الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 14 أيار 2023. موعظة الأحد السادس من الزمن الفصحي

2023-May-14 | عظات | 193

أع 8، 5 – 17   1 بط 3، 15 – 18    يو 14، 15 – 21  

 

«إذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي. وَأَنا سأَسأَلُ الآب، فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّداً آخَرَ  يَكونُ معَكم لِلأَبَد رُوحَ الحَقِّ الَّذي لا يَستَطيعُ العالَمُ أَن يَتَلَقَّاه لأَنَّه لا يَراه ولا يَعرِفُه. أَمَّ أَنتُم فتَعلَمون أَنَّه يُقيمُ عِندكم ويَكونُ فيكم. لن أَدَعَكم يَتامى، فإِنِّي أَرجعُ إِلَيكم. بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم أَمَّا أَنتُم فسَتَرونَني لأَنِّي حَيٌّ ولأنَّكُم أَنتُم أَيضاً سَتَحيَون. إِنَّكم في ذلك اليَومِ تَعرِفونَ أَنِّي في أَبي وأَنَّكم فِيَّ وأَنِّي فِيكُم. مَن تَلَقَّى وَصايايَ وحَفِظَها فذاكَ الَّذي يُحِبُّني والَّذي يُحِبُّني يُحِبُّه أَبي وأَنا أَيضاً أُحِبُّه فأُظهِرُ لَهُ نَفْسي»

 

الموعظة

خطاب يسوع الذي سمعناه اليوم هو جزء من خطابه بعد العشاء الأخير، حيث يتوجه يسوع لتلاميذه في ليلة آلامه وموته، في ليلة مغادرته العالم قبل أن يظهر، من جديد حيّاً، في صباح الفصح. ولكن هذه الكلمات الأخيرة ليسوع تأخذ أيضاً معنى جديد بالنسبة لنا في هذا الزمن، زمن الفصح. إنها تهيئ للزمن المُدشّن من خلال ذهاب آخر للمسيح، ليس ذهاب الموت، بل صعوده الذي سنحتفل به قريباً.

بما أنه لن يعود مرئياً بين خاصته، يعلن لتلاميذه بأنه لن «يتركهم يتامى»: «وَأَنا سأَسأَلُ الآب، فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّداً آخَرَ يَكونُ معَكم لِلأَبَد رُوحَ الحَقِّ»، هذا الروح الذي سنحتفل قريباً أيضاً بمجيئه في يوم العنصرة. «معزي آخر»، أو أيضاً «محامي آخر»، كما لو أنَّ المستفيدين من هذا الروح عليهم أن يكونوا في موقف المتهمين.

هذا يعود لكون الجيل المسيحي الأول اختبر رفض وعدم استقبال شهادته، وأحياناً تصطدم بالتناقض. وهذا الأمر تذكرنا به القراءة الثانية حيث يحث بطرس المسيحيين: «كونوا دائماً مستعدين لأن تردوا على من يطلب منكم دليل ما أنتم عليه من الرجاء». ولكن ما يعلنه يسوع، هو أن الروح سيُعطى بالتحديد لهؤلاء المسيحيين كالمعزي أو كالمحامي، كالذي يعطيهم في كل لحظة القوة للصمود، كمسيحيين، حتى في محنة التناقض.

هذا المعزي لديه شيء فريد: لن يقف كرجل إلى جانب رجل آخر، كما نرى المحامي يدافع عن المتهم. فيسوع يقول لتلاميذه بأن روح الحق هذا يقيم إلى جانبهم وهو فيهم. أي نحن هنا أمام حضور حميمي، في قلب التلميذ، لا بل أكثر، إذ يضيف يسوع: «في ذلك اليوم تعرفون إنيّ في أبي وأنّكم فيَّ وأنيّ فيكم».

هذا يعني إذن أن الروح يُدخل التلاميذ، وبالتالي، نحن، في العلاقة الحميمة بين الآب والابن، في اتحادهم وحبّهم، يدخلهم في قلب الثالوث. إذن وعد يسوع للتلاميذ هو أنه سيكون، بالروح، حاضر فيهم كما كان حاضراً خلال وجوده الأرضي. هذا هو الوعد الذي سيتحقق في يوم العنصرة. وهذا واضح بما أن التلاميذ والرسل بإمكانهم أن يقوموا بأعمال يسوع مع أنه غير مرئي بينهم.

وهذا ما تقوله لنا القراءة الأولى عن رسالة فيلبس في السامرة: «كانت الأرواح النجسة تخرج من الممسوسين، وهي تصرخ صراخا شديداً. وشفي كثير من المقعدين والكسحان، فعمّ تلك المدينة فرح عظيم». كيف يمكن لفيلبس أن يُكرّر أعمال يسوع نفسها، فيشفي المقعدين ويحرر الممسوسين، لو لم يكن هو نفسه مسكون من الروح أو، لو لم يكن المسيح، بالروح نفسه، حاضر فيه كليّة؟

كما أنه لم يكن كافياً للسامريين بأن يكونوا من المستفيدين من هذه العطاءات ويعمّدوا، فكان لا بد لبطرس وليوحنا أن يأتوا بأنفسهم ويضعوا الأيدي عليهم ويستقبلوا بدورهم الروح القدس، لأن جميع المعمّدين موعودين بالروح. ولكن ذلك لن يمنع المسيحيين من أن يتعرضوا لكل أنواع المحن.

ونحن أيضاً قد نكون في حالات حيث يصطدم إيماننا بالتناقض: اليوم كالبارحة، مع أن المسيح لم يعد مرئي بيننا، هناك معزي آخر مُعطى لنا في روح الحق. كما يمكننا التعرض لمحنة المرض أو الألم أو رؤية عزيز علينا يغادرنا؛ في هذه الحالات لسنا وحدنا؛ فالمسيح حاضر بروحه الذي يريحنا ويقوينا ويحي فينا شعلة الرجاء ويجعلنا نحبّ بالحقيقة.

 

 

 

 

SHARE