الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 11 حزيران 2023. موعطة أحد جسد ودم المسيح

2023-Jun-11 | عظات | 288

تث 8، 2 – 3. 14 – 16   1قور 10، 16 – 17    يو 6، 51 – 58  

 

«أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبزِ يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي سأُعْطيه أَنا هو جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم. فخاصَمَ اليَهودُ بَعضُهم بَعضاً وقالوا: كَيفَ يَستَطيعُ هذا أَن يُعطِيَنا جسدَه لِنأكُلَه ؟ فقالَ لَهم يسوع: الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِذا لم تَأكُلوا جَسدَ ابنِ الإِنسانِ وتَشرَبوا دَمَه فلَن تَكونَ فيكُمُ الحَياة. مَن أَكل جَسَدي وشرِبَ دَمي فلَه الحَياةُ الأَبدِيَّة وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير. لأَنَّ جَسَدي طَعامٌ حَقّ وَدمي شَرابٌ حَقّ مَن أَكَلَ جَسدي وشَرِبَ دَمي ثَبَتَ فِيَّ وثَبَتُّ فيه. وكما أَنَّ الآبَ الحَيَّ أَرسَلَني وأَنِّي أَحْيا بِالآب فكَذلِكَ الَّذي يأكُلُني سيَحْيا بي. هُوَذا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِن السَّماء غَيرُ الَّذي أَكلَهُ آباؤُكُم ثُمَّ ماتوا. مَن يأكُلْ هذا الخُبْز يَحيَ لِلأَبَد».

الموعظة

سؤال يفرض ذاته: بماذا نحتفل اليوم؟ هل نحتفل بشيء غريب أو عجائبي؟ ليس بالأمر الأكيد. فنحن لسنا بيوم خميس الأسرار وإنجيل اليوم لا يرسلنا إليه أبداً. نحن في يوم عادي جداً من أيام يسوع التاريخي. يسوع في الجليل. يتكلم، يعمل ويعلم ويشفي. ويتكلم عن ملكوت الله أي يعطي معنى للحياة. يعطي بوصلة للجموع التي كانت، على مثال جموع نص اليوم، كخراف لا راعي لها.

وكان يشفي من هم بحاجة للشفاء، وللذين كانت لهم الجرأة للسير، يعطيهم الإيمان بأن الله قادر على أن يعمل من خلاله، من خلال يسوع، وكانوا يجرؤون ويأتون إليه بدون خجل ولا خوف. يسوع يتكلم ويعمل بطريقته الخاصة، العطوفة. هذا الأمر يشكل يوم من أيام يسوع. ولكن، إذا فكرنا عن كثب، نرى بأن يوم كل واحد وواحدة منّا شبيه بيوم يسوع. فنحن نتكلم ونعمل والبعض منا يعلِّم.

يوماً بعد يوم، نصرف وقتنا وقوانا، دمنا وطاقاتنا، لكي نعطي الحياة للآخرين. الأهل يناضلون من أجل أبنائهم، والأبناء أنفسهم يعتنون بأهلهم عندما يشيخون. الأطباء يعالجون، والأساتذة يدرسون، والمزارعون يزرعون. نمضي وقتنا مع أصدقاءنا ونشجع بعضنا بعضاً. نصغي لبعضنا ونحاول المساعدة. في النهاية نجد فرحنا في عطاء ذاتنا.

وكما يقول بولس الرسول لشيوخ كنيسة أفسس: «السَّعادَةُ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ» (أع 20، 35). إنجيل يوحنا الذي سمعنا منه رواية اليوم، يضع الخطاب على خبز الحياة ضمن يوميات يسوع في الجليل، وأثناء العشاء الأخير، لا يروي لنا سوى غسل الأرجل. يدفعنا لتثبيت نظرنا لا على ما يمكنه أن يبدو كعمل خارق أثناء العشاء الأخير.

إنه يلفت نظرنا إلى أن يسوع، في الجليل كان خبز القربان، كان قد سبق وبذل ذاته، كان خبزاً، وكان يعطي ذاته يوماً بعد يوم لتلاميذه، وما وراءهم للجموع التي كانت تأتي إليه. يسوع كان إفخارستيا منذ الجليل. مع رواية تكسير الخبز، إنجيل لوقا يعطينا الدرس عينه: ليس فقط يسوع يجعل من ذاته خبزاً لأجلنا.

نحن أيضاً كل واحد وواحدة منّا، مدعوين لنكون خبزاً! أنتم المتزوجون، ألستم خبزاً الواحد من أجل الآخر؟ ألم تقولوا بطريقة ما يوم زواجكما: هذا هو جسدي، خذه وكله. والأهل ألا يقومون بنفس الشيء؟  ألا يعطوا حياتهم كخبز لأبنائهم؟ نعم، اليوم، نحتفل بكشف يسوع لطبيعتنا العميقة، لما نحن إليه مخلوقين، أي أن نكون خبزاً، أن نكون غذاءً لبعضنا البعض. الله هو خبزنا وخلقنا لنكون، بدورنا، خبز لبعضنا البعض.

عندما يقول يسوع في الإنجيل أثناء تكسير الخبز «أعطوهم أنتم ما يأكلون». علينا أن نفهم حرفياً: أعطوا ذاتكم غذاءً لأخوتكم. هناك أنواع كثيرة من الغذاء وأنواع كثيرة من الخبز. وكلها تغذي! في الحقيقة، اليوم، نحتفل بشيء غير اعتيادي، نحتفل في الوقت نفسه بطبيعة الله وطبيعتنا: نحن كائنات صنعنا من أجل العطاء ومن أجل الفرح. وبالتالي يمكننا القول بأن الخطيئة تكمن في البحث عن الفرح خارجاً عن العطاء.

فالموضوع هو أن يكون كل إنسان، أياّ كان عمره، خبزاً لقريبه. فلنستقبل الآن بالشكر والامتنان الخبز اليومي والمدهش، الفريد والمتواضع معاً، الذي يجعلنا نصبح بدورنا الخبز اليومي لقريبنا.

 

 

 

SHARE