الكلمة

المقالات

تصفح المقالات حسب التصنيفات الرئيسية في الموقع، بما فيها عظات قداديس أيام الآحاد على مدار السنة

العظات، يحتوي على عظات قداس الأحد على مدار السنة

موعظة يوم الأحد 21 تموز 2024. موعظة الأحد السادس عشر من الزمن العادي

2024-Jul-21 | عظات | 181

إر 23، 1 – 6     أف 2، 13 – 18     مر 6، 30 – 34 

 

«واجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا. فقالَ لهم: "تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلاً". لأَنَّ القادِمينَ والذَّاهِبينَ كانوا كَثيرينَ حَتَّى لم تَكُنْ لَهم فُرصَةٌ لِتَناوُلِ الطَّعام. فمَضَوا في السَّفينَةِ إِلى مَكانٍ قَفرٍ يَعتَزِلونَ فيه. فرآهُمُ النَّاسُ ذاهبين، وعَرَفهُم كثيرٌ مِنهُم، فأَسرَعوا سَيراً على الأَقدامِ مِن جَميعِ المُدُن وسبَقوهم إِلى ذلك المَكان. فلَمَّا نَزَلَ إِلى البَرّ رأَى جَمعاً كثيراً، فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ علَيهم».

الموعظة

إن إحدى المشاكل الأساسية في الكتاب المقدس هي الانقسام، نتيجة خطيئة الإنسان. الخطيئة، إذ تحول الاختلاف المثمر (اختلاف الجنس، العرق، النفسية، الخ.) عن هدفه، تحوله إلى عداء. الانقسام موجود في كل الكتاب المقدس، وأحياناً يفاجئنا تعبيره العنيف. تقسيم الإخوة الأعداء على أساس الحسد (قابيل وهابيل، عيسو ويعقوب، يوسف وإخوته...). هذا الانقسام، هو شقاء وتعاسة الإنسان، يأخذ شكل الصراع بين شعب العهد القديم ومصر، وعلى نطاق أوسع، بينه وبين الأمم.

عندما يعطي الله شريعة لإسرائيل، فإنه يجعلهم شعبًا خاصًا به، وبالتالي يسلط الضوء على الانقسام الأساسي. يصف الكتاب المقدس الطريق الذي يؤدي إلى نهاية الانقسام، عندما تُبارك جميع أمم الأرض بعضها البعض باسم «نسل إبراهيم» ــــ وبولس يفسر: نسل بصيغة المفرد، أي المسيح «ويَتَبارَكُ بِنَسلِكَ جَميعُ أُمَمِ الأَرض، لِأَنَّكَ سَمِعتَ قَولي» (تك 18:22)، «فمَواعِدُ اللهِ قد وُجِّهَت إِلى إِبراهيمَ «وإِلى نَسْلِه»، ولَم يَقُلْ: «وإِلى أَنْسالِه» (غل 3، 16). وهذا هو الإطار العام لإنجيل اليوم.

بالنظر عن كثب، يتحدث بولس عن مصالحتين، يُعبَّر عنهما بالانتقال من البعد (أنتم الذين كنتم أباعد) إلى القرب (صرتم أقارب). المصالحة الأولى هي مصالحة الشعبين. هنا يتحدون في جسد واحد، ويشكلون معًا الإنسان الجديد. هذا الإنسان الجديد، المولود من لقاء الإخوة الأعداء، هو الذي يستطيع أن يقترب إلى الله وهذه هي المصالحة الثانية. ورسالة اليوم تقول أن المصالحة بين الشعبين تسبق الاقتراب من الله. ويتوافق ذلك مع معنى عبارة «اغفر لنا كما نحن نغفر» التي تتكرر في الأناجيل عدة مرات بصيغ مختلفة.

في الواقع، لكي يكون الإنسان على صورة الله، «يقترب من الآب»، عليه أن يكون واحدًا كما أن الآب واحد. شعب، جسد، إنسان جديد (مفرد). ولكننا هنا نواجه صعوبة: إذا أردنا أن نقترب من الله، علينا أن نتصالح ونغفر، وما إلى ذلك، وبالتالي، نجعل الخلاص، واكتمال البشرية، متوقفًا على جهودنا في المصالحة. فهل نحن من نخلص أنفسنا أم الله من يخلصها؟ وهنا يأتي دور «المسيح سلامنا» كما تقول رسالة اليوم.

هذه الوحدة، التي هي شرط أساسي للاقتراب من الله، هي الله نفسه الذي خلقها في المسيح. كيف ذلك؟ لقد صلب المسيح «الجسد». ف «الجسد» هو كل ما يقاوم الروح الذي هو روح الوحدة (الآية 18). «الجسد»، بالمعنى الفيزيولوجي البحت، أي الشهوات والنزوات، الخ. هو الرغبة في فرض الذات، والبقاء على قيد الحياة بأي ثمن، على حساب الآخرين؛ إنه عدم الثقة في الحب؛ إنه الرغبة في الانتقام، والإرادة في العقاب. وأخيراً الكراهية والحقد.

لقد قضى المسيح على كل هذا بمجرد موافقته على الموت من أجل الجميع: فهو ينبذ الانتقام، والسيادة، وما إلى ذلك. باختصار، كل ما يفرق الناس يُصلب هنا على الصليب. «وهو أيضًا يبطل الشريعة بأوامرها وأحكامها». لقد كُذبت الشريعة بصفتها تدين المذنب، وهنا، أي على الصليب، يُدان ويُقتل غير المذنب، البريء. فالله، المسيح، تخلى عن العدالة. علاوة على ذلك، فإن شريعته، شريعة العهد، هي التي جعلت إسرائيل أمة «قريبة» وبالتالي عارضتها مع الوثنيين الذين كانوا «بعيدين».

فموت المسيح يُقرِّب أولاً اليهودي والوثني لأنهما اتفقا على صلبه مخالفين الشريعة. ويقول بولس: «مُغلق على الجميع في الخطيئة لكي تُعطى النعمة للجميع». اليهود والوثنيون يحتقرون الشريعة افتراضيًا، أما المسيح فيهملها بإفراط: يتجاوز الشريعة بمحبة اليهودي والوثني معًا. إنها ولادة «الجسد الواحد». ما قيل حتى الآن يمكن أن يعطينا انطباعًا بوجود مصالحة قام بها المسيح تلقائيًا. الأمر ليس كذلك. لقد أمات المسيح «في جسده» كل مبادئ الانقسام.

وبالتالي، بقدر ما نقبل ونستقبل ما يعنيه صليبه، انتصار المحبة على الكراهية مع أنها تبدو ظاهرياً منتصرة، يمكننا أن نقترب من الآب. إنها قوة معطاة لنا ويمكننا أن نمارسها من خلال قتل ما يفرقنا في أنفسنا. وفجأة نصبح نحن «كلانا» إخوة، ويمكننا أن ننظر إلى الله كأب.

SHARE