موعظة يوم الأحد 27 تموز 2025. موعظة الأحد السابع عشر من الزمن العادي
تك 18، 20 – 32 كول 2، 12 – 14 لو 11، 1 – 13
«في ذلِكَ الزَّمان: كانَ يسوع يُصلِّي في بَعضِ الأَماكِن، فلَمَّا فَرَغَ قالَ لَه أَحَدُ تَلاميذِه: «يا ربّ، عَلِّمنا أَن نُصَلِّيَ كَما عَلَّمَ يوحنَّا تَلاميذَه». فقالَ لَهم: «إِذا صَلَّيتُم فَقولوا: أَيُّها الآب لِيُقَدَّسِ اسمُكَ لِيأتِ مَلَكوتُكَ. ارزُقْنا خُبزَنا كَفافَ يَومِنا وأَعْفِنا مِن خَطايانا فإِنَّنا نُعْفي نَحنُ أَيضًا كُلَّ مَن لنا عليه. ولا تُعَرِّضْنا لِلَّتجرِبَة». وقالَ لَهم: «مَن مِنكم يَكونُ لَه صَديقٌ فيَمْضي إِلَيه عِندَ نِصفِ اللَّيل، ويَقولُ له: يا أَخي، أَقرِضني ثَلاثَةَ أَرغِفَة، فقَد قَدِمَ عَلَيَّ صَديقٌ مِن سَفَر، ولَيسَ عِندي ما أُقَدِّمُ لَه، فيُجيبُ ذاك مِنَ الدَّاخلِ: لا تُزعِجْني، فالبابُ مُقفَلٌ وأَولادي معي في الفِراش، فلا يُمكِنُني أَن أَقومَ فأُعطِيَكَ. أقولُ لَكم: وإِن لم يَقُمْ ويُعطِه لِكونِه صَديقَه، فإِنَّه يَنهَضُ لِلَجاجَتِه، ويُعطيهِ كُلَّ ما يَحتاجُ إِلَيه. وإِنَّي أَقولُ لَكم: «اِسأَلوا تُعطَوا، اُطلُبوا تَجِدوا، اِقرَعوا يُفتَحْ لَكم. لأَنَّ كُلَّ مَن يَسأَلْ يَنَلْ، ومَن يَطلُبُ يَجِد، ومَن يَقرَعُ يُفتَحُ له. فأَيُّ أَبٍ مِنكُم إِذا سأَلَه ابنُه سَمَكَةً أَعطاهُ بَدَلَ السَّمَكَةِ حَيَّة؟ أَو سَأَلَهُ بَيضَةً أَعطاهُ عَقرَبًا؟ فإِذا كُنتُم أَنتُمُ الأَشرارَ تَعرِفونَ أَن تُعطوا العَطايا الصَّالِحَةَ لأَبنائِكم، فما أَولى أَباكُمُ السَّماوِيَّ بِأَن يهَبَ الرُّوحَ القُدُسَ لِلَّذينَ يسأَلونَه»
الموعظة
صلاة إبراهيم لخلاص سدوم وعمورة قصيرة بعض الشيء: يتوقف تفاوضه عند وجود عشرة صالحين في المنطقة لتبرير عفو الله. لماذا لا نذهب إلى أبعد؟ تبقى هذه «الرواية» مفتوحة على احتمالية تكملة. هل إبراهيم أفضل من الله، وأقرب إلى الشفقة، وأسرع في الغفران؟ أعتقد أننا بحاجة إلى قلب السؤال. الله هو الذي يريد، في نهاية المطاف، إنقاذ المدينتين؛ ولكنه، إن جاز التعبير، يحتاج إلى أن يجد في البشرية صدىً لحبه، صورةً ومثالاً لإحسانه.
ومع ذلك، يتوقف إبراهيم عند عشرة صالحين، لا شك لأنه لا يؤمن إيمانًا كاملاً بملء الحب الإلهي. سيتطلب الأمر رواية أخرى، في نهاية الكتاب، لنتعلم أن بارًا واحدًا يكفي، ليس فقط لمدينتين، بل للبشرية جمعاء. هذا البار، بالمناسبة، سيكون الله نفسه، يمنحنا مجاناً وجوده وعدله. لا شك أن المدينتين ستُخلَّصان في النهاية، إذ يقول يسوع إنه في يوم القيامة، ستُعامل المدن التي رفضت إعلان الملكوت معاملةً أشدَّ قسوةً من سدوم وعمورة (متى ١٠، ١٥).
وهكذا، ستُستجاب صلاة إبراهيم بما يفوق توقّعه، بفضل وجود عشرة أبرار، حتى وإن لم يكن الخلاص متعارضًا مع الهلاك: أليس هذا ما حدث للمسيح في فصحه؟ كلنا نعلم جيدًا أننا نستطيع أن نبحث دون أن نجد، ونسأل دون أن ننال، ونطرق الباب دون أن يُفتح. تبدو «السماء» فارغة، ويبدو الله أصم. هذا لأننا، كما سيقول أصحاب العقول السليمة، لا نطلب بإيمان كافٍ. بالتأكيد، إيماننا غالبًا لا يكون كاملًا؛ فهو لا يبلغ غالبًا حجم حبة خردل.
هذا لم يمنع يسوع من سماع صلاة من عرف نقص إيمانه «آمنتُ، فشَدِّدْ إِيمانيَ الضَّعيف!» (مر 9، 14-29). لا تُحصى المرات التي عاتب فيها يسوع تلاميذه على نقص إيمانهم. باختصار، ليس ضعف إيماننا هو ما يُفسر صمت الله. من الواضح أن يسوع نفسه يعلم أننا لا ننال دائمًا، نادرًا، ما نطلبه. دون أن ننسى بأن صلاته من أجل أن يُبعد عنه كأس الآلام لن تُستجاب، وسينتهي به الأمر إلى مخاطبة الآب بكلمات المزمور «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» (مز 22). إذا كان يسوع يُصرّ في إنجيل اليوم على استجابة الله لجميع صلواتنا، فذلك لأن هذا ليس بديهيًا.
في النهاية يقول لنا: بالرغم من المظاهر المعاكسة، فإن الله يسمع صلواتنا دائمًا ويستجيب لها. إنه يُجيبها حتى بما يتجاوز رغباتنا وتوقعاتنا، ولعل هذا «التجاوز» هو ما يُحيّرنا. ذلك لأننا لا نعرف ماذا نطلب، وما هو خيرنا حقًا، ولكن الروح ينقل طلباتنا من خلال تضرعاته التي لا توصف. إبراهيم، كما قيل، لم يُحبّ سكان المدينتين بقدر ما أحبّهما الله. كذلك، يُحبّنا الله أكثر من حبّ الأب لابنه. فحب الأب البشريّ ليس سوى انعكاس لحب مَن تنبع منه كلّ أبوّة.
فإذا طلبنا من الله خبزًا، فلن يُعطينا حجرًا فحسب، بل سيُعطينا أيضًا أكثر من الخبز، أو بالأحرى خبزًا يفوق كلّ ما نُسمّيه خبزًا. في هذا التفوّق تكمن المشكلة التي ذكرناها آنفًا. نحن لا نرغب إلاّ بالخبز، والآن يُجيبنا الله بإعطائنا جسد ابنه. ولكن لماذا يُوصينا بولس إذًا بأن نرفع لله جميع طلباتنا، وجميع احتياجاتنا، وجميع همومنا (مثلًا في فيلبي ٤: ٦ أو تيموثاوس الأولى ٢: ١)؟ لأنّه هنا، في واقع حياتنا، علينا أن نعيش الإيمان ونجد الله. لأنه هنا، في واقع حياتنا، وليس في المجرّد، نحن بحاجة إليه.
لكن يبقى السؤال: كيف يُجيب؟ ليس بحل مشاكلنا وتحويل المواقف الصعبة بالمعجزات، بل بتمكيننا من عيشها بإيمان. لنعد إلى قراءة نهاية إنجيلنا: طلباتنا من خبز وبيض وسمك، وهي مصطلحات ترمز بوضوح إلى جميع احتياجاتنا، يستجيب الله بمنح الروح القدس، أي بعطاء ذاته. بموجب، وهذا صحيح، الاحتياجات التي عبرنا عنها، يجعلنا قادرين على تحملها في الإيمان وجعلها تساهم في الحب الذي هو الوجود الإلهي فينا.
حتى أسوأها: سيُضطر يسوع إلى شرب كأس الحياة، لكن استجابة الله ستكون القيامة إلى حياة أبدية مطلقة.