موعظة يوم الأحد 21 أيار 2023. موعظة الأحد السابع من الزمن الفصحي
أع 1، 12 – 14 1 بط 4، 13 – 16 يو 17، 1 – 11
«قالَ يسوعُ هذهِ الأَشياء، ثُمَّ رَفَعَ عَينَيهِ نَحوَ السَّماءِ وقال: "يا أَبتِ، قد أَتَتِ السَّاعة: مَجِّدِ ابنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابنُكَ بِما أَولَيتَهُ مِن سُلطانٍ على جَميعِ البَشَر لِيَهَبَ الحَياةَ الأَبَدِيَّةَ لِجَميعِ الَّذينَ وهبتَهم له. والحَياةُ الأَبدِيَّة هي أَن يَعرِفوكَ أَنت الإِلهَ الحَقَّ وحدَكَ ويَعرِفوا الَّذي أَرسَلتَه، يَسوعَ المَسيح. إِنِّي مَجَّدتُكَ في الأَرض فأَتمَمتُ العَمَلَ الَّذي وَكَلتَ إِلَيَّ أَن أَعمَلَه فمَجِّدْني الآنَ عِندَكَ يا أَبتِ بِمَا كانَ لي مِنَ المَجدِ عِندَكَ قَبلَ أَن يَكونَ العالَم. أَظهَرتُ اسمَكَ لِلنَّاسِ الَّذينَ وَهَبتَهُم لي مِن بَينِ العالَم. كانوا لَكَ فَوهبتَهُم لي وقَد حَفِظوا كَلِمَتَكَ وعَرفوا الآنَ أَنَّ جَميعَ ما وَهَبتَه لي هو مِن عِندِكَ وأنَّ الكلامَ الَّذي بَلَّغَتنيه بَلَّغتُهم إِيَّاه فقَبِلوه وعَرَفوا حَقاً أَنِّي مِن لَدُنكَ خَرَجت وآمنوا بِأَنكَ أَنتَ أَرسَلتَني. إِنِّي أَدعو لَهم ولا أَدعو لِلعالَم بل لِمنَ وَهبتَهم لي لأَنَّهم لَكَ. وجَميعُ ما هو لي فهو لَكَ وما هو لَكَ فهو لي وقَد مُجِّدتُ فيهِم. لَستُ بَعدَ اليَومِ في العالَم وَأَمَّا هُم فلا يَزالونَ في العالَم وأَنا ذاهِبٌ إِليكَ. يا أَبَتِ القُدُّوس اِحفَظْهم بِاسمِكَ الَّذي وَهَبتَه لي لِيَكونوا واحِداً كما نَحنُ واحِد».
الموعظة
في هذه الأوقات جميعنا نشعر بشيء من اليأس وفقدان الرجاء. نختبر كل يوم خيبات الأمل من العلاقات مع الآخرين، خيبات أمل مدمرة. نرغب في المغادرة: لم يعد بإمكاننا تحمل صور الحروب على شاشاتنا. كل هذا يمكن أن يثقل كاهلنا، ويمكن أن يحزننا ويسلب كل متعة الحياة. نشعر بالسوء، وسوء الفهم، والضياع، والتخلي، والوحدة وفقدان الفائدة. ويسوع يقول لنا أنه يصلي من أجلنا.
عبارة قد لا تعني لنا شيئاً، كما أنه يمكنها أن تمسنا بالعمق لأنها تصف بالضبط الموقف الذي نحن فيه: لسنا بحاجة إلى نصيحة «سيكون الأمر على ما يرام... الله يفرجها». نحتاج إلى التفاهم والتعاطف والقرب والحب والصلاة. هذه العبارة «أصلي من أجلكم» تأخذنا على محمل الجد، وتبحث عنا حيث نكون، وتخلق التقارب وتريحنا. لا يسعنا إلا أن نقول: شكرًا، لا توجد كلمات أخرى ضرورية: شكرًا لك يا يسوع.
مكاننا في هذا العالم. وهذا بالضبط ما يفعله يسوع في إنجيل اليوم: «لا أَسأَلُكَ أَن تُخرِجَهُم مِنَ العالَم بل أن تحفظهم من الشرير». لا يصلي يسوع للآب ليحفظ التلاميذ من كل صعوبة وثقل وأن يسحبهم من العالم، لا، إنه يصلي إلى الآب ليحفظهم ويحميهم. فالإيمان ليس رحلة تقية حيث نتخلى عن هذا العالم القاسي لأننا نحلم بعالم رائع آخر. هذا هو مكان الحب لدينا. هذا هو مكان رسالتنا. هذا هو المكان الذي نحتاج إليه.
لا يمكننا اختيار عصرنا. الآن هو وقتنا، الآن هو ساعة حياتنا. لا يمكننا حل المشاكل التي تنشأ. فنحن نخلق بعض المشاكل بأنفسنا، ونواجه مشاكل أخرى. لا يهدف الإيمان أن ينصرف المسيحيين عن هذا العالم ومشاكله. ولا إلى تخليصنا من كل الصعوبات والمخاوف. إنه يساعدنا لنقاوم ونبقى في وسط هذا العالم. لا وجود للمحنة بعبورنا إلى جانب العالم، بل فقط في وسط العالم.
نحن مدعوين للبقاء في وسط هذا العالم، ليس فقط لتحمل الصعوبات والمشاكل، ولكن للعمل على تغيير هذا العالم لأنفسنا وللآخرين: بالصبر والمثابرة والقوة. يتعلق الأمر بقبول خيبات الأمل دون اليأس؛ للمضي قدما برجاء لا يتزعزع، هذا هو المهم. مع العلم أننا لسنا وحدنا لأن يسوع والآخرين يصلون من أجلنا. من خلال صلاة الآخرين لم تعد الصعوبات تسيطر علينا لأنني نعلم أن الله يحمينا ويرافقنا «قم واحمل فراشك وامشي».
وهذا يمنحنا مساحة لإيجاد حلول جديدة حيث لم نعد نرى أيًا منها. صلى يسوع إلى أبيه وسلم إليه جميع تلاميذه، ولكن أيضًا كل الذين يؤمنون به. من خلال هذه الصلاة، يعبر يسوع عن ثقته في أبيه ومحبته لنا. وإذا لجأنا إلى الله، يكون الأمر كذلك: نحن نثق به. وهذه الثقة هي شكل من أشكال الحب تجاهه. لقد عهد الله إلينا بالعالم كله، كل الخليقة، لأنه يحبنا.
يمكننا أن نعبر عن محبتنا له بالصلاة التي نوجهها إليه، ونعهد إليه بكل احتياجاتنا وآلامنا وأفراحنا وصعوباتنا. الدعاء من أجل شخص ما هو شكل من أشكال الحب تجاه هذا الشخص وتجاه الله. بفضل الصلاة يمنحنا الله قوته: لنا نحنا الذين نصلي ولمن نصلي من أجلهم. صلاة يسوع هذه من أجل تلاميذه ومن أجلنا جميعًا هي آخر عمل له قبل أيام من آلامه؛ إنها بمثابة الوصية التي يتركها لنا: صلاته من أجل أحبائه، لأنه يحبنا.
نعم، مكاننا هنا في هذا العالم! دعونا نتوكل على الله ــــ لنؤمن أنه قادر على مساعدتنا ودعمنا! الصلاة قوة عظيمة وهي تعطي قوة! الصلاة هي خدمة حب لله وللآخرين. من خلال الصلاة نحن تلاميذ ليسوع باتباع مثاله.