الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 5كانون الأول 2021. موعظة الأحد الثاني من زمن التهيئة للميلاد

2021-Dec-05 | عظات | 330

باروك 5، 1-9        فيل 1، 4-11     لو 3، 1-6

 

«في السَّنَةِ الخامِسَةَ عَشْرَةَ مِن حُكْمِ القَيصَرِ طيباريوس، إِذ كانَ بُنطِيوس بيلاطُس حاكِمَ اليَهوديّة، وهيرودُس أَميرَ الرُّبعِ على الـجَليل، وفيلِبُّس أَخوهُ أَميرَ الرُّبعِ على ناحِيَةِ إِيطورِيَةَ وطَراخونيطِس، وليسانياس أَميرَ الرُّبعِ على أَبيلينة، وحَنَّانُ وقَيافا عَظيمَي الكَهَنَة، كانت كَلِمَةُ اللهِ إلى يوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا في البَرِّيَّة فَجاءَ إِلى ناحَيةِ الأُردُنِّ كُلِّها، يُنادي بِمَعمودِيَّةِ تَوبَةٍ لِغُفرانِ الخَطايا، على ما كُتِبَ في سِفرِ أَقْوالِ النَّبِيِّ أَشعْيا: «صَوتُ مُنادٍ في البرِّيَّة أعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَهُ قَويمَة. كُلُّ وادٍ يُردَم وكُلُّ جَبَلٍ وتَلٍّ يُخفَض والطُّرُقُ الـمُنعَرِجَةُ تُقَوَّم والوَعْرَةُ تُسَهَّل وكُلُّ بَشَرٍ يَرى خَلاصَ الله"»

الموعظة

«ماذا علينا أن نفعل؟»  تسأل الجموع التي تنال معمودية يوحنا. «ماذا علينا أن نفعل؟»، سؤال يعبر عن انبعاث فرح الذين يرون، أخيرًا، طريقًا تُفتح أمامهم. نحن أمام أشخاص أصبحوا متاحين، ومستعدين للتشمير عن سواعدهم، وفخورين وسعداء لبدء حياتهم بشكل مختلف. فالفرح يغير كل شيء. أو بالأحرى، الفرح هو علامة على أن كل شيء قد تغير.

أخيرًا هناك مَخرَج يقدم نفسه، أخيرًا نعلم أن هناك أشياء يجب القيام بها، وربما لن يكون الأمر سهلاً ولكن حان الوقت للقيام بذلك. نحن ملتزمون في الاتجاه الصحيح. متعة الانطلاق، فرحة تذوق المستقبل الذي يلوح في الأفق.

ولكن، علينا أن نكون حذرين ... نحن نعلم أن الحماس قد يتلاشى، إنه مشتبه به إلى حد ما! نعلم أنه ليست كل الدوافع لها مصدرها في الفرح الحقيقي، وغالبًا ما تكون مختلطة، مزيج من الثقة والخوف، مزيج من الشراكة السعيدة والانغلاق على الذات. يبقى السؤال: متى يكون الفرح المثالي؟ متى يأتي هذا الفرح الأكيد، هذه الديناميكية المليئة بالحيوية والحكمة، هل سيكون مصدر هذا الدافع هو الله؟ من إذن سوف يعطينا طعم سر الفرح الأصلي حقًا؟

لا يدعي يوحنا المعمدان هذا الادعاء. مهمته عظيمة وهائلة، لكنه سيبقى على العتبة إن صح التعبير. إنه يغمر الناس في مياه نهر الأردن، بمعنى آخر، يغرقهم في تاريخهم وفيما حصلوا عليه بالفعل. كما أن الدخول في الماء والخروج منه هو التذكر بأن الله أعطانا الحياة. والنزول إلى نهر الأردن يعني أن نتذكر أنه بعد السير في الصحراء أتى بنا الله هنا إلى أرض الميعاد.

أخيرًا، الحصول على معمودية يوحنا، يعني الالتزام بالعيش وفقًا لشريعة الله، والاستماع إلى كلمته بشكل أفضل؟ هذا هو رد يوحنا المعمدان. تريدون أن تعرفوا ماذا تفعلون؟ احفظوا وصايا الله وعيشوا باستحقاق وأمانة فهذا يكفي. أيها الجنود، امنعوا أنفسكم من أي نهب أو عنف. أيها القضاة، امنعوا أنفسكم من أي محاباة أو ظلم. كونوا بشر، كونوا رجالا ونساء حسب شريعة الله، وهذا يكفي.

هنا تنتهي مهمة يوحنا المعمدان آخر الأنبياء. يقول الإنجيل «كان الشعب ينتظر». بالتأكيد، لكن هذا لا يكفي بالنسبة لهم. «كانوا يتساءلون في أنفسهم فيما إذا كان يوحنا هو المسيح». فالعالم ينتظر مجيء المسيح. فأن نعيش بشكل إنساني محترمين شريعة الله، أمر جيد! ولكن هذا لا يكفي لملء فرحنا. بقدر ما نذهب في البِر والعدل، بقوتنا البشرية، لن نذهب إلى أبعد ما نطمح إليه. ولن نذهب إلى نهاية ما تدل عليه ولادة الفرح فينا.

لا، لن نصل إلى النهاية أبدًا، لأننا سنواجه دائمًا حدودنا ونواجه الموت في النهاية. من سيفتح لنا طريقا حتى من خلال الموت؟ من سيخبرنا أن حماسنا يمكن أن يبدأ بدون خوف، بأمل وبتخيل أنه لا يوجد شيء يجب أن يتوقف، ولا حتى احتمال الموت المؤكد؟ لذلك ينحني يوحنا المعمدان أمام المسيح الآتي. لقد اختبر شعب الله حتى الآن أشياء عظيمة، لكنهم لم يروا ذلك حتى النهاية.

عبروا البحر الأحمر وكان على اليابسة. نجوا من الموت ولم يعبروه. دخلوا أرض الميعاد على نهر الأردن، ولكن على الحصى دون أن تبلل أقدامهم. هذا هو جديد يسوع: هو نفسه ستبتلعه مياه الموت، لكنه سيقوم حياً، وتصير مياه الموت مصدر حياة، فيض النار والروح الذي هو حياة. مَن غير مسيح الله، المرسل، الوحيد، يمكنه أن يثق إلى أقصى الحدود، ويحب إلى أقصى الحدود، ويثق بأن محبته تأتي من الله وأن الحياة ستكون أقوى؟

«سوف يعمدكم بالروح القدس والنار». بعد ذلك ستبدأ حياة جديدة لن تكون مجرد الطاعة التي لا غنى عنها لشريعة الله والحكمة البشرية. من الآن فصاعدا سنعيش بالروح والنار. سنصبح تلاميذ ليسوع القادم، وستلهمنا حميميته، والروح الذي يحيه سيحملنا، وسنجد أن الحياة تقودنا إلى ما هو أبعد من حدودنا.

سوف نكتشف في حياتنا خصوبة تفيض فينا، لا تأتي منا بل من الحياة. أن نولد من جديد في مياه المعمودية يعني الدخول في حياة كريمة ومرنة وواثقة؛ إنه الانضمام إلى نشيد مريم، لتذوق الفرح الجديد لأولئك الذين يعيشون تحت إرشاد الروح القدس. هذه هي الإنسانية المتجددة، إنسانية كل منا، التي يجب أن تبدأ في الولادة في يوم عيد الميلاد. سوف تولد بتكتم شديد، بسيطة ومتواضعة.

نأمل أن تنمو وتتطور شيئًا فشيئًا، ومحترمة في كل واحد منا. وجوه الأطفال ستذكرنا بها، من جيل إلى جيل. سيذكرنا الأطفال بأننا خلقنا من أجل الفرح. سيقولون لنا مرة أخرى أننا لسنا مخلوقين للسيطرة والتملك، والبناء والسيطرة، ولكن بالأحرى لأن نرحب بالحياة، ونحب من كل قلوبنا، ونحني أنفسنا للروح «الذي هو الرب مُعطي الحياة».

SHARE