الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 5 حزيران 2022. موعظة أحد العنصرة

2022-Jun-05 | عظات | 255

أع 2، 1 – 11       رو 8، 8 – 17      يو 14، 15 – 26  

 

«في ذَلِكَ الزّمان، وقَبلَ أن يَنتَقِلَ يَسوعُ مِن هذا العالَم، قالَ لِتلاميذِه: «إِذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي. وَأَنا أَسأَلُ الآب، فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّدًا آخَرَ يَكونُ معَكم لِلأَبَد. إذا أَحَبَّني أَحَد، حَفِظَ كلامي، فأحَبَّهُ أَبي، ونأتي إِلَيه فنَجعَلُ لَنا عِندَه مُقامًا. ومَن لا يُحِبُّني لا يَحفَظُ كَلامي. والكَلِمَةُ الَّتي تَسمَعونَها لَيسَت كَلِمَتي بل كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أَرسَلَني. قُلتُ لَكُم هذه الأَشياءَ وأَنا مُقيمٌ عِندكم ولكِنَّ المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم»

الموعظة

إنجيل اليوم هو جزء من خطاب الوداع ليسوع. والموضوع الرئيسي لهذا الخطاب هو "ذهاب" يسوع: " لَستُ باقِياً مَعَكُم إِلاَّ وَقْتاً قليلاً... وحَيثُ أَنا ذاهِب لا تَستَطيعونَ أَن تَأتوا" (يو 13، 33). ذهاب يسوع إلى الآب يحمل أيضًا في داخله معنى ذهابنا وخروجنا الجماعي، مسيرتنا الوجودية ومسيرة إيماننا في هذا العالم.

من خلال متابعة المسيح والاستماع إليه في هذه المسيرة، نتعلم أن نعيش فيه وله ومعه ومثله. في هذا السياق تم إدخال الآيات الأربع من إنجيل اليوم والتي يتحدث فيها يسوع عن الروح المعزي. من أجل تعزية تلاميذه وتلاميذ اليوم الذين يسلكون طريق نور يعبر بالصليب، يعد المسيح بالروح القدس، الروح "المعزي" أي المحامي، المدافع عنا.

إنه إلى جانب كل تلميذ حتى يحتفظ بذكر المعلم بأمانة ولكي يكون لديه فهم عميق لكلمته فضلا عن الشجاعة العنيدة ليكون شاهدا له. يخبرنا يسوع في الآيات الأربع من إنجيل اليوم ما هي شروط استقبال الروح: أن نحبه، ونصغي إلى كلمته ونحفظ وصاياه. إذا كانت هذه الشروط الثلاثة مفقودة، فلا يوجد انفتاح على الروح وعمله فينا.

يمكن تلخيص هذه الشروط الثلاثة في شرط واحد: تخلي كامل، كما تقول الأم تريزا. فعلى مثال العذراء، نحن مدعوين لنعطي أنفسنا بالكامل لله. فأن يبذل الإنسان نفسه لله يعني أن يبذل نفسه للحب الذي يجعل حياتنا مثمرة وسعيدة. على عطية أنفسنا التي نقدمها له، يستجيب الآب بإعطائنا المعزي. فالآب هو المعطي: كل شيء يأتي إلينا منه ولا من أحد غيره.

القراءة الثانية للقداس التي سمعناها من رسالة القديس بولس إلى أهل رومة، تقول لنا بأن هبة الله هي روح الحرية، لأنها تحررنا من عبودية الجسد، أي من الأنانية. فالروح يحول، رغبة الإنسان: يحول رغبة الأنانية، إلى رغبة المحبة، وهبة الذات. ولكن، عندما نظل سجناء أنانيتنا ـــ الجسد ـــ يصبح قانون الحب ـــ قانون الله ـــــ عبء وعبودية.

فالروح يقدس «رغبة» الإنسان، فيصبح قانون المحبة رغبته، ما يسعى من أجله: الحياة والحق والمحبة. الروح القدس يحررنا من خلال تحويلنا من الداخل، لدرجة أنه يجدد علاقتنا مع الله: لم نعد عبيداً، بل ابناء. وعندما يقول القديس بولس أننا أبناء الله "بالتبني"، لا يعني التقليل من نسب البنوة عن طريق اختزالها إلى شيء خارجي وقانوني، ولكن للتذكير بمجانيتها.

القديس أوريجانوس، أحد آباء الكنيسة يقول " الله هو هاوية أبوة". عندما يتمرد الابن على هذه الأبوة بإنكارها، وقمعها بالابتعاد عن بيت الأب وهدر المال الذي يحصل عليه قبل الميراث، فالآب لا يكتفي بردة فعل غير غاضبة، ردة فعله تشهد لقلب رقيق. الله أب صالح يرحب بالابن الضال التائب ويحتضنه، ويعطي مجانًا لمن يسأل، وهو يقدم الخبز من السماء والماء الحي اللذان يعطيان الحياة الأبدية.

أبوة الله محبة لانهائية. فالمحبوب هو بيت من يحبه. لقد كنا دائمًا في الله الذي يحبنا بمحبة أبدية وأبوية.

يلخص البابا فرنسيس ذلك بطريقة عميقة ووجودية: "الروح القدس هو المصدر الذي لا ينضب لحياة الله فينا. يرغب الإنسان، في كل وقت وفي كل مكان، في حياة جميلة وكاملة وعادلة وجيدة، حياة لا يهددها الموت ولكنها تنضج وتنمو إلى كمالها. الإنسان مثل الحاج، الذي يجتاز صحاري الحياة، متعطشًا للعيش، ويتدفق إلى المياه العذبة، قادرًا على إخماد رغبته العميقة في النور والحب والجمال والسلام.

كلنا نشعر بهذه الرغبة! ويسوع يعطينا هذا الماء الحي: الروح القدس هو من خرج من الآب والذي يسكبه يسوع في قلوبنا. "لقد أتيت لكي تكون لهم الحياة وتفيض فيهم" (يو 10، 10).

 

 

 

SHARE