الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 19 كانون الأول 2021. موعظة الأحد الرابع من زمن التهيئة

2021-Dec-19 | عظات | 368

ميخا 5، 1 – 4    عب 10، 5 – 10       لو 1، 39 - 45

 

عندما تلتقي امرأتان تكونان في عالمهما، عالم المستقبل المُعلن فيهم. الآخرون لا وجود لهم، بما فيهم أزواجهم. دخلت مريم بيت زكريا وسلمت على أليصابات. لم توجه كلمة، ولا تحية لهذا الرجل الفقير زكريا. أما يوسف فلم يتم ذكره حتى، كأنه غاب عن أذهان المرأتين. في الواقع، هذان الرجلان بالكاد لامعين: زكريا، تحت تأثير الانفعال وعدم الإيمان، وقع في الصمت عندما اكتشف أن زوجته حامل ويوسف، حسب الإنجيلي متى، كاد يتخلص خوفاً من مريم خطيبته الحامل على حين غرة.

هاتان المرأتان تعيشان كلية حملهما، في نوع من التسرع وحتى الإثارة. مريم، بمجرد أن علمت أنها حامل ـــــ عندما كشف لها الملاك ذلك ـــــ قامت، مسرعة إلى منطقة جبل يهوذا. لدى وصولها، دون أن ترى حتى زكريا المسكين، سلمت على أليصابات نسيبتها. هذه الأخيرة، بمجرد أن تسمع سلام مريم، تطلق صرخة مدوية وتنطلق في إعلان نبوي جليل. إذن، في هذا اللقاء هناك الكثير من التسرع والحيوية، الكثير من الحماس.

ولكن لقائهما ليس لقاء امرأتين للحديث عن مشاكل الحمل أو اللباس. إنه أكثر من ذلك بكثير. في الواقع، تم ذكر شخصيات أخرى في هذه القصة. قصة من الواضح أنه ليس لها طابع تاريخي بل هي بالأحرى وأكثر عمقًا ثمرة تأمل الإنجيلي لوقا وجماعته المسيحية. هذه القصة هي، بحد ذاتها، إنجيل، بشرى سارة. هذه القصة هي كشف، رؤية بالمعنى الصحيح: إنها تكشف لنا الحقيقة المخفية عن أحشاء المرأتين وتفتحنا على حقيقة الله.

في حشا أليصابات، «يرتكض الجنين» لدى سماعه تحية مريم، انه «يقفز فرحاً». يبدو الأمر كما لو أن من سيكون المعمدان يرى قادمًا بالفعل من سيعلنه على ضفاف نهر الأردن، والذي أعلنته والدته على الفور: «ربي»، يسوع المسيح الذي هو بالفعل، استباق جريء، على ضوء الفصح. طفلان في الرجاء، طفلان في طور الإعداد. واحد سيُدعى يوحنا، مما يعني «الله يعطي نعمة» والآخر يسوع، أي «الله يخلص». بعبارة أخرى، نحن نتلقى في هذين الطفلين كشف الله. فهو ليس العلي القدير يُعبَد في هيكل القدس ويُحتَفل به بطقوس وتضحيات معقدة.

ليس هو الذي يعطي قانونه المحدد في 613 وصية ملزمة. إنه من يعطي نعمة ويخلص. في هذا الأحد الرابع من زمن المجيء، هناك بالفعل بشرى الميلاد السارة مسبقًا. بشرى خلاص الله. لم يعد علينا الخوف أو الانغماس في قلقنا أو ذنبنا. لم يعد علينا أن «نتذكر مراراً» خطايانا، ونعيش بلا انقطاع مرارة أفعالنا الماضية.

لم يعد علينا التلذذ بطريقة غير صحية إلى حد ما في وجه تقصيرنا، في نقاط ضعفنا، في قيودنا. لقد أُعلن لنا من خلال حمل المرأتين الحاملتين بأن الله الذي يعطينا مغفرته، ويخلصنا، هو الذي يعطي النعمة ويجدد حياتنا. منذ اليوم، اللاإنساني الذي يترقبنا مثل فريسته أصبح هراء. والوادي الذي نخاطر بالانزلاق فيه والذي يسحرنا خواءه أحيانًا ويمتصنا الدوار يظهر على حقيقته: بدون مخرج. سبق وأعلن إشعياء النبي بأن كل وادٍ يُردم.

هذين الطفلين القادمين يكشفان لنا الحياة، ويشيران إلى المستقبل، ويدخلانا في المستقبل. هذا المستقبل هو بالأحرى الحاضر. بمعنيي كلمة الحاضر. انه هدية، عطية يعطيها الله لمن ينفتح عليه، لكل من يستقبله. حاضر أي اليوم. تشير أليصابات إلى مريم على أنها آمنت بتحقيق ما قيل لها من قبل الرب. فالذي تم إنجازه في حاضرنا، في يومنا هذا، هو كل أمل وانتظار استمر عبر قرون من الكتاب المقدس.

إنه ليس أمل بعالم آخر بل أمل بعالم مختلف. مع هذين الطفلين «الله يعطي نعمة» و «الله يخلص»، ندخل في عالم مختلف، في حياة جديدة، كما قال الرسول بولس لاحقًا. ستقولون لي: أنت تحلم! تأخذ رغباتك على أنها حقيقة. ما زلنا في عالم لاإنساني، وما زلنا متورطين في لا إنسانيتنا الشخصية والخاصة. ما زلنا أسرى جدران هذا المنزل والمزيد من جدراننا الداخلية.

هذا صحيح، ونحن جميعًا هناك، أنا وأنتم. الله يعطي نعمة… لكننا لسنا كرماء جدا، على ما يبدو. الله يخلص…لكننا نواجه باستمرار خطر الانتكاس إلى الهوس والموت. قد لا نؤمن بما فيه الكفاية أو لا نؤمن على الإطلاق بمن يحيي ويملأ المرأتين أليصابات ومريم: الروح القدس الذي، بحسب ملاك البشارة، حلَّ على مريم ويملأ أليصابات اليوم.

روح الله هذا لن يصنع المعجزة في حياتنا: لا داعي للحلم. انه لن يغير، بعصا سحرية، حياتنا المملة جدا وأحيانًا مؤلمة جدًا في مسيرتها نحو النور. لا يمكننا أن نؤمن كالأطفال: إنه ليس بابا نويل. المطلوب منا هو بدون شك قبول الدخول في هذا الروح، في ديناميكية الحياة والأمل، ضد كل شيء، وضد أنفسنا. المطلوب منا هو أن نفعل مثل مريم: النهوض والانطلاق بسرعة، حتى لو اضطررنا لعبور المناطق الجبلية.

ربما آنذاك سوف نكتشف، مثل المرأتين، الفرح والسعادة التي يقترحها الله نفسه. هكذا، تكون هذه الكلمة، هذه الطوبى: «طوبى لمن آمنت بما قيل لها من عند الرب»، هي لنا.

 

SHARE