حَفِظَ كلامي فأحَبَّه أَبي ونأتي إِلَيه فنَجعَلُ لَنا عِندَه مُقاماً» (يو 14، 23). في ملكوت الله، لا يستطيع المرء أن يحكم إلا من خلال المحبة. هذا الروح هو الحب الذي نرحب به لكي نتعلم أن نحب مثل المسيح نفسه.

لن نكون بعد الآن عبيدًا لتقلبات المشاعر البشرية، بل سنصبح أسياد الحب. سنعرف كيف نتعرف على المسيح في هذا الإنسان المريض الفقير المحتضر، في هذا الرجل المسجون، في هذا الشخص المُعاق، أو في هذا الآخر الذي ربما تزعجنا رائحته. لذلك فهي طريقة حياة تجعل رعايا الله، منذ اليوم، على غرار يسوع المسيح. فيه أصبح الملكوت متاحًا للجميع. هذه هي بشرى ملكوت الله التي جاء يسوع ليعلنها (لوقا 4، 43؛ 8، 1). أنتم شهود عليها بكلامكم وحياتكم. فالدخول في ملكوت الله هو تغيير نظرتكم، وأن تصبحوا «من رعايا» من يعلمنا أن نحب في الحقيقة حتى نهاية حياتنا وما بعد الموت.

SHARE