موعظة يوم الأحد 1 كانون الثاني 2023. موعظة يوم أحد مريم العذراء أم الله
عد 6، 22 – 27 غلا 4، 4 – 7 لو 2، 16 – 21
«وجاؤوا مُسرعين، فوَجَدوا مريمَ ويوسُفَ والطِّفلَ مُضجَعاً في الـمِذوَد. ولَـمَّا رَأَوا ذلكَ جعَلوا يُخبِرونَ بِما قيلَ لَهم في ذلك الطِّفْل. فَجَميعُ الَّذين سَمِعوا الرُّعاةَ تَعَجَّبوا مِمَّا قالوا لَهم كانَت مَريمُ تَحفَظُ جَميعَ هذهِ الأُمور، وتَتَأَمَّلُها في قَلبِها. ورَجَعَ الرُّعاةُ وهم يُمَجِّدونَ الله ويُسَبِّحونَه على كُلِّ ما سَمِعوا ورَأَوا كَما قيلَ لَهم. ولَـمَّا انقَضَت ثَمانِيَةُ أَيَّامٍ فحانَ لِلطِّفْلِ أَن يُختَن، سُمِّيَ يسوع، كما سَمَّاهُ الـمَلاكُ قَبلَ أَن يُحبَلَ بِـه»
الموعظة
في الفصل الأول من سفر التكوين، ومنذ السطور الأولى من الكتاب المقدس، يعطي الله لنفسه طفلًا لأنه يوجد الإنسان «على صورته ومثاله»، وهو تعبير مخصص للإنجاب ومتكرر فيما يتعلق بميلاد الابن الأول لآدم وحواء (تك 5، 1 - 3). ولكن لا يمكن للإنسان أن يشبه الله إن لم يكن هذا التشابه حراً، لأن الله حر. على حرية الله الخالق تجيب حرية الإنسان في استقباله لذاته على أنه مخلوق.
سيكرر لنا الكتاب المقدس بمجمله هذا الأمر من خلال تتابع حياة بشرية معينة. عندما نقول لأنفسنا «أبناء بالتبني»، علينا أن نضع علامات الاقتباس والفروق الدقيقة: نحن لا نأتي من مكان آخر غير الله لكي يستقبلنا لاحقاً كأبناء. لقد جئنا منه ولكن هذا يمر عبر حريته. نحن أنفسنا، علينا أن نتبنى الأطفال الذين ننجبهم، وهؤلاء الأطفال بدورهم، في يوم أو آخر عليهم «تبني» والديهم.
نجد كل هذا، في آن معا، موحى به وقد بلغ إلى «إتمامه»، في ما حدث لمريم. إنها تُظهر ما يحدث للبشرية جمعاء ولكل واحد منا: من خلال الوجود واختيار الوجود للنهاية، فإننا نأتي بالله إلى العالم لأننا نقبل أن نعطيه صورة ومثال. عندما نحتفل بأمومة مريم، نحتفل بأبوتنا وأمومتنا الخاصة، التي من خلالها نكون «مثل الله»، والتي يمكن أن تتخذ أيضًا أشكالًا مختلفة.
مع مريم، تمت الأزمنة، وفيها يتحقق، بطريقة كاملة، «ابن الإنسان» المُتمم، وهو في نفس الوقت «ابن الله». وهكذا تلخص مريم مصير البشرية جمعاء وتوضحها. وهكذا، تقودنا إلى نهاية التاريخ، هذه الغاية موجودة بالفعل وفاعلة في كل «آنياتنا». بالتأكيد، من حقنا أن نضع مريم «جانبا» وأن نحتفظ لها بمكانة فريدة، ولكن هذا تحديدًا لأنها تحقق كمال الدعوة البشرية.
فيها يُنطق بنعم الإنسانية الزوجية لإدخال صورة الله ومثاله إلى العالم دون دافع خفي ودون تحفظ. رسالة بولس إلى أهل قولسي تقول أن يسوع هو «صورة الله الذي لا يُرى»، رؤيته (1، 15). أكرر: هذا لا يمكن أن يحدث بدون ترحيب الإنسان بكلمة نعم التي تمثلها مريم، وتلخصها، وتقودها إلى كمالها. هكذا تأتي إلى العالم الصورة التامة والمثال التام الذي دُعينا إليها جميعًا، ونحن في الطريق نحوها.
بالطبع، انفتاح أنفسنا الذي من خلاله نعطي الله صورة أرضية يجد حقيقته الكاملة في ساعة موتنا، عندما يتعين علينا أن نكرر ونعيش مرة أخرى خذوا فكلوا، هذا هو جسدي للعشاء الأخير. إن هذه الصيغة، التي غالبًا ما نعطيها معنى ذبائحي، يمكن أن تأخذ معنى زوجيًا، هبة الذات، هبة اللحم والدم التي يمكن تطبيقها على الهبة المتبادلة بين الرجل والمرأة.
أليس هناك في كل حب تضحية؟ إن تجسد الابن، عبور الله إلى الحالة البشرية، وبالتالي ما وعدت به ولادته، يجد اكتماله عند الصليب: هناك، في الواقع، ينضم الله إلى الحالة البشرية بقدر ما يمكن أن تذهب بعيداً وانحطاطاً. كل شيء مأ خوذ على عاتقه، كل شيء يتم إنجازه. ليس من المستغرب أن نجد في إنجيل يوحنا، مريم عند أقدام الصليب. هناك أصبحت والدة التلميذ، والدة كل ابن لرجل. ليس من قبيل المصادفة أن أول صورة لدينا عن ابن الله هي صورة طفل يقدم في مذود.